عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ ، فَقَالَ : " أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، فَقَالَ : إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ "
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ ، فَقَالَ : أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، فَقَالَ : إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ فَقَالَ قَائِلٌ : لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَافَةِ إِلَّا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، لَكَانَ فِيهِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مَعَ أَهْلِهَا بِهَا عِلْمًا هَذِهِ مَعَانِي أَلْفَاظِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَلْفَاظُنَا أَلْفَاظَهُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّا لَمُ نُنْكِرْ أَنَّ مَعَ أَهْلِ الْقِيَافَةِ بِالْقِيَافَةِ عِلْمًا ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي يُقْطَعُ بِهَا فِيمَا تَذْهَبُ أَنْتَ إِلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ بِهَا فِيهِ مِنَ الْأَنْسَابِ الْمُدَّعَاةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا ، وَإِنَّمَا هِيَ عِنْدَنَا كَعِلْمِ التُّجَّارِ بِالسِّلَعِ الَّتِي يَتَبَايَنُونَ ، وَمَنْ سِوَاهُمْ فِي مَعْرِفَةِ أَجْنَاسِهَا ، وَفِي مَعْرِفَةِ بُلْدَانِهَا ، فَيَقُولُ هَذَا : هِيَ مِنْ بَلَدِ كَذَا ، وَيَقُولُ هَذَا : هِيَ مِنْ بَلَدِ كَذَا ، فَيَخْتَلِفُونَ فِي بُلْدَانِهَا الَّتِي صُنِعَتْ فِيهَا ، وَيَتَبَيَّنُ ذَوُو الْعِلْمِ مِنْهُمْ فِيمَا يَقُولُونَهُ فِي ذَلِكَ بِالْإِضَافَةِ فِيمَا يَقُولُونَهُ فِيهِ ، وَحَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ : هِيَ مِنْ صَنْعَةِ فُلَانٍ ، فَيُصِيبُ بِذَلِكَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ بِهِ حُكْمٌ ، وَلَكِنَّهُ عِلْمٌ يَعْلَمُهُ قَوْمٌ ، وَيَجْهَلُهُ آخَرُونَ فَمِثْلُ ذَلِكَ الْقِيَافَةُ الَّتِي يَتَبَايَنُ النَّاسُ فِيهَا ، فَيَعْلَمُهَا بَعْضُهُمْ وَيَجْهَلُهَا بَعْضُهُمْ ، وَيُضِيفُهَا بَعْضُهُمْ إِلَى صَانِعٍ بِعَيْنِهِ ، كَمَا يُضِيفُ الْقَائِفُ الْوَلَدَ إِلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ ، وَكَمَا كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَحْكُمَ بِالسِّلْعَةِ الْمُدَّعَاةِ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ أَنَّهَا مِنْ عَمَلِ فُلَانٍ أَحَدُ مَنْ يَدَّعِيهَا بِغَيْرِ حُضُورٍ مِنْهُ لِوُقُوعِهِ عَلَى عَمَلِهِ إِيَّاهَا ، فَمِثْلُ ذَلِكَ الْوَلَدِ لَا يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ بِهِ بِقَوْلِ الْقَافَةِ : إِنَّهُ مِنْ نُطْفَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي لَمْ يَرَهْ قَطُّ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إِقْرَارًا بِمَا أَضَافَهُ إِلَيْهِ يَكُونُ مَا يَقُولُهُ فِي ذَلِكَ عِلْمًا يَتَبَيَّنُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا عَلِمَ مَعَهُ بِمِثْلِهِ ، وَيَجُوزُ لِمَنْ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ مِثْلُ ذَلِكَ ، أَوْ مَنْ قَدْ عَلِمَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يُسِرَّ بِهِ ، وَلَا يَكُونُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ ، وَلَا وُجُوبُ الْحُكْمُ بِهِ ، وَلَوْ وَجَبَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا ، لَوَجَبَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي قَفْوِ الْآثَارِ الَّتِي يَتَبَيَّنُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهَا بِمَا يَعْلَمُونَ مِنْهَا ، فَيَكُونُ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ : إِنْ دَخَلْتَ مَوْضِعَ كَذَا الْيَوْمَ ، فَأَنْتَ حُرٌّ ، فَيَدَّعِي الْعَبْدُ بَعْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَيُكَذِّبُهُ مَوْلَاهُ فِي ذَلِكَ ، وَيَشْهَدُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِقَفْوِ الْآثَارِ عَلَى أَثَرِ قَدَمٍ يُرَى فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَنَّهَا قَدَمُ ذَلِكَ الْعَبْدِ أَنْ يَحْكُمُوا بِقَوْلِهِمْ ، وَأَنْ يَعْتِقُوهُ عَلَى مَوْلَاهُ بِذَلِكَ ، أَوْ يَكُونُ مَوْلَاهُ قَالَ لَهُ : إِنْ كُنْتَ دَخَلْتَ هَذِهِ الدَّارَ قَبْلَ قُولِي هَذَا ، فَأَنْتَ حُرٌّ ، فَيَدَّعِي الْعَبْدُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ دَخَلَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، وَيُنْكِرُ ذَلِكَ مَوْلَاهُ ، وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقَافَةِ ، فَيَشْهَدُونَ : أَنَّ هَذِهِ قَدَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ ، وَأَنْ يَعْتِقُوهُ عَلَى مَوْلَاهُ فَمِمَّا قَدْ رُوِيَ مِمَّا كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ قَفْوُ الْآثَارِ