أَتَى رَجُلَانِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , يَخْتَصِمَانِ فِي غُلَامٍ مِنْ وِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ , يَقُولُ هَذَا : هُوَ ابْنِي , وَيَقُولُ هَذَا : هُوَ ابْنِي . فَدَعَا لَهُمَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَائِفًا مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ , فَسَأَلَهُ عَنِ الْغُلَامِ , فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمُصْطَلِقِيُّ , ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ : وَالَّذِي أَكْرَمَكَ , إِنَّهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا . فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى ضَجَعَ ثُمَّ قَالَ : " وَاللَّهِ , لَقَدْ ذَهَبَ بِكَ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ مَذْهَبٍ " . ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلَامِ فَسَأَلَهَا , فَقَالَتْ : " إِنَّ هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ , قَدْ كَانَ غَلَبَ عَلَيَّ النَّاسُ , حَتَّى وَلَدْتُ لَهُ أَوْلَادًا , ثُمَّ وَقَعَ بِي عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ يَفْعَلُ , فَحَمَلْتُ , فِيمَا أَرَى , فَأَصَابَنِي هِرَاقَةٌ مِنْ دَمٍ , حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ لَا شَيْءَ فِي بَطْنِي , ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْآخَرَ , وَقَعَ بِي , فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ ؟ " . فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ : " اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَاتَّبَعَ أَحَدَهُمَا " . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ : فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لِأَحَدِهِمَا , فَذَهَبَ بِهِ . وَقَالَ عُمَرُ : " قَاتَلَ اللَّهُ أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ "
حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَتَى رَجُلَانِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , يَخْتَصِمَانِ فِي غُلَامٍ مِنْ وِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ , يَقُولُ هَذَا : هُوَ ابْنِي , وَيَقُولُ هَذَا : هُوَ ابْنِي . فَدَعَا لَهُمَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَائِفًا مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ , فَسَأَلَهُ عَنِ الْغُلَامِ , فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمُصْطَلِقِيُّ , ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ : وَالَّذِي أَكْرَمَكَ , إِنَّهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا . فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى ضَجَعَ ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ , لَقَدْ ذَهَبَ بِكَ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ مَذْهَبٍ . ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلَامِ فَسَأَلَهَا , فَقَالَتْ : إِنَّ هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ , قَدْ كَانَ غَلَبَ عَلَيَّ النَّاسُ , حَتَّى وَلَدْتُ لَهُ أَوْلَادًا , ثُمَّ وَقَعَ بِي عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ يَفْعَلُ , فَحَمَلْتُ , فِيمَا أَرَى , فَأَصَابَنِي هِرَاقَةٌ مِنْ دَمٍ , حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ لَا شَيْءَ فِي بَطْنِي , ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْآخَرَ , وَقَعَ بِي , فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ ؟ . فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ : اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَاتَّبَعَ أَحَدَهُمَا . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ : فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لِأَحَدِهِمَا , فَذَهَبَ بِهِ . وَقَالَ عُمَرُ : قَاتَلَ اللَّهُ أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَالُوا : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ حَكَمَ بِالْقَافَةِ , فَقَدْ وَافَقَ مَا تَأَوَّلْنَا فِي حَدِيثِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِي . فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِلْآخَرِينَ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَا قَالُوا , وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ , أَنَّ الْقَائِفَ قَالَ هُوَ مِنْهُمَا جَمِيعًا . فَلَمْ يَجْعَلْهُ عُمَرُ كَذَلِكَ , وَقَالَ لَهُ : وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ عَلَى مَا يَجِبُ فِي صَبِيٍّ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا , كَانَ أَبَاهُ , فَلَمَّا رَدَّ عُمَرُ ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ الصَّبِيِّ الْمُدَّعِي إِذَا ادَّعَاهُ رَجُلَانِ , وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ الْإِمَامِ قَائِفٌ , لَا إِلَى قَوْلِ الْقَائِفِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقَافَةَ لَا يَجِبُ بِقَوْلِهِمْ ثُبُوتُ نَسَبٍ مِنْ أَحَدٍ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ , أَنَّهُ جَعَلَهُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا