حديث رقم: 2551

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنِي إيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوَازِنَ فَبَيْنَمَا نَحْنُ بِبَطْحَاءَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ فَأَنَاخَهُ , ثُمَّ انْتَزَعَ طَلَقًا مِنْ حَقَبِهِ فَقَيَّدَ بِهِ الْجَمَلَ , ثُمَّ تَقَدَّمَ فَتَغَدَّى مَعَ الْقَوْمِ وَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ ، وَفِينَا ضَعْفَةٌ وَرِقَّةٌ مِنَ الظَّهْرِ , وَبَعْضُنَا مُشَاةٌ ، فَخَرَجَ مُشْتَدًّا فَأَتَى جَمَلَهُ فَأَطْلَقَ قَيْدَهُ , ثُمَّ أَنَاخَهُ فَقَعَدَ عَلَيْهِ فَأَثَارَهُ وَاشْتَدَّ بِهِ الْجَمَلُ , وَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ وَرْقَاءَ ، فَرَأْسُ النَّاقَةِ عِنْدَ وَرِكِ الْجَمَلِ . قَالَ سَلَمَةُ : فَجَذَبْتُ السَّيْفَ حَتَّى كُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ الْجَمَلِ , ثُمَّ تَقَدَّمْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِخِطَامِ الْجَمَلِ فَأَنَخْتُهُ ، فَلَمَّا وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ بِالْأَرْضِ اخْتَرَطْتُ سَيْفِي فَضَرَبْتُ رَأْسَ الرَّجُلِ فَنَدَرَ ، فَجِئْتُ بِالْجَمَلِ أَقُودُهُ عَلَيْهِ رَحْلُهُ وَسِلَاحُهُ ، وَاسْتَقْبَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ ؟ قَالَ : ابْنُ الْأَكْوَعِ ، قَالَ : لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ

حديث رقم: 2552

وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ ، عَنِ ابْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ ، فَجَلَسَ فَتَحَدَّثَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ , ثُمَّ انْسَلَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اطْلُبُوهُ فَاقْتُلُوهُ ، فَسَبَقْتُهُمْ إلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ وَأَخَذْتُ سَلَبَهُ ، فَنَفَّلَنِي إيَّاهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ ؟ قَالُوا : ابْنُ الْأَكْوَعِ ، فَقَالَ : لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ . فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ وَدَخَلَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ أَوْ أَسَرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَلَبُهُ دُونَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنَ النَّاسِ مِمَّنْ لَمْ يَقْتُلْهُ ، كَمَا يَقُولُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْحَرْبِيِّ إذَا دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ دُونَهُمْ ، فَمَرَّةً قَالَا : فِيهِ الْخُمُسُ , وَمَرَّةً قَالَا : لَا خُمُسَ فِيهِ . وَخَالَفَا أَبَا حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : هُوَ لَهُ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مَغْنُومٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ الَّتِي قَدْ صَارَ فِيهَا , وَكَانَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ فِيمَا قَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّكَازِ الْمَوْجُودِ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ ، أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ دُونَ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الْخُمُسِ فَإِنَّهُ فِيهِ لِأَهْلِهِ ; لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَا لَمْ يَكُنْ غَنْمٌ بِافْتِتَاحِ الدَّارِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا غَنِمَهُ , وَأَخَذَهُ حِينَ وَجَدَهُ وَاسْتَحَقَّهُ بِذَلِكَ دُونَ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْخُمُسِ الَّذِي فِيهِ لِأَهْلِهِ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَهُ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ حَدِيثُ سَلَمَةَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِيهِ الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ , وَلَكِنْ تَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَلَمَةَ ; لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ ، كَمَا قَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَبِي طَلْحَةَ فِي سَلَبِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ لَمَّا قَتَلَ مَرْزُبَانَ الزَّأْرَةِ : إنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ الْأَسْلَابَ ، وَإِنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ قَدْ بَلَغَ مَالًا عَظِيمًا , وَلَا أُرَانَا إِلَّا خَامِسِيهِ قَالَ : فَخَمَّسَهُ . وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ لِسَلَمَةَ : فَنَفَّلَنِي يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُ . يُرِيدُ سَلَبَ ذَلِكَ الْقَتِيلِ ، فَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إخْبَارُ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ سَلَبَ ذَلِكَ الْقَتِيلِ لَهُ . فَفِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ إيَّاهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ إلَى الْمَقْتُولِ الَّذِي ذَلِكَ السَّلَبُ سَلَبُهُ , وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي : فَنَفَّلَنِي إيَّاهُ إخْبَارٌ مِنْ سَلَمَةَ بِذَلِكَ , وَلَيْسَ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَفَّلَهُ إيَّاهُ , وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَخْبَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ سَلَبَهُ لَهُ بِقَتْلِهِ إيَّاهُ . فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ سَلَبَهُ وَأَنَّهُ إنْ لَمْ ، يَقْتُلْهُ وَكَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ وُقُوعُ الْإِمْلَاكِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ دُونَ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الْخُمُسِ الْوَاجِبِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِأَهْلِهِ . وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرِّكَازِ الَّذِي قَدْ حَوَتْهُ دَارُ الْإِسْلَامِ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ غَانِمًا لَهُ وَيَكُونُ لَهُ غَيْرُ خُمُسِهِ فَإِنَّهُ لِأَهْلِهِ , وَلَا يَكُونُ كَمَا غَنِمَهُ مُفْتَتِحُو تِلْكَ الْأَرْضِ ; لِأَنَّ أَيْدِيَهُمْ لَمْ تَكُنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ , وَإِنَّمَا الْيَدُ الَّتِي وَصَلَتْ إلَيْهِ هِيَ يَدٌ وَاحِدَةٌ , فَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَرْبِيُّ الْمَأْخُوذُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِنَفْسِهِ وَمَتَاعُهُ لَا يَكُونُ مَغْنُومًا بِالدَّارِ , وَإِنَّمَا يَكُونُ مَغْنُومًا بِالْأَخْذِ , فَيَكُونُ لِآخِذِهِ وَيَكُونُ خُمُسُهُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

حديث رقم: 2553

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحْرِزٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُعْطِيتْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ فِي رَمَضَانَ لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلَهُمْ : خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ , وَتَسْتَغْفِرُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يُفْطِرُوا , وَيُزَيِّنُ اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ ، وَيَقُولُ : يُوشِكُ عِبَادِي الصَّالِحُونَ أَنْ يَلْقَوْا عَنْهُمُ الْمَئُونَةَ وَالْأَذَى , وَيَصِيرُوا إلَيْكِ , وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ , وَلَا يَصِلُونَ فِيهِ إلَى مَا يَصِلُونَ فِي غَيْرِهِ , وَيُغْفَرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ؟ قَالَ : لَا , وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ عَمَلِهِ

حديث رقم: 2554

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الْمُؤَذِّنُ ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ

حديث رقم: 2555

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ : رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ , وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ , وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ , وَلَمْ يُوَفِّهِ أَجْرَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا حَدِيثَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ , وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِجِلَالِهَا وَخِطَامِهَا وَقَالَ : لَا تُعْطِ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا ، وَنَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا . قَالَ : فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ يُعْطِيهِ أَجْرَهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ عَمَلِهِ لِقَوْلِهِ : وَلَا تُعْطِ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا وَذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ عَمَلِهِ , وَنَحْنُ نُعْطِيهِ عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدَنَا . وَفِيمَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا قَدْ وَكَّدَ هَذَا الْمَعْنَى وَكَشَفَهُ , وَأَوْضَحَ لَنَا أَنَّ الْأَجِيرَ إنَّمَا يُعْطَى أَجْرَهُ عَلَى عَمَلِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ عَمَلِهِ ، وَاللَّهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ

حديث رقم: 2556

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ السَّقَطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ : أَنْبَأَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ ، يُدْعَى إلَيْهِ الْأَغْنِيَاءُ وَيُنَحَّى الْفُقَرَاءُ ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ

حديث رقم: 2557

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ ، يُدْعَى إلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَاخْتَلَفَ سُفْيَانُ وَمَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، فَرَوَاهُ سُفْيَانُ كُلَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ كُلَّهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، إِلَّا مَا ذَكَرَهُ فِيهِ فِيمَنْ تَخَلَّفَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ

حديث رقم: 2558

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ قَالَ : سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ مَيْسَرَةَ قَالَ : كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُدْعَى إلَى الطَّعَامِ فَيَذْهَبُ إلَيْهِ وَنَذْهَبُ مَعَهُ ، فَيُنَادِي : شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ ، يُدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا وَيُمْنَعُ مِنْهَا مَنْ يَأْتِيهَا . فَوَافَقَ مَيْمُونُ بْنُ مَيْسَرَةَ فِيمَا رُوِيَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَالِكًا فِيمَا رَوَاهُ عَلَيْهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَخَالَفَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيمَا رَوَاهُ عَلَيْهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى مَعْنَاهُ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَوَجَدْنَا الطَّعَامَ الْمَقْصُودَ بِمَا ذُكِرَ إلَيْهِ فِيهِ هُوَ الْوَلِيمَةُ ، وَكَانَتِ الْوَلِيمَةُ صِنْفًا مِنَ الْأَطْعِمَةِ ; لِأَنَّ فِي الْأَطْعِمَةِ أَصْنَافًا سِوَاهَا نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِي هَذَا الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ . وَهُوَ مَا سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ : كَانَتْ الْعَرَبُ تُسَمِّي الطَّعَامَ الَّذِي يُطْعِمُهُ الرَّجُلُ إذَا وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ طَعَامَ الْخُرْسِ ، وَتُسَمِّي طَعَامَ الْخِتَانِ طَعَامَ الْإِعْذَارِ ، يَقُولُونَ : قَدْ أَعْذَرَ عَلَى وَلَدِهِ ، وَإِذَا بَنَى الرَّجُلُ دَارًا أَوِ اشْتَرَاهَا فَأَطْعَمَ قِيلَ : طَعَامُ الْوَكِيرَةِ ، أَيْ مِنَ الْوَكْرِ ، وَإِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَأَطْعَمَ قِيلَ : طَعَامُ النَّقِيعَةِ . قَالَ : وَأَنْشَدَ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ صَاحِبُ الْأَصْمَعِيِّ : إنَّا لَنَضْرِبُ بِالسُّيُوفِ رُءُوسَهُمْ ضَرْبَ الْقُدَارِ نَقِيعَةَ الْقُدَّامِ قَالَ : وَالْقُدَارُ : الْجَزَّارُ , وَالْقُدَّامُ : الْقَادِمُونَ , يُقَالَ : قَادِمٌ وَقُدَّامُ ، كَمَا يُقَالَ : كَاتِبٌ وَكُتَّابٌ . وَطَعَامُ الْمَأْتَمِ يُقَالُ لَهُ طَعَامُ الْهَضِيمَةِ . قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ : وَأَنْشَدَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْوَائِلِيُّ لِأُمِّ حَكِيمٍ ابْنَةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِأَبِيهَا : كَفَى قَوْمَهُ نَائِبَاتِ الْخُطُوبِ فِي آخِرِ الدَّهْرِ وَالْأَوَّلِ طَعَامُ الْهَضَائِمِ وَالْمَأْدُبَاتِ وَحَمْلٌ عَنِ الْغَارِمِ الْمُثْقَلِ وَطَعَامُ الدَّعْوَةِ طَعَامُ الْمَأْدُبَةِ . قَالَ لِيَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ : وَمَا سَمِعْتُ طَعَامَ الْهَضِيمَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْبَغْدَادِيِّينَ , وَإِنَّمَا سَمِعْتُهُ بِالْبَصْرَةِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَطَعَامُ الْوَلِيمَةِ خِلَافُ هَذِهِ الْأَطْعِمَةِ , وَفِي قَصْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَلَامِ الَّذِي قَصَدَ بِهِ إلَيْهِ فِيهِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ حُكْمُهُ فِي الدُّعَاءِ إلَيْهِ خِلَافُ غَيْرِهِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ الْمُدْعَى إلَيْهَا , وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاكْتَفَى بِذِكْرِ الطَّعَامِ , وَلَمْ يَقْصِدْ إلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ فَيَذْكُرَهُ بِهِ وَيَدَعَ مَا سِوَاهُ مِنْ أَسْمَائِهِ فَلَا يَذْكُرُهَا فَنَظَرْنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ حُكْمُ ذَلِكَ الطَّعَامِ مِنْ حُكْمِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ

حديث رقم: 2559

فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَانَا قَالَا : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ سَلِيطٍ ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : لَمَّا خَطَبَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : : لَا بُدَّ لِلْعُرْسِ مِنْ وَلِيمَةٍ ، قَالَ سَعْدٌ : عَلَيَّ شَاةٌ ، وَقَالَ فُلَانٌ : عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا مِنْ ذُرَةٍ . وَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ شَيْبَةَ ، وَفَهْدًا قَدْ حَدَّثَانَا قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إخْبَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا بُدَّ لِلْعُرْسِ مِنْ وَلِيمَةٍ

حديث رقم: 2560

وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيَّ أَثَرُ صُفْرَةٍ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَزَوَّجْتَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : مَنْ ؟ . قُلْتُ : امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ ، قَالَ : كَمْ سُقْتَ إلَيْهَا ؟ قُلْتُ : زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ ، أَوْ نَوَاةِ ذَهَبٍ ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ

حديث رقم: 2561

وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ , عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَمْ سُقْتَ إلَيْهَا ؟ فَقَالَ : زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ . قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَمَّا تَزَوَّجَ أَنْ يُولِمَ

حديث رقم: 2562

وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ رَجُلٍ أَعْوَرَ مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ لَهُ زُهَيْرٌ . قَالَ قَتَادَةُ : وَيُقَالُ لَهُ مَعْرُوفٌ ، قَالَ هَمَّامٌ : أَيْ يُثْنِي عَلَيْهِ خَيْرًا ، قَالَ قَتَادَةُ : إنْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ زُهَيْرَ بْنَ عُثْمَانَ فَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْوَلِيمَةُ حَقٌّ ، وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ ، وَالثَّالِثُ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إخْبَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْوَلِيمَةَ حَقٌّ ، وَفَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِهَا فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ ، فَجَعَلَهَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مَحْمُودًا عَلَيْهَا أَهْلُهَا ; لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا حَقًّا ، وَجَعَلَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مَعْرُوفًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَصِلُ إلَيْهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مَنْ عَسَى أَنْ لَا يَكُونَ وَصَلَ إلَيْهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِمَّنْ فِي وَصْلِهِ إلَيْهَا مِنَ الثَّوَابِ لِأَهْلِهَا مَا لَهُمْ فِي ذَلِكَ ، وَجَعَلَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ بِخِلَافِ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ جَعَلَهَا رِيَاءً وَسُمْعَةً ; وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ مَنْ دُعِيَ إلَى الْحَقِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ إلَيْهِ , وَأَنَّ مَنْ دُعِيَ إلَى الْمَعْرُوفِ فَلَهُ أَنْ يُجِيبَ إلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ إلَيْهِ , وَأَنَّ مَنْ دُعِيَ إلَى الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ لَا يُجِيبَ إلَيْهِ . وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مِنَ الْأَطْعِمَةِ الَّتِي يُدْعَى إلَيْهَا مَا لِلْمَدْعُوِّ إلَيْهِ أَنْ لَا يَأْتِيَهُ , وَإِنَّ مِنْهَا مَا عَلَى الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ

حديث رقم: 2563

وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَا : أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنَجٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ لِحَقٍّ فَلْيَأْتِهِ ، لِدَعْوَةِ عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ . وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ لِحَقٍّ فَلْيَأْتِهِ ، فَكَانَ الْحَقُّ هُوَ مَا كَانَ حَقًّا عَلَى الدَّاعِي عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْأَوَّلِ , وَكَانَ مَا فِي حَدِيثَيْ مُحَمَّدٍ وَيَزِيدَ هَذَيْنِ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ الْحَقِّ أَنَّهُ لِدَعْوَةِ عُرْسٍ أَوْ نَحْوِهِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ رُوَاةِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ , وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ هَذَا جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ بِغَيْرِ ذِكْرِ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْعُرْسِ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيُّ

حديث رقم: 2564

كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ يَعْنِي ابْنَ شَابُورَ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إذَا دُعِيتُمْ فَأَجِيبُوا . وَمِنْهُمْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ

حديث رقم: 2565

كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَجِيبُوا الدَّعْوَةَ إذَا دُعِيتُمْ لَهَا . وَمِنْهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ

حديث رقم: 2566

كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ائْتُوا الدَّعْوَةَ إذَا دُعِيتُمْ . فَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الدَّعْوَةُ الْمُرَادَةُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ هِيَ الدَّعْوَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ فَتَتَّفِقَ هَذِهِ الْآثَارُ وَلَا تَخْتَلِفَ فَنَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تِلْكَ الدَّعْوَةُ كَمَا ذَكَرْنَا ؟

حديث رقم: 2567

فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا . فَبَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ الَّذِي يَجِبُ إتْيَانُهُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ الَّتِي يُدْعَى إلَيْهَا فِي أَحَادِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذِهِ هِيَ الْوَلِيمَةُ . وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَيْضًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

حديث رقم: 2568

مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ ، فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

حديث رقم: 2569

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إذَا دَعَا أَحَدَكُمْ أَخَاهُ لِطَعَامٍ فَلْيُجِبْ ، فَإِنْ شَاءَ طَعِمَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ . قَالَ : أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ ذَلِكَ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ الطَّعَامُ الْمَذْكُورُ فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ لَا مَا سِوَاهُ مِنْهَا ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا مِثْلُ هَذَا أَيْضًا ، وَحَقِيقَةُ كَلَامٍ لَيْسَ فِي غَيْرِهِ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ

حديث رقم: 2570

وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ : حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَجِيبُوا الدَّاعِيَ ، وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ ، وَلَا تَضْرِبُوا النَّاسَ أَوْ قَالَ الْمُسْلِمِينَ شَكَّ أَبُو غَسَّانَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِإِجَابَةِ الدَّاعِي وَبِقَبُولِ الْهَدِيَّةِ , وَالْمَنْعُ مِنْ رَدِّهَا فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِجَابَةُ , وَهَذَا الْمَمْنُوعُ مِنْ رَدِّهِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ , وَيَكُونُ الْمُدْعَى إلَيْهِ هُوَ خِلَافُ الْوَلِيمَةِ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جِنْسًا غَيْرَ الْجِنْسِ الْآخَرِ , فَيَكُونَ الْمُدْعَى إلَيْهِ هُوَ الْوَلِيمَةُ الْوَاجِبُ إتْيَانُهَا ، وَالْهَدِيَّةُ بِخِلَافِهَا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا .

حديث رقم: 2571

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ قَالَ : هِشَامٌ : وَالصَّلَاةُ الدُّعَاءُ . وَهَذَا الْحَدِيثُ كَمِثْلِهِ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ قَبْلَهُ .

حديث رقم: 2572

وَقَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يَعْنِي الْحَرَّانِيَّ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ كَرِيزٍ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : دُعِيَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ إلَى خِتَانٍ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَ ، وَقَالَ : كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَأْتِي الْخِتَانَ ، وَلَا نُدْعَى إلَيْهِ . قَالَ : فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي كَانُوا يُدْعَوْنَ إلَيْهِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كَانُوا يَأْتُونَهُ عَلَى وُجُوبِ إتْيَانِهِ عَلَيْهِمْ إنَّمَا هُوَ خَاصٌّ مِنَ الْأَطْعِمَةِ لَا عَلَى كُلِّ الْأَطْعِمَةِ , وَلَمَّا كَانَ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ مَأْمُورًا بِهِ كَانَ مَنْ دُعِيَ إلَيْهِ مَأْمُورًا بِإِتْيَانِهِ , وَلَمَّا كَانَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ غَيْرَ مَأْمُورٍ بِهِ , كَانَ غَيْرَ مَأْمُورٍ بِإِتْيَانِهِ .

حديث رقم: 2573

وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْمَعَافِرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ ضَمَّهُمْ وَأَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ مَرْسًى فِي الْبَحْرِ ، فَلَمَّا حَضَرَ غَدَاؤُنَا أَرْسَلْنَا إلَى أَبِي أَيُّوبَ وَإِلَى أَهْلِ مَرْكَبِهِ ، فَقَالَ : دَعَوْتُمُونِي وَأَنَا صَائِمٌ ، وَكَانَ مِنَ الْحَقِّ عَلَيَّ أَنْ أُجِيبَكُمْ ، إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ سِتُّ خِصَالٍ : عَلَيْهِ إذَا دَعَاهُ أَنْ يُجِيبَهُ ، وَإِذَا لَقِيَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ ، وَإِذَا عَطَسَ شَمَّتَهُ ، أَوْ عَطِشَ يَسْقِيَهُ ، الشَّكُّ مِنْ يُونُسَ ، وَإِذَا مَرِضَ أَنْ يَعُودَهُ ، وَإِذَا مَاتَ أَنْ يَحْضُرَهُ ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَ نَصَحَهُ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ أَبِي أَيُّوبَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الدَّعْوَةَ الَّتِي مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ إجَابَتُهُ إلَيْهَا هُوَ مِثْلُ مَا دُعِيَ إلَيْهِ فَأَجَابَ إلَيْهِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَمَا قَدْ ذَكَرَ , وَيَكُونُ الْأَحْسَنُ بِالنَّاسِ إذَا دُعُوا إلَى مِثْلِهِ أَنْ لَا يَتَخَلَّفُوا عَنْهُ , وَيَكُونُ حُضُورُ بَعْضِهِمْ إيَّاهُ مُسْقِطًا لِمَا عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْهُ ، وَيَكُونُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَحْمِلُهَا الْعَامَّةُ عَلَى الْخَاصَّةِ ، كَحُضُورِ الْجَنَائِزِ ، وَكَدَفْنِ الْمَوْتَى ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي أَسْفَارِهِمْ مَعَ إخْوَانِهِمْ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي مُوَاصَلَتِهِمْ ، وَالِانْبِسَاطِ إلَيْهِمْ ، وَالْجُودِ عَلَيْهِمْ ، أَكْثَرَ مِمَّا يَكُونُونَ لَهُمْ عَلَيْهِ فِي خِلَافَ السَّفَرِ ، فَيَكُونُ مَا كَانَ مِنْ أَبِي أَيُّوبَ لِذَلِكَ ، وَالَّذِي كَانَ مِنْهُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ الْوَلِيمَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا لَا مَا سِوَاهَا .

حديث رقم: 2574

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ جَمِيعًا قَالَا : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، هَكَذَا قَالَ سُلَيْمَانُ ، وَقَالَ يُونُسُ : أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ خَمْسٌ : يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ ، وَيُشَمِّتُهُ إذَا عَطَسَ ، وَيُجِيبُهُ إذَا دَعَاهُ ، وَيَعُودُهُ إذَا مَرِضَ ، وَيَشْهَدُ جِنَازَتَهُ إذَا مَاتَ . فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الْوَاجِبُ فِي إجَابَةِ الدَّعْوَةِ يُرَادُ بِهِ الدَّعْوَةُ الَّتِي هِيَ وَلِيمَةٌ لَا مَا سِوَاهَا فَلَمْ يَبِنْ لَنَا فِي شَيْءٍ مِمَّا رُوِّينَا وُجُوبَ إتْيَانِهِ مِنَ الطَّعَامِ الْمُدْعَى إلَيْهِ غَيْرَ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ الَّتِي هِيَ الْأَعْرَاسُ , وَاللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

حديث رقم: 2575

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَ : قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ : سَمِعْتُ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ يَعْنِي : التَّقَشُّفَ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُخَالِفُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ .

حديث رقم: 2576

فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو التَّنُّورِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ فَضَالَةَ ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَعَلَيْهِ مِطْرَفُ خَزٍّ لَمْ أَرَهُ عَلَيْهِ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ ، فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ اللَّهَ إذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدِهِ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَفُضَيْلُ بْنُ فَضَالَةَ هُوَ امْرُؤٌ مِنْ قَيْسٍ ، هَكَذَا زَعَمَ الْبُخَارِيُّ .

حديث رقم: 2577

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَشْعَثُ أَغْبَرُ ، فَقَالَ : أَمَا لَكَ مِنَ الْمَالِ ؟ فَقُلْتُ : كُلَّ الْمَالِ قَدْ آتَانِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ اللَّهَ إذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ تُرَى عَلَيْهِ

حديث رقم: 2578

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهَبٌ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ يُحَدِّثُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إذَا آتَاكَ اللَّهُ خَيْرًا أَوْ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ إبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ : أَنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مُلْتَئِمَانِ غَيْرُ مُخْتَلِفَيْنِ . فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ ثَعْلَبَةَ فَعَلَى الْبَذَاذَةِ الَّتِي لَا تَبْلُغُ بِصَاحِبِهَا نِهَايَةَ الْبَذَاذَةِ الَّتِي يَعُودُ بِهَا إلَى مَا يَبِينُ بِهِ ذُو النِّعْمَةِ مِنْ غَيْرِ ذِي النِّعْمَةِ . وَحَدِيثَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي تُرَى عَلَى صَاحِبِهَا لَيْسَ مِمَّا فِيهِ الْخُيَلَاءُ ، وَلَا السَّرَفُ ، وَلَا اللِّبَاسُ الْمَذْمُومُ مَنْ لَابِسِهِ ، وَيَكُونُ اللِّبَاسُ الْمَحْمُودُ هُوَ مَا فَوْقَ الْبَذَاذَةِ الَّتِي لَا بَذَاذَةَ أَقَلَّ مِنْهَا ، وَمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْآخَرَيْنِ عَلَى اللِّبَاسِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ بِهِ صَاحِبُهُ فِي أَعْلَى اللِّبَاسِ ، فَيَكُونُ فَاعِلُ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَالَّذِينَ إذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا }} . وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ , وَمَا يَأْمُرُونَ بِهِ النَّاسَ مِنَ اللِّبَاسِ .

حديث رقم: 2579

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ : الْبَسْ مِنَ الثِّيَابِ مَا لَا يُشْهِرُكَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ ، وَلَا يُزْرِي بِهِ السُّفَهَاءُ . وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ : ثنا الْأَشْجَعِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ : كَانَ يُقَالَ : الْبَسْ مِنَ الثِّيَابِ . . . ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ سَوَاءً . فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا اخْتِلَافَ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

حديث رقم: 2580

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَشِفٌ فَقَالَ : هَلْ لَكَ مَالٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : مِنْ أَيِّ الْمَالِ ؟ قُلْتُ : مِنْ كُلِّ الْمَالِ ، مِنَ الْإِبِلِ ، وَالْخَيْلِ ، وَالرَّقِيقِ ، وَالْغَنَمِ ، قَالَ : فَإِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ : هَلْ تُنْتِجُ إبِلُ أَهْلِكَ صِحَاحًا آذَانُهَا فَتَعْمَدُ إلَى الْمُوسَى فَتَقْطَعُ آذَانَهَا فَتَقُولَ : هَذِهِ بُحُرٌ ، وَتَشُقُّهَا أَوْ تَشُقُّ جُلُودَهَا فَتَقُولُ : هَذِهِ صُرُمٌ فَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنَّ مَا آتَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ حِلٌّ ، وَسَاعِدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَشَدُّ ، وَمُوسَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَدُّ قَالَ : وَرُبَّمَا قَالَ : وَسَاعِدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَسَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ ، وَمُوسَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ

حديث رقم: 2581

وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ أَهْدَامٌ ، فَقَالَ : أَلَكَ مَالٌ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ الْمَالِ قَدْ آتَانِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : فَلْيُرَ عَلَيْكَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَوْفُ بْنَ مَالِكٍ ، أَلَيْسَ تُنْتِجُ إبِلُكَ وَهِيَ صَحِيحَةٌ آذَانُهَا فَتَعْمَدُ إلَى بَعْضِهَا ؛ فَتَشُقُّ آذَانَهَا فَتَقُولَ : هَذِهِ بُحُرٌ ؟ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ، وَتَعْمَدُ إلَى بَعْضِهَا فَتَشُقُّ آذَانَهَا فَتَقُولُ هَذِهِ صُرُمٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : لَا تَفْعَلْ ، فَإِنَّ سَاعِدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَشَدُّ مِنْ سَاعِدِكَ ، وَمُوسَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَدُّ مِنْ مُوسَاكَ ، وَكُلُّ مَا آتَاكَ اللَّهُ ، حِلٌّ فَلَا تُحَرِّمْ مِنْ مَالِكَ شَيْئًا . قَالَ : أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَاطَبَ أَبَا الْأَحْوَصِ بِمَا خَاطَبَهُ بِهِ فِيهِ مِنْ شَقِّهِ جُلُودِ إِبِلِهِ ، وَمِنْ قَطْعِهِ إيَّاهَا ، وَمِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ ذَلِكَ مَا كَانَ يَقُولُ عِنْدَهُ ، وَمِنْ تَحْرِيمِهِ إيَّاهَا كَذَلِكَ ، وَذَلِكَ مَا لَا يَكُونُ مِنْ مُسْلِمٍ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْ مُشْرِكٍ . وَقَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ

حديث رقم: 2582

مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ أَطْمَارًا ، فَقَالَ : هَلْ لَكَ مَالٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : مِنْ أَيِّ الْمَالِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلٍّ قَدْ آتَانِيَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، مِنَ الشَّاءِ وَالْإِبِلِ ، قَالَ : فَلْتُرَ نِعْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَرَامَتُهُ عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ تُنْتِجُ إبِلُكَ وَافِيَةً آذَانُهَا ؟ قَالَ : وَهَلْ تُنْتِجُ إِلَّا كَذَلِكَ ؟ وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ يَوْمَئِذٍ ، قَالَ : فَلَعَلَّكَ تَأْخُذُ مُوسَاكَ فَتَقْطَعُ آذَانَ بَعْضِهَا فَتَقُولُ : هَذِهِ بُحُرٌ ، وَتَشُقُّ آذَانَ أُخَرَ وَتَقُولُ : هَذِهِ صُرُمٌ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَلَا تَفْعَلْ ؛ فَإِنَّ مَا آتَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ حِلٌّ ، وَإِنَّ مُوسَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَدُّ ، وَسَاعِدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَشَدُّ . قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاطَبَ هَذَا الرَّجُلَ بِمَا خَاطَبَهُ بِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ يَوْمَئِذٍ ، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ : إذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِأَنْ يُرَى عَلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا يَعْلَمُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ أَنْ لَا مِقْدَارَ لِلدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ ، وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَمَا أَعْطَى مِنْهَا مِثْلَ ذَلِكَ مَنْ يَكْفُرُ بِهِ ، وَلِيَعْلَمُوا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارِ جَزَاءٍ ، وَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ دَارَ جَزَاءٍ لَكَانَ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَيُقِرُّ بِتَوْحِيدِهِ بِذَلِكَ مِنْهُ أَوْلَى ، وَبِهِ عَلَيْهِ مِنْهُ أَحْرَى ، وَأَنَّ مَا يَجْزِيهِمْ بِتَوْحِيدِهِمْ إيَّاهُ وَعِبَادَتِهِمْ لَهُ ؛ إنَّمَا يُؤْتِيهِمْ إيَّاهُ فِي دَارٍ غَيْرِ الدَّارِ الَّتِي هُمْ فِيهَا ، وَهِيَ الْآخِرَةُ . وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً }} ، أَيْ : عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ {{ لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ }} إلَى قَوْلِهِ {{ وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ }} قَالَ : إنَّ جَزَاءَهُ لِلْمُتَّقِينَ عَلَى تَقْوَاهُمْ وَعَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَكَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ : وَإِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا فَلْيُرَ عَلَيْكَ أَيْ لِيَكُونَ يُعْلَمُ بِهِ مَا آتَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا قَدْ مَنَعَ مِثْلَهُ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ مَا هُوَ عَلَيْهِ , وَمَنْ سِوَاهُ , فَيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِشُكْرِهِ إيَّاهُ بِمَا يَجِدُهُ مِنْهُ مِنْ دُخُولِهِ فِي الدِّينِ الَّذِي دَعَاهُ إلَيْهِ , وَمِنْ تَمَسُّكِهِ بِمَا خَلَقَهُ لَهُ ; لِأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : {{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }} فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ النِّعْمَةِ الَّتِي أَنْعَمَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ مَحْمُودًا عِنْدَ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ ، وَكَانَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ حَرِيًّا أَنْ يَزِيدَهُ مِنْ تِلْكَ النِّعْمَةِ فِي الدُّنْيَا ، وَيَدَّخِرَ لَهُ الْجَزَاءَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِنْ قَصَّرَ عَنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُؤَدِّ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ فِيهِ , كَانَ بِذَلِكَ كَافِرًا لِنَعْمَائِهِ عَلَيْهِ ، مُسْتَحِقًّا بِهِ الْعُقُوبَةَ مِنْهُ مَعَ كُفْرِهِ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَاسْتِحْقَاقِهِ عَلَى ذَلِكَ الْعُقُوبَةَ مِنْهُ ، فَيَكُونُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِكُفْرِهِ نِعَمَهُ عَلَيْهِ مِنْ عُقُوبَتِهِ ، مُضَافًا إلَى عُقُوبَتِهِ إيَّاهُ عَلَى كُفْرِهِ وَشِرْكِهِ بِهِ ، وَيَكُونُ عَلَى ذَلِكَ أَغْلَظَ عُقُوبَةً ، وَأَشَدَّ عَذَابًا فِي الْآخِرَةِ مِمَّنْ سِوَاهُ مِنَ الْكُفَّارِ ، مِمَّنْ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِثْلَ تِلْكَ النِّعْمَةِ فِي الدُّنْيَا ، فَهَذَا أَحْسَنُ مَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِالْحَقِيقَةِ فِيهِ مَا هِيَ , وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

حديث رقم: 2583

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ . وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ أَيْضًا وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، قَالَ الرَّبِيعُ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : حَدَّثَنَا أَبِي ، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَا : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ قَالَ : قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةً وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا ، فَقَالَ مَخْرَمَةُ : يَا بُنَيَّ ، انْطَلِقْ بِنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَانْطَلَقَ مَعَهُ فَقَالَ : ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي ، فَدَعَوْتُهُ لَهُ ، فَخَرَجَ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ فَقَالَ : خَبَّأْتُ هَذَا لَكَ , فَنَظَرَ إلَيْهِ فَقَالَ : رَضِيَ مَخْرَمَةُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : هَكَذَا حَدَّثَ اللَّيْثُ أَكْثَرَ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، وَقَدْ كَانَ حَدَّثَ بِهِ بِالْعِرَاقِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا كَانَ حَدَّثَ بِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ

حديث رقم: 2584

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَتْ عَلَيْهِ أَقْبِيَةٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَاهُ فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، إنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَتْ عَلَيْهِ أَقْبِيَةٌ فَهُوَ يُقَسِّمُهَا ، فَاذْهَبْ بِنَا إلَيْهِ ، فَذَهَبْنَا فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلِهِ ، فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، ادْعُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ الْمِسْوَرُ : فَأَعْظَمْتُ ذَلِكَ وَقُلْتُ : أَدْعُو لَكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، إنَّهُ لَيْسَ بِجَبَّارٍ فَدَعَوْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ عَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرٍ بِذَهَبٍ ، فَقَالَ : يَا مَخْرَمَةُ ، هَذَا أَخْبَأْتُهُ لَكَ فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لُبْسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ الْقَبَاءِ وَهُوَ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرٍ بِذَهَبٍ ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ لُبْسِ الْحَرِيرِ ، وَسَنَذْكُرُ مَا رُوِيَ فِي إبَاحَةِ لُبْسِ الْحَرِيرِ ، وَمَا رُوِيَ فِي نَسْخِ ذَلِكَ وَتَحْرِيمِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ .

حديث رقم: 2585

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ وَرْدَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : ثنا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةٌ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ لِي أَبِي مَخْرَمَةُ : انْطَلِقْ بِنَا ، لَعَلَّهُ أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا فَجَاءَ إلَى الْبَابِ فَقَالَ : هَاهُنَا هُوَ فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ ، فَخَرَجَ مَعَهُ بِقُبَاءٍ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ يُرِي أَبِي مَحَاسِنَ الْقَبَاءِ وَيَقُولُ : خَبَّأْتُ هَذَا لَكَ ، خَبَّأْتُ هَذَا لَكَ . فَقُلْتُ : لِأَيِّ شَيْءٍ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا بِمَخْرَمَةَ فَقَالَ : إنَّهُ كَانَ يَتَّقِي لِسَانَهُ . قَالَ : وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ يَدْفَعُونَ هَذَا الْحَدِيثَ وَيَقُولُونَ : مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ ذَلِكَ الْقَبَاءَ وَهُوَ مِمَّا أَفَاءهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ شُرَكَاءُ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الْفَيْءَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ، فَلِلَّهِ ، وَلِلرَّسُولِ ، وَلِذِي الْقُرْبَى ، وَالْيَتَامَى ، وَالْمَسَاكِينِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ }} . فَتَأَمَّلْنَا مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ وَمَا أَنْكَرُوهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَنَفَوْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْنَاهُ فَاسِدًا ; لِأَنَّ الْأَفْيَاءَ الَّتِي أَفَاءَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِنْفَانِ : أَحَدُهُمَا الصِّنْفُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْتُهَا ، وَالصِّنْفُ الْآخَرُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا ، وَهِيَ قَوْلُهُ : {{ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ }} ، فَكَانَ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْفَيْءِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ النَّاسِ جَمِيعًا ، فَكَانَتْ مِلْكًا لَا فَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ ، وَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ النَّاسِ جَمِيعًا ، فَلَمْ يَسْتَأْثِرْهَا لِنَفْسِهِ ، وَرَدَّهَا فِي إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَإِصْلَاحِ قُلُوبِ مَنْ يَخَافُ فَسَادَ قَلْبِهِ عَلَيْهِمْ , وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْتَحِلُ مَا يَنْتَحِلُونَ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ قُوَّةِ الْإِيمَانِ مَا مَعَهُمْ ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زِيَادَةً فِي فَضْلِهِ ، وَجَلَالَةً لِمَنْزِلَتِهِ ، وَإِعْظَامًا لِحُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ ، وَطَلَبًا مِنْهُا الْأُلْفَةَ بَيْنَ أُمَّتِهِ ، وَدَفْعِ الْمَكْرُوهِ فِيمَا يُخَافُ مِنْ بَعْضِهَا عَلَى بَقِيَّتِهَا ، فَكَانَتْ قِسْمَتُهُ تِلْكَ الْأَقْبِيَةَ بَيْنَ مَنْ قَسَّمَهَا عَلَيْهِ مِنْهُمْ لِذَلِكَ , وَكَانَ لِبَاسُهُ الْقَبَاءَ الْمَذْكُورَ لُبْسُهُ إيَّاهُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، وَهُوَ مَمْلُوكٌ بِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ فِيهِ ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ خَبَّأَهُ لِمَخْرَمَةَ فَلَمْ يَمْلِكْهُ مَخْرَمَةُ بِذَلِكَ , وَإِنَّمَا مَلَكَهُ بِقَبْضِهِ إيَّاهُ مِنْهُ ، وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ إلَيْهِ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

حديث رقم: 2586

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، وَشَرِيكٍ ، عَنْ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ أَوْطَاسٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ ، وَلَا غَيْرُ حَامِلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً . حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ ، وَالْمُجَالِدُ ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ . قَالَ : أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِيمَا رُوِّينَاهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَ بِالِاسْتِبْرَاءِ إلَى مَنْ تَحِيضَ مِمَّنْ لَيْسَ بِحَامِلٍ وَإِلَى الْحَوَامِلِ لَا إلَى مَنْ سِوَاهُنَّ مِمَّنْ كَانَ فِي ذَلِكَ السَّبْيِ مِنَ النِّسَاءِ ، وَنَحْنُ نُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِيهِنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ ، وَمِمَّنْ قَدْ يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ , وَالْحَيْضُ وَالْحَمْلُ مِنْ هَؤُلَاءِ مَعْدُومٌ . فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ عَلَى غَيْرِ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ذَلِكَ مِنَ النِّسَاءِ , وَأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَجِبُ فِيمَنْ لَا تَحِيضُ مِنَ الصِّغَارِ ، وَلَا فِيمَنْ لَا تَحِيضُ مِنَ الْإِيَاسِ مِنَ الْحَيْضِ . كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ .

حديث رقم: 2587

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، عَنِ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ أَنَّهُ سَأَلَهُمَا عَنِ الْجَارِيَةِ تُبَاعُ وَلَمْ تَحِضْ ، أَيَطَؤُهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا ؟ ، فَقَالَا : يَنْظُرُ إلَيْهَا مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَحِضْ فَلَا نَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا . قَالَ اللَّيْثُ إذَا كَانَتِ ابْنَةَ عَشْرِ سِنِينَ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُوطَأَ حَتَّى يُسْتَبْرَأَ رَحِمُهَا لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ، فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ ابْنَةَ عَشْرِ سِنِينَ حَمَلَتْ . قَالَ : وَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ مَذْهَبُهُ أَنَّ حَمْلَهَا إذَا كَانَ مَأْمُونًا أَنَّهُ لَا تُسْتَبْرَأُ فِيهَا ، وَهَذَا قَوْلٌ قَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ قَالَهُ مَرَّةً ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ مَذْهَبَهُ أَيْضًا ، وَمَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْعَذْرَاءِ أَنَّهَا لَا تُسْتَبْرَأُ .

حديث رقم: 2588

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : الْعَذْرَاءُ لَا تُسْتَبْرَأُ

حديث رقم: 2589

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الصُّورِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَطْءِ السَّبَايَا وَهُنَّ حَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ ، أَوْ يُسْتَبْرَأْنَ . قَالَ : أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا رُوِّينَاهُ قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ ; لِأَنَّ مَعْنَى أَوْ يُسْتَبْرَأْنَ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَوْ يُسْتَبْرَأْنَ مِمَّا قَدْ رُوِّينَاهُ قَبْلَهُ ، فَيَعُودَ مَعْنَى مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

حديث رقم: 2590

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ رَاهْوَيْهِ قَالَ : حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ عَطِيَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى أَحْبَبْتُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ لَا أُحِبُّهُ إِلَّا عَلَى بُغْضِ عَلِيٍّ ، فَبُعِثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ عَلَى خَيْلٍ فَصَحِبْتُهُ ، وَمَا أَصْحَبُهُ إِلَّا عَلَى بَغْضَاءِ عَلِيٍّ ، فَأَصَابَ سَبْيًا ، فَكَتَبَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْعَثْ لَهُ مَنْ يُخَمِّسُهُ ، فَبَعَثَ إلَيْنَا عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَفِي السَّبْيِ وَصِيفَةٌ مِنْ أَفْضَلِ السَّبْيِ ، فَلَمَّا خَمَّسَهُ صَارَتِ الْوَصِيفَةُ فِي الْخُمُسِ ، ثُمَّ خَمَّسَ فَصَارَتْ فِي أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ خَمَّسَ فَصَارَتْ فِي آلِ عَلِيٍّ ، فَأَتَانَا وَرَأْسُهُ تَقْطُرُ ، فَقُلْنَا : مَا هَذَا ؟ فَقَالَ : أَلَمْ تَرَوْا إلَى الْوَصِيفَةِ صَارَتْ فِي الْخُمُسِ ، ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ عَلِيٍّ ، وَقَعْتُ عَلَيْهَا ، فَكَتَبَ وَبَعَثَنِي مُصَدِّقًا لِكِتَابِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ عَلِيٌّ ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ : صَدَقَ ، وَأَقُولُ وَيَقُولُ : صَدَقَ ، فَأَمْسَكَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَتَبْغَضُ عَلِيًّا ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : لَا تَبْغَضْهُ ، وَإِنْ كُنْتَ تُحِبُّهُ فَازْدَدْ لَهُ حُبًّا ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَنَصِيبُ آلِ عَلِيٍّ فِي الْخُمُسِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيفَةٍ فَمَا كَانَ أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ : وَاللَّهِ مَا فِي الْحَدِيثِ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ أَبِي . حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ : حَمَلْتُ حَدِيثَ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ مَنْجُوفٍ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ فِي عَلِيٍّ ، فَلَمَّا كَتَبْتُهُ ذَهَبَ مِنِّي لِغَيْرِ شَكٍّ بَقِيَ مِنْهُ فِيهِ ، وَقَدْ حَدَّثَنَا بِهِ يَحْيَى , عَنْ عَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ عَطِيَّةَ , عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَعَادَ هَذَا الْحَدِيثُ إلَى رِوَايَةِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ , وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ إيَّاهُ , عَنْ عَبْدِ الْجَلِيلِ بْنِ عَطِيَّةَ . فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفُ يَجُوزُ أَنْ تَقْبَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ إذْ كَانَ فِيهِ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَسَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الْخُمُسِ مَا ذَكَرْتَ قِسْمَتَهُ فِيهِ وَهُوَ شَرِيكٌ فِي ذَلِكَ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ يُقَاسِمُ نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ مَا يُقَسَّمُ بِالْوِلَايَةِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي مِنْ هَذَا الْجِنْسِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ هُوَ شَرِيكٌ فِي ذَلِكَ ، كَمَا يُقَسِّمُ الْإِمَامُ بِالْإِمَامَةِ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَهْلِهَا وَهُوَ مِنْهُمْ , وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ كَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا كَانَ مَنْ يَقْسِمُهُ لِذَلِكَ سِوَاهُ يَقُومُ فِيهِ مَقَامَهُ ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ صِحَّةُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ . ثُمَّ عَادَ هَذَا الْقَائِلُ سَائِلًا لَنَا فَقَالَ : فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا لَا يَجُوزُ لَكُمْ قَبُولُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْوَصِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مِنْ وُقُوعِهِ عَلَيْهَا ; لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ صَارَتْ فِي آلِهِ ، وَآلُهُ غَيْرُهُ ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الْمُرَادَ بِآلِهِ هُوَ نَفْسُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، بِمَعْنَى أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي نَصِيبِهِ ، فَكَانَ مِنْهُ فِيهَا مَا كَانَ ; لِأَنَّ الْعَرَبَ تَجْعَلُ آلَ الرَّجُلِ الرَّجُلَ ، وَتَجْعَلُ آلَهَ صُلْبَهُ . وَمِنْهُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا خَاطَبَ بِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى لَمَّا جَاءَ بِصَدَقَةِ أَبِيهِ .

حديث رقم: 2591

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، وَأَبُو زَيْدٍ صَاحِبُ الْهَرَوِيِّ ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالُوا : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ ، قَالَ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى . فَكَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَبِي أَوْفَى ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَبِي مُوسَى لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى : مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْآلُ صِلَةٌ ; لِأَنَّ الْمَزَامِيرَ إنَّمَا كَانَتْ لِدَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا لِغَيْرِهِ مِنْ آلِهِ ، وَلَا مِمَّنْ سِوَاهُمْ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ أَجَلُّ مِنْ هَذَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ }} ، لَا لِإِخْرَاجِ فِرْعَوْنَ مِنْهُمْ ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِمْ ، وَأَمَّا مَا سِوَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَطْءِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْوَصِيفَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ كَانَ مِنْهُ فِيهَا ، فَإِنَّ الَّذِي أَتَيْنَا بِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ يُغْنِينَا عَنِ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .