حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ : حَجَجْتُ ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقَالَتْ لِي : يَا جُبَيْرُ ، هَلْ تَقْرَأُ الْمَائِدَةَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ . فَقَالَتْ : أَمَا إِنَّهَا آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَلَالٍ فَاسْتَحِلُّوهُ ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ . حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْمَائِدَةَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ خِلَافُ ذَلِكَ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ : سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ : آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ : {{ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ }} ، وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةُ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً سُورَةُ بَرَاءَةَ ، وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ النِّسَاءِ . فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَمَا رُوِيَ عَنِ الْبَرَاءِ مِنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي آخِرِ سُورَةٍ نَزَلَتْ مَا هِيَ ، فَكَانَ مَا رَوَيْنَاهُ فِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَشْبَهَ عِنْدَنَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَقِّ ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسُورَةِ بَرَاءَةَ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالنَّاسِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَقَرَأَهَا عَلَى النَّاسِ حَتَّى خَتَمَهَا ، وَسَيَجِيءُ مِمَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا فِي مَوْضِعٍ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَكَانَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ قَدْ أُنْزِلَ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : قَالَ يَهُودِيٌّ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَوْ عَلَيْنَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : {{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }} لَاتَّخَذْنَاهُ عِيدًا . فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّي لَأَعْلَمُ أَوَّلَ يَوْمٍ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْيَهُودِ قَالُوا : لَوْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا . فَقَالَ عُمَرُ : أَيُّ آيَةٍ ؟ قَالُوا : {{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }} . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ مَكَانٍ نَزَلَتْ , نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْفَارِسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَلْمَانَ ، عَنْ أَبِي عُمَرَ الْبَزَّارِ ، عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ : {{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ }}
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمَّارٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ : {{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }} ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ : لَوْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَيْنَا لَاتَّخَذْنَا يَوْمَهَا عِيدًا . قَالَ : فَإِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي عِيدَيْنِ اثْنَيْنِ ، فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ جُمُعَةٍ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ . وَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا مَا قَدْ حَقَّقَ أَنَّ نُزُولَ بَعْضِ الْمَائِدَةِ كَانَ وَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَانْتَفَى مَا قَالَهُ الْبَرَاءُ فِيهِ . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ وَبَحْرٌ جَمِيعًا ، قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ حُسَيْنٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتَنْزِلُ فِي دَارِكَ غَدًا بِمَكَّةَ ؟ فَقَالَ : وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ ؟ . وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ , وَلَمْ يَرِثْ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ , وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ : لَا يَرِثُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ ، فَوَجَدْنَاهُ مَوْصُولًا بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ ، وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَخْلِطُ كَلَامَهُ كَثِيرًا بِحَدِيثِهِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مِنْهُ ؛ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ لَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ : افْصِلْ كَلَامَكَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مَعَ أَنَّا قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَقَدِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مَنْزِلًا نَبِيتُ بِهِ أَنَّ أَرْضَ مَكَّةَ مَمْلُوكَةٌ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي هَذَا عِنْدَنَا حُجَّةٌ ; لِأَنَّ إِضَافَةَ الدَّارِ مِنْ أُسَامَةَ إِلَيْهِ وَإِضَافَتَهُ إِيَّاهَا إِلَى نَفْسِهِ قَدْ يَكُونُ لِسُكْنَاهُ كَانَ إِيَّاهَا ، لَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهَا ، كَمَا أَضَافَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْتَ الْعَنْكَبُوتِ إِلَى الْعَنْكَبُوتِ ، لَا أَنَّهَا تَمْلِكُهُ ، وَلَكِنْ لِسَكَنِهِ إِيَّاهَا ، وَكَمَا حَكَى لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ سُلَيْمَانَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِ النَّمْلَةِ : {{ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ }} عَلَى الْإِضَافَةِ لَا عَلَى التَّحْقِيقِ ، وَكَمَا يُقَالَ : يَا رَبَّ الدَّارِ ، وَكَمَا يُقَالُ جُلُّ الدَّابَّةِ بِالْإِضَافَةِ لَا بِتَحْقِيقِ الْمِلْكِ ، فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ ، وَمَا أَضَافَهُ أُسَامَةُ إِلَيْهِ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ مَا ذَكَرْنَا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ أَبِي طَالِبٍ ؛ لِأَنَّ وَارِثَهُ غَيْرُهُ ، وَلَا رَجَعَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَبَا النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ كَانَ مَاتَ قَبْلَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ أَخْبَرَهُ , قَالَ : أَتَيْتُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِطَهُورٍ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَقَاعِدِ ، فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، وَقَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَوَضَّأَ فِي مَجْلِسٍ ، فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ؛ غَفَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَلَا تَغْتَرُّوا . حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الضَّحَّاكِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حُمْرَانُ مَوْلَى عُثْمَانَ ، عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَكَانَ مَا رَوَى شَيْبَانُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَيْهِ أَشْبَهَ عِنْدَنَا مِمَّا رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ ذَكَرَ فِي إِسْنَادِهِ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ ، وَشَقِيقٌ لَا نَعْلَمُهُ مِمَّنْ حَدَّثَ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَلَا مِمَّنْ لَقِيَهُ . وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَلَا تَغْتَرُّوا ، فَذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيْ : وَلَا تَغْتَرُّوا فَتُذْنِبُوا ، ثُمَّ تَعْمَلُوا عَلَى أَنْ تَأْتُوا الْمَسْجِدَ فَتَرْكَعُوا فِيهِ رَكْعَتَيْنِ لِيُغْفَرَ لَكُمْ فَيُغْفَرَ لَكُمْ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَهُمْ عَنْ ذَلِكَ الْمَوْتُ الَّذِي يَقْطَعُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ أَنَسٌ : عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، وَقَالَ جَعْفَرٌ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَا : عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ ، فَسَأَلَا مِنْهَا ، فَرَفَعَ الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ ، فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ قَوِيَّيْنِ , فَقَالَ : إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ ، وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ . حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، وَحَدَّثَنَا بَكَّارٌ , قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهَمَّامٌ ، عَنْ هِشَامٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي إِسْنَادِهِ ، فَوَجَدْنَا فِيهِ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ قَوْمِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ لَمْ يُسَمِّهِمَا ، فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَيَجِبُ قَبُولُ مَا رَوَيَا ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَا مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَا مِنَ الْأَعْرَابِ مِمَّنِ اعْتَرَضَهُ فِي الصَّدَقَةِ ، وَلَكِنَّا تَأَمَّلْنَاهُ مَعَ ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِجَوَابِهِ الَّذِي أَجَابَ بِهِ ذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ ، فَوَجَدْنَا قَوْلَهُ : لَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ يَعْنِي الصَّدَقَةَ ، أَيْ أَنِّي لَا عِلْمَ لِي بِحَقِيقَةِ أُمُورِكُمَا مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ ، وَأَنْتُمَا بِذَلِكَ أَعْلَمُ مِنِّي ، فَاعْمَلَا فِيهَا مَا يُوجِبُهُ مَا قَدْ سَمِعْتُمَاهُ مِنِّي فِيهَا أَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ : وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ ، فَوَجَدْنَا الصَّدَقَةَ قَدْ تَحِلُّ لِلْفَقِيرِ الْقَوِيِّ , وَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ : وَلَا حَقَّ فِيهَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ يُرِيدُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْحَقَّ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْحُقُوقِ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي يُسْتَحَقُّ بِهَا ، وَلَيْسَ هُوَ الْقُوَّةَ وَلَا الْجَلَدَ الَّذِي يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْهَا ، كَمَا تُغَلِّظُ الْعَرَبُ الشَّيْءَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ ، فَتَقُولُ : فُلَانٌ عَالِمٌ حَقًّا ، إِذَا كَانَ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْعِلْمِ ، وَلَا تَقُولُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دُونِ أَعْلَى مَرَاتِبِهِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا . وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا قَالَهُ فِي أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالُوا : ابْعَثْ لَنَا رَجُلًا أَمِينًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَأَبْعَثَنَّ إلَيْكُمْ رَجْلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ حَقَّ أَمِينٍ . فَاسْتَشْرَفَ لَهَا النَّاسُ ، فَدَعَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحِمَّانِيِّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ زَكَرِيَّا ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ صِلَةَ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّىُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسْقُفُ نَجْرَانَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْعَاقِبَ وَالسَّيِّدَ صَاحِبَيْ نَجْرَانَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَرَادَ أَنْ يُلَاعِنَهُمَا , فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : لَا تُلَاعِنْهُ , فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّاهُ لَا نُفْلِحُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا , وَلَكِنْ نُعْطِيهِ مَا سَأَلَ . قَالُوا : نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَ ، فَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا ، وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَّا أَمِينًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمَا رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ حَقَّ أَمِينٍ . فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُهُ ، فَقَالَ : قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ . فَلَمَّا قَامَ ، قَالَ : هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ . فَكَانَ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ : حَقَّ أَمِينٍ حَقَّ أَمِينٍ إثْبَاتَهُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْأَمَانَةِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ دُونَهُ فِيهَا ، وَلَيْسَ مِنْ أَعْلَى مَرَاتِبِهَا ، فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَلَا حَقَّ فِيهَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ ، هُوَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ، وَعَلَى أَعْلَى مَرَاتِبِ الِاسْتِحْقَاقِ لَهَا ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا مَنْ هُوَ دُونَ ذَلِكَ فِي اسْتِحْقَاقِهَا . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ التَّيْمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مَاتَتْ إحْدَى بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يَدْخُلِ الْقَبْرَ أَحَدٌ قَارَفَ أَهْلَهُ اللَّيْلَةَ . فَلَمْ يَدْخُلْ زَوْجُهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَذِهِ هِيَ أُمُّ كُلْثُومٍ ، تُوُفِّيَتْ وَكَانَتْ وَفَاتُهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ . وَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يَدْخُلِ الْقَبْرَ أَحَدٌ قَارَفَ أَهْلَهُ اللَّيْلَةَ ، فَوَجَدْنَا الْمُقَارَفَةَ قَدْ تَكُونُ مِنَ الْمُقَاوَلَةِ الْمَذْمُومَةِ ، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِهَا مِنَ الْإِصَابَةِ ، وَاسْتَحَالَ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِصَابَةَ ؛ لِأَنَّ إصَابَةَ الرَّجُلِ أَهْلَهُ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ ، وَكَانَ الَّذِينَ كَانَ إلَيْهِمْ نُزُولُ قَبْرِهَا وَإِدْخَالُهَا فِيهِ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهَا الْمُحَرَّمَاتِ مِنْهَا ، وَلَا نَعْلَمُ كَانَ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ حَاضِرًا غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأَنَّهُ أَبُوهَا ، وَغَيْرَ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَغَيْرَ مَنْ كَانَ يَمَسُّهَا بِرَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ قِبَلِ أُمِّهَا وَهُوَ أَخُوهَا لِأُمِّهَا هِنْدُ بْنُ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيُّ ، وَمَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حُرْمَةٌ بِرَضَاعٍ ، فَكَانَ هَؤُلَاءِ أَوْلَى النَّاسِ بِإِدْخَالِهَا قَبْرَهَا ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ سِوَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ قَدْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مُقَارَفَةٌ لَمْ يَحْمَدْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْهُ ، فَلَمْ يُحِبَّ بِذَلِكَ أَنْ يَتَوَلَّى مِنَ ابْنَتِهِ مَا يَتَوَلَّاهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَقَدْ كَانَ مِنْ خُلُقِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي شَرَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ ، وَجَعَلَهُ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْأَخْلَاقِ أَلَّا يُوَاجِهَ أَحَدًا بِشَيْءٍ كَانَ مِنْهُ مِمَّا قَدْ كَرِهَهُ مِنْهُ ، إِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ تَعْرِيضًا بِهِ ، كَمِثْلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عِنْدَ قَوْلِ أَهْلِ بَرِيرَةَ فِي بَيْعِهِمْ عَائِشَةَ : نَبِيعُكِهَا - يَعْنُونَ بَرِيرَةَ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ - بَيْعًا تُعْتَقُ بِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُهَا لَنَا ، أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ ، فَقَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ , وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ ، قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ ، وَشَرْطُهُ أَوْثَقُ ، إِنَّمَا الْوَلَاءُ لَمَنْ أَعْتَقَ . وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَأَسْمَعَهُمْ ذَلِكَ بِخِطَابِهِ النَّاسَ جَمِيعًا وَهُمْ فِيهِمْ بِهِ لِيَنْتَهُوا عَنْهُ
وَمِنْ قَوْلِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ : قَدْ طَلَّقْتُكِ قَدْ رَاجَعْتُكِ حَدَّثَنَاهُ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، يُرِيدُ بِذَلِكَ فَاعِلِيهِ ، وَفِي مَنْ خَاطَبَ بِذَلِكَ غَيْرَهُمْ . فَمِثْلُ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا يَنْزِلِ الْقَبْرَ مَنْ قَارَفَ أَهْلَهُ اللَّيْلَةَ ؛ لِأَنَّ فِيمَنْ خَاطَبَهُ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي لَيْلَتِهِ تِلْكَ ، وَفِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِيهَا , فَقَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ ؛ لِيَسْمَعَهُ مَنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي لَيْلَتِهِ تِلْكَ ، فَلَا يَدْخُلَ قَبْرَهَا ، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ مَعَانِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّتِي يُخْرَجُ عَلَيْهَا . وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ الَّذِي رَوَاهُ : فَلَمْ يَدْخُلْ زَوْجُهَا ، يَعْنِي قَبْرَهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ حَمَلَهُ قَوْمٌ عَلَى أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَبْلَ وَفَاتِهَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ هَذِهِ الْمُقَارَفَةُ ، وَهُمُ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَسِّلَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ وَفَاتِهَا , فَقَالُوا : كَمَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا , فَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُدْخِلَهَا قَبْرَهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا ، فَأَمَّا نَحْنُ فَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يُغَسِّلُهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا ؛ لِانْقِطَاعِ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي حَيَاتِهَا بِوَفَاتِهَا ، وَهُوَ عِنْدَنَا خَارِجٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِ . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِزِيَادَةٍ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ ، قَالَا : حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ ، فَقَالَ : هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ لَمْ يُقَارِفْ أَهْلَهُ اللَّيْلَةَ ؟ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : أَنَا . قَالَ : فَانْزِلْ . فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا حُكِيَ فِيهِ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ يَبْعُدُ مِنَ الْقُلُوبِ ؛ لِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهَا الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ مِنْهَا ، مَعَ أَنَّ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَهُوَ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ لَيْسَ مَعَهُ مِنَ الْإِتْقَانِ وَلَا مِنَ التَّثْبِيتِ فِي الرِّوَايَةِ كَمَا مَعَ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ ، وَهُوَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَحْضُرْ قَبْرَهَا حِينَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ ذَوِي أَرْحَامِهَا الْمُحَرَّمَاتِ غَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَاحْتَاجَ إِلَى مَعُونَتِهِ عَلَى ذَلِكَ ، فَكَانَ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ مَا كَانَ لِمَعُونَتِهِ إِيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَذَلِكَ لَهُ وَاسِعٌ كَمَا يَتَّسِعُ لِلرِّجَالِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِذَوِي مَحَارِمَ مِنَ النِّسَاءِ الْمَيِّتَاتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِنَّ ذَوُو أَرْحَامٍ مِنْهُنَّ أَنْ يَلْمَسُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ مَكَانَ الْغُسْلِ لَهُنَّ . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَامِرٌ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِالْمَدِينَةِ ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ تَأْمُرْنَ أَنْ يُدْخِلَهَا الْقَبْرَ ؟ قَالَ : وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ . قَالَ : فَأَرْسَلُوا إلَيْهِ : انْظُرْ مَنْ كَانَ يَرَاهَا فِي حَيَاتِهَا ، فَلْيَكُنْ هُوَ الَّذِي يُدْخِلُهَا الْقَبْرَ . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : صَدَقْتُنَّ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ كَانَ أَعْجَبَهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى إدْخَالَهَا قَبْرَهَا , وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ لَهُ أُمًّا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : {{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ }} ، وَكَانَ لَهَا بِذَلِكَ ابْنًا ، أَعْجَبَهُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ لِإِدْخَالِهَا قَبْرَهَا ثُمَّ ، اسْتَظْهَرَ فِي ذَلِكَ بِمَا عِنْدَ الْبَاقِيَاتِ بَعْدَهَا مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُنَّ فِيهِ مِثْلُهَا ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ الَّذِي بَيَّنَ بِهِ فِي ذَلِكَ تَبِينُ هِيَ فِيهِ , وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَقَعُ فِي مِثْلِهِ الْإِشْكَالُ إِنْ كَانَتْ , وَإِنْ كَانَتْ لَهُ أُمًّا وَكَانَ هُوَ لَهَا ابْنًا , فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِهَا , وَأَنَّ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنَ الْبُنُوَّةِ وَمِنْ أُمُومَةٍ فِي ذَلِكَ تُخَالِفُ الْأُمُومَةَ وَالْبُنُوَّةَ فِي الْأَنْسَابِ وَفِي الرَّضَاعِ ، فَرَجَعَ إِلَى مَا عِنْدَهُنَّ فِي ذَلِكَ لِيَقِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ ، إِذْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْقُطُ عَلَيْهِنَّ كَيْفَ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ الَّذِي قَدْ عَلِمْنَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَوْقَفَهُنَّ عَلَيْهِ ، فَأَعْلَمْنَهُ أَنَّ إدْخَالَهَا قَبْرَهَا هُوَ إِلَى مَنْ كَانَ يَرَاهَا فِي حَيَاتِهَا ، فَخَالَفَ ذَلِكَ مَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَبَانَ بِذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّ أُمُومَتَهُنَّ لِلْمُؤْمِنِينَ وَبُنُوَّةَ الْمُؤْمِنِينَ لَهُنَّ لَهَا حُكْمٌ خَاصٌّ خِلَافُ حُكْمِ الْبُنُوَّةِ إِلَى النَّسَبِ ، وَخِلَافُ حُكْمِ الْأُمُومَةِ مِنَ الرَّضَاعِ ، إِذْ كَانَتِ الْأُمُومَةُ مِنَ النَّسَبِ وَالْأُمُومَةُ مِنَ الرَّضَاعِ تُبِيحَانِ النَّظَرَ مِنَ الْأَوْلَادِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسَيْنِ إِلَى مَنْ كَانَ بِهِ لَهُنَّ أُمًّا , وَالْأُمُومَةُ بِالنَّسَبِ الَّذِي بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَهُنَّ لَا يُبِيحُهُنَّ ذَلِكَ , وَالْأُمُومَةُ مِنَ النَّسَبِ وَمِنَ الرَّضَاعِ يَمْنَعَانِ مِنْ نِكَاحِ مَنْ وَلَدَهُ أُولَئِكَ الْأُمَّهَاتُ مِنَ الْبَنَاتِ ، وَلَا يَمْنَعُ الْأُمُومَةَ بِتَزْوِيجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ تَزَوَّجَهُ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُؤْمِنِينَ تَزْوِيجُ مَا وَلَدْنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْبَنَاتِ وَمَا وَلَدْنَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْهُنَّ ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْأُمُومَةُ لَهَا حُكْمٌ بَائِنٌ مِنْ حُكْمِ الْأُمُومَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ اسْتَعْلَمَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِهِ ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّهُنَّ لَمْ يَأْخُذْنَ حُكْمَ تِلْكَ الْأُمُومَةِ إِلَّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَنَّهُنَّ لَمْ يَأْخُذْنَهُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِنْبَاطِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِخْرَاجِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ مِثْلُهُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِنْبَاطِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِخْرَاجِ , وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ , وَالتَّوْقِيفُ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَدْخَلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَالْتَمَسْنَا مِنْهُ مَا الْتَمَسْنَا مِنْ حَدِيثِهِ الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ ، عَنْ فِرَاسِ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ عَامِرٍ ، فَخَالَفَ إِسْمَاعِيلَ فِي الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ الْمُتَوَفَّاةِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهَا أُمُّ حَبِيبَةَ مَكَانَ مَا ذَكَرَ إسْمَاعِيلُ فِيهِ أَنَّهَا زَيْنَبُ .
كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ فِرَاسٍ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تُوُفِّيَتْ ، فَصَلَّى عَلَيْهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا ، وَبَعَثَ إِلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يُدْخِلُهَا فِي قَبْرِهَا ؟ فَقُلْنَ : الَّذِي كَانَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرَاهَا فِي حَيَاتِهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا عِنْدَنَا خَطَأٌ ؛ لِأَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بَقِيَتْ بَعْدَ وَفَاةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَهْرًا طَوِيلًا . ثُمَّ الْتَمَسْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ حَجَّاجِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مِمَّا يَرْجِعُ إِلَى فِرَاسٍ كَيْفَ هُوَ ؟
فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا فِرَاسٌ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَانَ لِأَزْوَاجِهِ : أَوَّلُكُنَّ بِي لُحُوقًا أَطْوَلُكُنَّ يَدَيْنِ , وَأَنَّهُنَّ كُنَّ يَتَطَاوَلْنَ بِأَيْدِيهِنَّ ، وَتَقُولُ عَائِشَةُ فِي ذَلِكَ : وَكَانَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ امْرَأَةً قَصِيرَةً , وَكَانَتْ تَصْنَعُ بِيَدَيْهَا مَا تُعِينُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَعَلَّمَهُنَّ بِذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ أَطْوَلَهُنَّ يَدَيْنِ بِالْخَيْرِ . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ، ثُمَّ نَزَعَ : {{ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ }} إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ }} ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُتَشَابِهِهِ ، وَعَمِلُوا بِمُحْكَمِهِ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : {{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ }} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا سَمِعْتَ الَّذِينَ يَتَجَادَلُونَ فِيهِ فَهُمُ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، أَوْ هُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ ، فَأَدْخَلَ فِي إسْنَادِهِ بَيْنَ عَائِشَةَ وَبَيْنَ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ .
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ : {{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ }} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، قَالَتْ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الَّذِي تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَاحْذَرُوهُمْ . وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا فِيهِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ }} ، فَأَعْلَمَنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ مِنْ كِتَابِهِ آيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ بِالتَّأْوِيلِ ، وَهِيَ الْمُتَّفَقُ عَلَى تَأْوِيلِهَا ، وَالْمَعْقُولِ الْمُرَادِ بِهَا , وَأَنَّ مِنْهُ آيَاتٍ مُتَشَابِهَاتٍ يُلْتَمَسُ تَأْوِيلُهَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ اللَّاتِي هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ، وَهِيَ الْآيَاتُ الْمُخْتَلَفَةُ فِي تَأْوِيلِهَا ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : {{ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ }} , وَالزَّيْغُ الْجَوْرُ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وَعَنِ الْعَدْلِ ، وَتَرْكُ الْإِنْصَافِ لِأَهْلِهَا ، فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ، يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي كَانَ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ فِيمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ، وَهِيَ فَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ حَتَّى يَكُونَ عَنْهَا الْقَتْلُ وَمَا سِوَاهُ مِمَّا يَجْلُبُهُ مِنَ الْبَغْضَاءِ وَالشَّحْنَاءِ وَالتَّفَرُّقِ الَّذِي تَجْرِي مَعَهُ الْأُمُورُ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِيهَا بِقَوْلِهِ : {{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا }} ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ خَرَجَ عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَصَارَ مِنْ غَيْرِهِ ، وَاسْتَحَقَّ النَّارَ . وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْهَا
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ الْحُمْرَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَاهِلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ ، قَالَ : قَدِمْتُ دِمَشْقَ ، فَأَتَيْتُ مَسْجِدَهَا ، فَوَجَدْتُ أَبَا أُمَامَةَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَعَدْتُ إلَيْهِ ، ثُمَّ نَهَضَ وَنَهَضْتُ مَعَهُ ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا رُؤُوسٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْقَنَاةِ قَرِيبٌ مِنْ سَبْعِينَ رَأْسًا ، فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهَا أَبُو أُمَامَةَ ثَمَّ ، وَقَفَ ، قَالَ : يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ، يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَا يَعْمَلُ الشَّيْطَانُ بِهَؤُلَاءِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ : شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ ثَلَاثًا وَخَيْرُ قَتْلَى مَنْ قَتَلَهُ هَؤُلَاءِ ، وَبَكَى ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا أُمَامَةَ ، تَقُولُ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ ، ثُمَّ تَبْكِي ؟ فَقَالَ : رَحْمَةً لَهُمْ ، إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَخَرَجُوا مِنْهُ ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ : {{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ }} حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ ، ثُمَّ قَالَ : هُمْ هَؤُلَاءِ ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : {{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ }} حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ ، ثُمَّ قَالَ : هُمْ هَؤُلَاءِ . قَالَ : قُلْتُ : يَا أَبَا أُمَامَةَ ، هَذَا شَيْءٌ تُحَدِّثُ بِهِ مِنْ رَأْيِكَ ، أَوْ شَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قَالَ : يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ، يَا سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا حَتَّى بَلَغَ سَبْعًا مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ . ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ . قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ عِنْدَكُمْ كَثِيرٌ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَدَلَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِعَجْزِ الْخَلْقِ عَنْ تَأْوِيلِ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ }} ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا يَقُولُهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ ؛ لِيَمْتَثِلُوهُ وَيَتَمَسَّكُوا وَيَقْتَدُوا بِهِمْ فِيهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا }} ، فَهَكَذَا يَكُونُ أَهْلُ الْحَقِّ فِي الْمُتَشَابِهِ مِنَ الْقُرْآنِ يَرُدُّونَهُ إِلَى عَالِمِهِ ، وَهُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ يَلْتَمِسُونَ تَأْوِيلَهُ مِنَ الْمُحْكَمَاتِ اللَّاتِي هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ، فَإِنْ وَجَدُوهُ فِيهَا عَمِلُوا بِهِ كَمَا يَعْمَلُونَ بِالْمُحْكَمَاتِ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدُوهُ فِيهَا لِتَقْصِيرِ عُلُومِهِمْ عَنْهُ لَمْ يَتَجَاوَزُوا فِي ذَلِكَ الْإِيمَانَ بِهِ ، وَرَدَّ حَقِيقَتِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا فِي ذَلِكَ الظُّنُونَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ اسْتِعْمَالَهَا فِي غَيْرِهِ ، وَإِذَا كَانَ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِهِ حَرَامًا كَانَ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ أَحْرَمَ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ ، وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ فِي مَوْضِعٍ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ فِي بَقِيَّةِ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَبِهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ وَافِدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي ، فَذَكَرَ صَاحِبِي امْرَأَتَهُ ، وَذَكَرَ بَذَاءَتَهَا وَطُولَ لِسَانِهَا ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : طَلِّقْهَا . قَالَ : إِنَّهَا ذَاتُ صُحْبَةٍ وَوَلَدٍ . فَقَالَ : قُلْ لَهَا ، فَإِنْ يَكُنْ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَقْبَلُ ، وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ ضَرْبَ أَمَتِكَ . حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . قَالَ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : فَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ ضَرْبَ أَمَتِكَ ، فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْكَلَامَ ، فَوَجَدْنَاهُ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ لَا يَضْرِبَهَا كَمَا يَضْرِبُ أَمَتَهُ ، وَلَكِنْ يَضْرِبُهَا ضَرْبًا دُونَ ذَلِكَ , وَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ ، إِذْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَبَاحَ ضَرْبَهُنَّ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ : {{ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ }} ، ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي إبَاحَتِهِ ضَرْبَهُمْ إيَّاهُنَّ ؟
فَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُسْلِيِّ ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ضِفْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ إِلَى امْرَأَتِهِ لِيَضْرِبَهَا ، فَحَجَزْتُ بَيْنَهُمَا ، فَرَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ ، فَلَمَّا أَخَذَ مَضْجَعَهُ قَالَ : يَا أَشْعَثُ ، احْفَظْ عَنِّي شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تَسْأَلْ رَجُلًا فِيمَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ
وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنْ عَمِّهِ عُمَارَةَ بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رِجَالًا اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ضَرْبِ النِّسَاءِ ، فَأَذِنَ لَهُمْ ، فَسَمِعَ صَوْتًا ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا : أَذِنْتَ لِلرِّجَالِ فِي ضَرْبِ النِّسَاءِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ , وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : ثُمَّ أَرَدْنَا أَنْ نَقِفَ عَلَى ذَلِكَ الضَّرْبِ أَيُّ ضَرْبٍ هُوَ ، فَالْتَمَسْنَا ذَلِكَ هَلْ نَجِدُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا ؟
فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَازِبِ بْنِ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ أَبُو غَرْقَدٍ ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ ، قَالَ : خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ : أَلَا وَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي النِّسَاءِ ، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ ، أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتهمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، لَكُمْ عَلَيْهِنَّ حَقٌّ ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ حَقٌّ ، وَمِنْ حَقِّكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ إِلَّا بِإِذْنِكُمْ ، وَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا , وَإِنَّ مِنْ حَقِّهِنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقَهُنَّ وَكِسْوَتَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الضَّرْبَ الَّذِي أُبِيحُوهُ لِأَزْوَاجِهِنَّ هُوَ غَيْرُ الْمُبَرِّحِ مِنْهُ ، فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ أَنْ يَضْرِبَهُ الرَّجُلُ مِنَ الضَّرْبِ هُوَ الضَّرْبُ الْمُبَرِّحُ ، لَا الضَّرْبُ الَّذِي هُوَ دُونَهُ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهَا ذَلِكَ مِنْهُ . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : جَاءَ حُصَيْنٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ خَيْرًا لِقَوْمِهِ مِنْكَ ، كَانَ يُطْعِمُهُمُ الْكَبِدَ وَالسَّنَامَ , وَأَنْتَ تَنْخَرُهُمْ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ، ثُمَّ إِنَّ حُصَيْنًا قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَاذَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَقُولَ ؟ قَالَ : قُلِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْزِمَ لِي عَلَى رُشْدِ أَمْرِي . قَالَ : ثُمَّ إِنَّ حُصَيْنًا أَسْلَمَ ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ سَأَلْتُكَ الْمَرَّةَ الْأُولَى , وَإِنِّي الْآنَ أَقُولُ : مَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَقُولَ ؟ قَالَ : قُلِ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ , وَمَا أَعْلَنْتُ , وَمَا أَخْطَأْتُ , وَمَا عَمَدْتُ , وَمَا جَهِلْتُ , وَمَا عَلِمْتُ . حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : وَمَا أَخْطَأْتُ , وَمَا عَمَدْتُ , وَمَا عَقَلْتُ , وَمَا جَهِلْتُ . قَالَ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا فِيهِ قَوْلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَخْطَأْتُ ، فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَسْأَلُ غُفْرَانَ مَا أَخْطَأَ بِهِ ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : {{ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ }} ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ ذَلِكَ الْخَطَأَ الَّذِي تَوَهَّمَهُ الَّذِي هُوَ ضِدٌّ لِلْعَمْدِ ، وَلَكِنَّهُ خَطَأٌ مِنَ الْخَطَايَا الَّتِي يُخْطِئُهَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }} مِنَ الْخَطِيئَاتِ الَّتِي يُخْطِئُونَهَا ، وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا }} ، فَذَلِكَ عَلَى الْخَطَايَا الَّتِي اكْتَسَبُوهَا بِقَصْدِهِمْ إلَيْهَا وَبِعَمْدِهِمْ إيَّاهَا لَا أَضْدَادِهَا مِنَ الْخَطَإِ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُمْ مِمَّا لَا يَعْمِدُونَهُ ، وَلَا يَقْصِدُونَ إلَيْهِ ، وَلَا يَقَعُونَ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِمْ إِيَّاهُ . وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : وَمَا جَهِلْتُ فَمَعْنَى مَا جَهِلْتُ : أَيْ : مَا عَمِلْتهُ جَاهِلًا بِقَصْدِي إلَيْهِ مَعَ مَعْرِفَتِي بِهِ ، وَجِنَايَتِي عَلَى نَفْسِي بِدُخُولِي فِيهِ وَعَمَلِي إِيَّاهُ . فَقَالَ قَائِلٌ : هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ مَا يُخَالِفُهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَهُوَ ابْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيِّ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ أَبَاهُ الْحُصَيْنَ بْنَ عُبَيْدٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَكَانَ مُشْرِكًا ، فَقَالَ : أَرَأَيْتَ رَجُلًا كَانَ يَقْرِي الضَّيْفَ ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ ، مَاتَ قَبْلَكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : كَأَنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ أَبَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ . قَالَ : فَمَا مَرَّتْ عِشْرُونَ لَيْلَةً حَتَّى مَاتَ مُشْرِكًا . قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ حُصَيْنًا أَبَا عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَاتَ مُشْرِكًا ، وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ذُكِرَ إسْلَامُهُ ، وَتَعْلِيمُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهُ مَا ذَكَرَ تَعْلِيمَهُ إِيَّاهُ فِيهِ ، وَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافًا كَمَا ذُكِرَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ رُوَاةِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ ، غَيْرَ أَنَّا تَأَمَّلْنَاهُمَا فَوَجَدْنَاهُمَا قَدْ يُخْرَجَانِ بِمَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عِمْرَانُ هُوَ ابْنُ حُصَيْنِ بْنِ حُصَيْنِ بْنِ عُبَيْدٍ ، فَيَكُونُ أَبُوهُ حُصَيْنٌ الْمَذْكُورُ بِالْإِسْلَامِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ أَبَاهُ الْأَدْنَى هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ وَعَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا عَلَّمَهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إسْلَامُهُ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ رَوَيْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ ، وَيَكُونُ الَّذِي مَاتَ مُشْرِكًا هُوَ حُصَيْنَ بْنَ عُبَيْدٍ أَبَاهُ الْأَقْصَى مِنْ أَبَوَيْهِ اللَّذَيْنِ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُصَيْنٌ ، فَيَصِحُّ الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا وَلَا يَتَضَادَّانِ ، وَذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا حُمِلَا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْفَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ، وَلَا يُخَالِفَهُ وَلَا يُضَادَّهُ . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : أَشْهَدُ وَالَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِمُوسَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَسَمِعْتُ صُهَيْبًا يَقُولُ : كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا رَأَى قَرْيَةً يُرِيدُ نُزُولَهَا قَالَ : اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَظْلَلْنَ ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقْلَلْنَ ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ ، أَسْأَلُكُ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَمِنْ خَيْرِ أَهْلِهَا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ - يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ - عَنْ أَبِي سَهْلِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ دَارِ أَبِي جُهَيْمٍ ، وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ : وَالَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِمُوسَى إِنَّ صُهَيْبًا حَدَّثَنِي أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلَّا قَالَ حِينَ يَرَاهَا : اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ ، فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا . وَحَلَفَ كَعْبٌ : وَالَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِمُوسَى لَإِنَّهَا كَانَتْ دَعَوَاتِ دَاوُدَ حِينَ يَرَى الْعَدُوَّ . فَقَالَ قَائِلٌ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ : وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ , وَ مَا لَا تَكُونُ لِبَنِي آدَمَ ، إِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ سِوَاهُمْ , وَيَكُونُ مَكَانَهَا لِبَنِي آدَمَ مَنْ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ }} فِي أَمْثَالٍ لِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْأَكْثَرَ غَيْرُ مَا ذُكِرَ ، غَيْرَ أَنَّ مَا قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي بَنِي آدَمَ أَيْضًا ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ }} يُرِيدُ آدَمَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَنْ وَلَدَ , وَقَوْلُهُ : {{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ }} بِمَعْنَى إِلَّا مَنْ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ، وَقَوْلُهُ : {{ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ }} بِمَعْنَى مَنْ طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ، فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنَ الْقُرْآنِ قَدْ جَاءَتْ بِمَا فِي مَعْنَى مَنْ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ : وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ بِمَعْنَى وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَنْ أَضْلَلْنَ . وَاللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَكَّامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ فِرَاسٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلَاثَةٌ يَدْعُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ : رَجُلٌ أَعْطَى مَالَهُ سَفِيهًا , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ }} ، وَرَجُلٌ دَايَنَ بِدَيْنٍ وَلَمْ يُشْهِدْ ، وَرَجُلٌ لَهُ امْرَأَةٌ سَيِّئَةُ الْخُلُقِ فَلَا يُطَلِّقُهَا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَاحْتَمَلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَكَّامٍ , وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ فِي رِوَايَتِهِ مَا يَقُولُونَهُ فِيهَا إِذْ كَانَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ شُعْبَةَ ، كَمَا حَدَّثَ بِهِ هُوَ عَنْهُ ، ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَلَّمَ عِبَادَهُ أَشْيَاءَ يَسْتَدْفِعُونَ بِهَا أَضْدَادَهَا ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ تَحْذِيرُهُ لَهُمْ أَنْ لَا يَدْفَعُوا إِلَى السُّفَهَاءِ أَمْوَالَهُمْ ؛ رَحْمَةً لَهُمْ ، وَطَلَبًا مِنْهُ لِبَقَاءِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ ، وَعَلَّمَهُمْ أَنْ يُشْهِدُوا فِي مُدَايَنَاتِهِمْ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ حِفْظًا لِأَمْوَالِ الطَّالِبِينَ مِنْهُمْ ، وَلِأَدْيَانِ الْمَطْلُوبِينَ مِنْهُمْ ، وَعَلَّمَهُمُ الطَّلَاقَ الَّذِي يَسْتَعْمِلُونَهُ عِنْدَ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِ ، فَكَانَ مَنْ تَرَكَ مِنْهُمْ مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ حَتَّى وَقَعَ فِي ضِدِّ مَا يُرِيدُ مُخَالِفًا لِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ ؛ فَلَمْ يُجِبْ دُعَاءَهُ لِخِلَافِهِ إِيَّاهُ , وَكَانَ مَنْ سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّنْ لَيْسَ بِعَاصٍ لِرَبِّهِ مَرْجُوًّا لَهُ إجَابَةُ الدَّعْوَةِ فِيمَا يَدْعُوهُ ، وَهُمُ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ }} ، وَحَذَّرَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الِاسْتِعْجَالِ فِي ذَلِكَ إجَابَةَ الدُّعَاءِ . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ الرُّعَيْنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ سَلَمَةَ الْأَزْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ ، فَتَبْسُطُ لَهُ نِطْعًا ، فَيَقِيلُ عَلَيْهِ ، فَتَأْخُذُ مِنْ عَرَقِهِ ، فَتَجْعَلُهُ فِي طِيبِهَا
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَأْتِيهَا فَيَقِيلُ عِنْدَهَا ، فَتَبْسُطُ لَهُ نِطْعًا فَيَقِيلُ , وَكَانَ كَثِيرَ الْعَرَقِ ، فَتَجْمَعُ عَرَقَهُ فَتَجْعَلُهُ فِي الطِّيبِ وَالْقَوَارِيرِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : : فَكَانَ هَذَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى حُكْمِ عَرَقِهِ مِنْ طَهَارَةٍ وَمِمَّا سِوَاهَا ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهِ فَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ , وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَيُبِيحَهُ لَهَا , أَوْ يَنْهَاهَا عَنْهُ , فَالْتَمَسْنَا ذَلِكَ , هَلْ نَجِدُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَمْ لَا ؟
فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْمُطَرِّفِ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ الْفِطْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اضْطَجَعَ عَلَى نِطْعٍ فَعَرِقَ ، فَقَامَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى عَرَقِهِ فَنَشَّفَتْهُ ، فَجَعَلَتْهُ فِي قَارُورَةٍ ، وَفَرَغَ لَهَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَأَلَهَا ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ عَرَقَكَ فِي طِيبِي . فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَاذَانَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَقِيلُ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ ، وَكَانَ كَثِيرَ الْعَرَقِ ، فَأَعْتَدَتْ لَهُ نِطْعًا يَقِيلُ عَلَيْهِ , فَكَانَتْ تَأْخُذُ عَرَقَهُ فَتَجْعَلُهُ فِي قَارُورَةٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ؟ فَقَالَتْ : عَرَقُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَجْعَلُهُ فِي طِيبِي . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ذِكْرُ وُقُوفِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ فِي ذَلِكَ ، وَتَرْكِهِ النَّكِيرَ عَلَيْهَا مَا كَانَ مِنْهَا فِيهِ ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى طَهَارَتِهِ كَانَ عِنْدَهُ ، وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْأَعْرَاقَ حُكْمُهَا حُكْمُ لُحْمَانِ أَهْلِهَا ، وَأَنَّ بَنِي آدَمَ الطَّاهِرَةَ لُحُومُهُمْ أَعْرَاقُهُمْ طَاهِرَةٌ أَيْضًا , وَأَنَّ مَا سِوَاهُمْ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمَأْكُولَةِ لُحُومُهَا كَذَلِكَ أَيْضًا فِي طَهَارَةِ أَعْرَاقِهَا , وَأَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمَمْنُوعَةَ مِنْ أَكْلِ لُحُومِهَا لِتَحْرِيمٍ أَوْ لِكَرَاهَةٍ أَعْرَاقُهَا لَهَا حُكْمُ لُحُومِهَا فِي ذَلِكَ . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا بَكَّارٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : اسْتَقْبَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمٍ ، فَقَالَتْ : إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ , وَقَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَجِّ ، أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ ؟ قَالَ : حُجِّي عَنْ أَبِيكِ ، وَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ : لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ . فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ شَابَّةً وَشَابًّا ، فَلَمْ آمَنِ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبِي أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ فِي الْحَجِّ ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ . قَالَ : حُجِّي عَنْهُ
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ الْكُوفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ يَعْنِي ابْنَ عِيَاضٍ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ , وَإِنْ حَمَلْتُهَا لَمْ تَسْتَمْسِكْ , وَإِنْ رَبَطْتُهَا خَشِيتُ أَنْ أَقْتُلَهَا . قَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَحُجَّ عَنْ أُمِّكَ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ ، أَوْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبِي أَوْ أُمِّي عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ ، إِنْ أَنَا حَمَلْتُهَا لَمْ تَسْتَمْسِكْ , وَإِنْ رَبَطْتُهَا خَشِيتُ أَنْ أَقْتُلَهَا . قَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ أَوْ أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ تَقْضِيهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَاحْجُجْ عَنْ أَبِيكَ أَوْ عَنْ أُمِّكَ
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنِ امْرَأَةٍ تُرِيدُ أَنْ تُعْتِقَ عَنْ أُمِّهَا رَقَبَةً ، قَالَ سُلَيْمَانُ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبِي دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ، فَإِنْ أَنَا شَدَدْتُهُ عَلَى الرَّحْلِ خَشِيتُ أَنْ أَقْتُلَهُ , وَإِنْ أَنَا لَمْ أَشُدَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَحُجَّ عَنْ أَبِيكَ
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَاسْتَقْبَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ مِنْ خَثْعَمٍ ، فَقَالَتْ : إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ , وَقَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْحَجِّ ، أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ ؟ قَالَ : حُجِّي عَنْ أَبِيكِ وَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ : لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ . فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ شَابَّةً وَشَابًّا فَلَمْ آمَنِ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ وَأَبُو أُمَيَّةَ قَالَا : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحُجَّ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ الرَّجُلُ : أَيُجْزِئُ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ ، أَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ ؟ فَإِنَّمَا هُوَ مِثْلُ ذَلِكَ
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَدَيْنُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَقُّ ، حُجَّ عَنْهُ
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جَنَادٍ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ مَوْلًى لِابْنِ الزُّبَيْرِ يُقَالُ لَهُ يُوسُفُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَوِ الزُّبَيْرُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ سَوْدَةَ ابْنَةِ زَمْعَةَ قَالَتْ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ , أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ قُبِلَ مِنْكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَرْحَمُ ، فَحُجَّ عَنْ أَبِيكَ . وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ النَّحْوِيُّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ . وَلَمْ يَذْكُرْ سَوْدَةَ
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ , وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : وَأَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَ عَنْهُ ، أَكَانَ يُجْزِئُ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَاحْجُجْ عَنْهُ
وَحَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالُوا جَمِيعًا : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَالظَّعْنَ . قَالَ : حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ جَوَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلَّذِي سَأَلَهُ أَوْ لِلَّتِي سَأَلَتْهُ عَنِ الْحَجِّ عَنْ أَبِيهِ ، أَوْ عَنْ أَبِيهَا ، أَوْ عَنْ أُمِّهِ ، أَوْ عَنْ أُمِّهَا ، مَا فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ لِسَائِلِهِ أَوْ لِسَائِلَتِهِ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيه ، أَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ ؟ أَيْ : وَكَمَا يُجْزِئُ ذَلِكَ عَنْهُ بِقَضَائِكَ إِيَّاهُ عَنْهُ ، فَكَذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ الْحَجُّ الَّذِي عَلَيْهِ بِقَضَائِكَ إِيَّاهُ عَنْهُ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْحَجَّ يُقْضَى عَنْ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ يُقْضَى الدَّيْنُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ ، وَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ أَنْ جَعَلَ مَا يَحُجُّ بِهِ عَنْهُ مِنَ الْمَالِ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ ، وَدَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ ، حَتَّى يُقْضَى ذَلِكَ عَنْهُ . فَعَارَضْنَاهُ نَحْنُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ ، فَقُلْنَا : لَا دَلِيلَ لَكَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ دَيْنٌ كَمَا ذَكَرْتَ ، وَلَكِنَّهُ حَقٌّ فِي بَدَنِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ حَتَّى يُخْرَجَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ ، أَوْ حَتَّى يُخْرِجَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْهُ عَنْهُ كَمَا الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ حَتَّى يُخْرَجَ إِلَى الَّذِي هُوَ لَهُ مِنْهُ , أَوْ حَتَّى يُخْرِجَ إلَيْهِ مِنْهُ غَيْرُهُ عَنْهُ , وَلَوْ كَانَ دَيْنًا لَكَانَ مُحَالًا أَنْ يُشَبَّهَ بِالدَّيْنِ ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ إِنَّمَا تُشَبَّهُ بِغَيْرِهَا وَلَا تُشَبَّهُ بِأَنْفُسِهَا ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ دَلَّ تَشْبِيهُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهُ بِالدَّيْنِ أَنَّهُ غَيْرُ دَيْنٍ , وَكَانَ طَلَبُ الْوَجْهِ فِي حُكْمِهِ بَعْدَ وَفَاةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَنْ يُقْضَى مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ أَوْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ، غَيْرَ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يَجِبُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ قَضَى دَيْنًا عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إِيَّاهُ بِذَلِكَ ، بَرِئَ مِنْهُ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ وُجُوبِ مِثْلِهِ لِلَّذِي قَضَاهُ عَنْهُ عَلَيْهِ ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ ، لَا كَمَا يَقُولُهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ يَرْجِعُ إِلَى الَّذِي قَضَاهُ عَنِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ . وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْبَرْدِيُّ ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ ، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفٍ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكِلَابِيُّ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عَزْرَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ : لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ . قَالَ : مَنْ شُبْرُمَةُ ؟ قَالَ : أَخٌ أَوْ قَرِيبٌ لِي . قَالَ : هَلْ حَجَجْتَ قَطُّ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : اجْعَلْ هَذِهِ عَنْكَ ، ثُمَّ احْجُجْ عَنْ شُبْرُمَةَ . قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ سُؤَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي سَمِعَهُ يُلَبِّي عَنْ شُبْرُمَةَ : هَلْ حَجَجْتَ قَطُّ ، وَجَوَابُ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ ، وَقَوْلُهُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : اجْعَلْ هَذِهِ عَنْكَ ، ثُمَّ احْجُجْ عَنْ شُبْرُمَةَ ، فَتَعَلَّقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْمٌ ، وَقَالُوا : مَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ ذَلِكَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ أَنَّ تِلْكَ الْحَجَّةَ تَكُونُ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ اتِّبَاعًا لِهَذَا الْحَدِيثِ ، ثُمَّ قَاسُوا عَلَيْهِ إحْرَامَ الرَّجُلِ عَنْ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا وَلَمْ يَكُنْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ حَجَّتَهُ تِلْكَ تَكُونُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَلَمْ يَقِيسُوا عَلَى ذَلِكَ أَحْكَامَ الصَّوْمِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ ، فَقَالُوا : مَنْ صَامَ فِي رَمَضَانَ تَطَوُّعًا إِنَّ ذَلِكَ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَلَا مِنَ التَّطَوُّعِ , وَقَدْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ إِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَا ثَابِتًا فِي الْحَجِّ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ صَوْمُ التَّطَوُّعِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ ، فَيُجْعَلَ مِنْ رَمَضَانَ لَا مِنَ التَّطَوُّعِ ، كَمَا جُعِلَ الْحَجُّ تَطَوُّعًا مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ عِنْدَهُمْ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَا مِنَ التَّطَوُّعِ ، بَلْ كَانَ الصَّوْمُ بِهَذَا أَوْلَى وَبِذَلِكَ الْحُكْمِ أَجْزَأَ ؛ لِأَنَّ رَمَضَانَ وَقْتٌ لِصَوْمِ الْعِبَادِ جَمِيعًا رَمَضَانَ فِيهِ ، لَا وَقْتَ لِصَوْمِ غَيْرِهِ فِيهِ ، وَوَقْتُ الْحَجِّ وَقْتٌ لِلْحَجِّ عَنِ الْفَرَائِضِ وَلِلْحَجِّ عَنِ النَّوَافِلِ . ثُمَّ اعْتَبَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا رُوِيَ سِوَاهُ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى ، فَوَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا يَدُورُ عَلَى عَزْرَةَ ، وَعَزْرَةُ هَذَا هُوَ عَزْرَةُ بْنُ تَمِيمٍ , وَقَدْ ذَكَرَ لِي هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيُّ عَنِ الْغَلَّابِيِّ قَالَ : كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَا يَرْضَى عَزْرَةَ ، يَعْنِي صَاحِبَ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَمَوْضِعُ يَحْيَى مِنْ هَذَا هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ فِيهِ ، ثُمَّ اعْتَبَرْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى سِوَى ذَلِكَ
فَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : سَمِعَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلًا يُلَبِّي عَنْ رَجُلٍ ، فَقَالَ : إِنْ كُنْتَ حَجَجْتَ ، وَإِلَّا فَحُجَّ عَنْ نَفْسِكَ . قَالَ : فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ أَحْسَنَ إسْنَادًا مِنْ إسْنَادِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، غَيْرَ أَنَّا الْتَمَسْنَا الرَّجُلَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ أَبُو قِلَابَةَ هَذَا الْحَدِيثَ هَلْ هُوَ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَبُو قِلَابَةَ لَقِيَهُ فَأَخَذَهُ عَنْهُ سَمَاعًا أَمْ لَا ؟
فَوَجَدْنَا عُبَيْدَ بْنَ رِجَالٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ : سَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَجُلًا يَقُولُ : لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ ، قَالَ : وَمَا شُبْرُمَةُ ؟ فَذَكَرَ قَرَابَةً , قَالَ : أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَاجْعَلْهَا عَنْ نَفْسِكَ ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ . وَوَجَدْنَا يُوسُفَ بْنَ يَزِيدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا خَالِدٌ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ الصَّحَابِيَّ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ أَبُو قِلَابَةَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَأَبُو قِلَابَةَ فَلَا سَمَاعَ لَهُ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَعَادَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ مُنْقَطِعًا ، وَلَمْ يَجُزْ لِلْمُحْتَجِّ بِهِ عَلَى أَصْلِهِ أَنْ يَحْتَجَّ بِمِثْلِهِ إِذْ كَانَ مِثْلُهُ عِنْدَهُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ . ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي رَوَيْنَاهُ مِنْهَا أَمْ لَا ؟
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ يُهِلُّ يَقُولُ : لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ عَنْ شُبْرُمَةَ . قَالَ : وَمَا شُبْرُمَةُ ؟ قَالَ : رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ . قَالَ : أَحَجَجْتَ أَنْتَ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَابْدَأْ أَنْتَ فَحُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ . قَالَ : فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ إِنَّمَا عَادَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا إِلَى رِوَايَةٍ مِنْهُ إِيَّاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي قِلَابَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لَا مَرْفُوعٌ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي قِلَابَةَ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ فَهُوَ مَرْفُوعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَهُ الِانْقِطَاعُ الَّذِي فِيهِ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي قِلَابَةَ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ دَخَلَ فِي حَدِيثِ عَمْرٍو عَنْ قَتَادَةَ مَا قَدْ دَخَلَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : إِنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ وَقَتَادَةَ ، فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ شَيْئًا ، فَذَلِكَ دَلِيلُ أَنَّ عَمْرًا لَمْ يَضْبِطْهُ عَنْ قَتَادَةَ ، كَمَا ضَبَطَهُ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ عَمْرًا ضَبَطَ مِمَّا يَظُنُّ وَالَّذِي جَاءَ مِمَّا ظُنَّ هُوَ مِنْ عَمْرٍو ، لَمْ يَكُنْ مِنْ قِبَلِ عَمْرٍو ، وَلَكِنَّهُ مِنْ قِبَلِ قَتَادَةَ لِحَذَاقَتِهِ بِالتَّدْلِيسِ حَتَّى يَجُوزَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُهُ مِنْهُ كَمَا جَازَ مِثْلُهُ فِي غَيْرِهِ عَلَى غَيْرِ عَمْرٍو مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا عَلَى الْكَرَابِيسِيِّ مِمَّا نَحْنُ مُسْتَغْنُونَ بِهِ عَنْ إعَادَتِهِ هَاهُنَا ، ثُمَّ أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ سِوَى مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيهِ مِنَ الْآثَارِ لِنَتَبَيَّنَ ثُبُوتَهَا أَوْ سُقُوطَهَا .
فَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي مَرْيَمَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ ، يَعْنِي يَعْقُوبَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجُلًا يَقُولُ : لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ . قَالَ : حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَعَنْ نَفْسِكَ فَحُجَّ قَبْلُ . قَالَ : فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا رَجَعَ إِلَى يَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءٍ ، وَلَيْسَ يَعْقُوبُ هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ حُجَّةً فِي الْحَدِيثِ . ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رَوَى غَيْرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ ؟
فَوَجَدْنَا يُوسُفَ بْنَ يَزِيدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يُلَبِّي عَنْ شُبْرُمَةَ ، فَقَالَ : وَمَا شُبْرُمَةُ ؟ فَذَكَرَ قَرَابَةً ، قَالَ : أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَاحْجُجْ عَنْ نَفْسِكَ ، ثُمَّ احْجُجْ عَنْ شُبْرُمَةَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى مَعَ جَلَالَةِ مِقْدَارِهِ وَعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ فِي الْفِقْهِ وَفِيمَا سِوَاهُ مُضْطَرِبُ الْحِفْظِ جِدًّا . ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَاهُ ؟
فَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يَحُجَّ ، أَيَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ ؟ فَقَالَ : دَيْنُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَقُّ أَنْ يَقْضِيَهُ . قُلْتُ أَنَا : وَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ إسْنَادًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِيهِ ، غَيْرَ أَنَّ الَّذِي فِيهِ مِنْ جَوَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلَّذِي سَأَلَهُ عَمَّا سَأَلَهُ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ أَنَّ دَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَقُّ أَنْ يَقْضِيَهُ ، فَهَذَا خِلَافُ مَا فِي غَيْرِهِ مِمَّا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ عَنْ غَيْرِهِ كَانَ ذَلِكَ الْإِحْرَامُ عَنْ نَفْسِهِ . وَلَمَّا لَمْ نَجِدْ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مَا يَدُلُّنَا عَلَى الْجَوَابِ فِي هَذَا الْبَابِ طَلَبْنَاهُ فِي غَيْرِهَا ، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا سَأَلَهُ مَنْ سَأَلَهُ فِي الْحَجِّ عَنْ غَيْرِهِ ، فَأَطْلَقَ ذَلِكَ لَهُ ، لَمْ يَسْأَلْهُ أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا ؟ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ أَطْلَقَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ ذَلِكَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ . ثُمَّ اعْتَبَرْنَا حُكْمَ مَنْ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ , فَحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ حَجَّةً تَطَوُّعًا هَلْ يَكُونُ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ ذَلِكَ مَنْ قَالَهُ فِيهِ ، أَوْ يَكُونُ تَطَوُّعًا كَمَا قَالَ ذَلِكَ مَنْ قَالَهُ فِيهِ وَهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ ؟
فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . قَالَ : وَحَدَّثَنَا دَاوُدُ ، عَنْ زُرَارَةَ ، يَعْنِي ابْنَ أَوْفَى ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ جَمِيعًا يَرْفَعَانِهِ ، قَالَا : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَلَاتُهُ ، فَإِنْ كَانَ أَكْمَلَهَا كُتِبَتْ كَامِلَةً , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْمَلَهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ : انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَأَكْمِلُوا بِهِ مَا ضَيَّعَ مِنْ فَرِيضَتِهِ , وَالزَّكَاةُ مِثْلُ ذَلِكَ ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى حِسَابِ ذَلِكَ
وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ ، قَالَ : جَلَسْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَسَمِعْتهُ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ بِصَلَاتِهِ ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ , وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ , وَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْئًا قَالَ : انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكْمَلُ بِهِ مَا نَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ . فَدَلَّنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ مِنَ الْحَجِّ التَّطَوُّعِ , وَلَمْ يَحُجَّ قَبْلَ ذَلِكَ الْحَجَّ الْمَفْرُوضَ عَلَيْهِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحُجَّ تَطَوُّعًا , وَلَمْ يَحُجَّ الْفَرِيضَةَ ، وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ الْحَجَّ الْمُفْتَرَضَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ الْحَجَّ الْمُفْتَرَضَ عَلَيْهِ . وَكَمَا كَانَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ تَطَوُّعًا ، ثُمَّ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ، كَانَ ذَلِكَ لِمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الْحَجِّ وَوَجَبَ عَلَيْهِ فَرْضُهُ أَنْ يَحُجَّ تَطَوُّعًا عَنْ نَفْسِهِ , وَأَنْ يَحُجَّ حَجًّا مَفْرُوضًا عَنْ غَيْرِهِ . ثُمَّ الْتَمَسْنَا الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ مَنْ هُوَ ؟
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، يَعْنِي ابْنَ رَاهْوَيْهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ صَلَاتُهُ ، فَإِنْ كَانَ أَكْمَلَهَا ، وَإِلَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : انْظُرُوا لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ ، فَإِنْ وُجِدَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ : أَكْمِلُوا لَهُ الْفَرِيضَةَ . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ صَبِيٍّ : هَلْ لِهَذَا مِنْ حَجٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَكِ أَجْرٌ
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَرَّ بِامْرَأَةٍ وَهِيَ فِي مِحَفَّتِهَا ، فَقِيلَ لَهَا : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ مَعَهَا ، فَقَالَتْ : أَلِهَذَا حَجٌّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَعَمْ ، وَلَكِ أَجْرٌ . وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ لَا يَرْفَعُهُ أَحَدٌ مِنْ رُوَاتِهِ عَنْهُ إِلَّا ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَثْمَةَ ، فَإِنَّهُمَا يَرْفَعَانِهِ عَنْهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، يَعْنِي الثَّوْرِيَّ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : أَلِهَذَا حَجٌّ ؟ قَالَ : ، نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ . وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ ، قَالَ : قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا لَهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . أَخْطَأَ فِيهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، إِنَّمَا هُوَ مُرْسَلٌ . قَالَ يَحْيَى : وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْهُ مُرْسَلًا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : مَا عَمِلَ يَحْيَى فِي هَذَا شَيْئًا , وَمَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ إِلَّا مَرْفُوعًا كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْهُ ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ ، فَرَفَعَهُ . كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ . وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا يَحْيَى الْقَطَّانُ , وَبِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ ، عَنِ الثَّوْرِيِّ ، كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ قَبِيصَةُ . كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ . وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ . وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ . كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِثْلَهُ بِغَيْرِ ذِكْرٍ مِنْهُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِيهِ . ثُمَّ نَظَرْنَا فِي هَذَا الْحَجِّ الَّذِي يَكُونُ مِنَ الصَّبِيِّ إِذَا كَانَ مِنَ الصَّبِيِّ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ مِنْ كَبِيرٍ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَمَا سِوَاهَا ، كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ الصَّبِيُّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ أَدْخَلَهُ فِيهِ ، أَوْ لَا وَاجِبَ فِيهِ . فَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفِينَ ، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ , وَلَا عَلَى غَيْرِهِ , مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُهُ . وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَدْخَلَهُ فِيهِ , وَمِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَلَى مَعَانِي قَوْلِ مَالِكٍ . وَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ تَقُولُ : هُوَ عَلَى الصَّبِيِّ دُونَ مَنْ سِوَاهُ ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ . وَاحْتَجْنَا نَحْنُ إِلَى طَلَبِ الْأَوْلَى مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ الثَّلَاثَةِ ، فَوَجَدْنَا مَنْ قَالَ إِنَّ الْوَاجِبَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ الصَّبِيَّ فِي ذَلِكَ الْإِحْرَامِ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْإِحْرَامَ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي أَدْخَلَ الصَّبِيَّ فِيهِ ، فَيَكُونَ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ فِيهِ ، وَيَكُونَ عَلَيْهِ تَخْلِيصُ الصَّبِيِّ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ بِإِدْخَالِهِ إِيَّاهُ فِيهِ . وَوَجَدْنَا قَوْلَ مَنْ جَعَلَ عَلَى الصَّبِيِّ أَيْضًا لَا مَعْنَى لَهُ فِي إجْمَاعِهِمْ أَنَّ كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ وَسَائِرَ الْعِبَادَاتِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ ، فَكَانَ مِثْلَ ذَلِكَ الْعِبَادَةُ فِي مِثْلِ هَذَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ . وَوَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الْكَفَّارَاتِ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي يُصِيبُهَا النَّاسُ فِي حَجِّهِمْ جَعَلَهَا نَكَالًا لَهُمْ ؛ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْجَزَاءِ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ فِي إحْرَامِهِ : {{ لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ }} , فَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِمَّنْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَاتِ مُرْتَفِعَاتٌ عَنْهُ ، وَلَمَّا ارْتَفَعَ هَذَانِ الْقَوْلَانِ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقَوْلُ الْآخَرُ الَّذِي قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ ، كَانَ هُوَ الْأَوْلَى مِمَّا قِيلَ فِيهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَمَا مَعْنَى دُخُولِهِ فِي ذَلِكَ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ أَحْكَامُهُ الْمُفْتَرَضَةُ فِيهِ ؟ قِيلَ لَهُ : كَدُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي تَجِبُ عَلَى الدَّاخِلِينَ فِيهَا مِنَ الْبَالِغِينَ ، وَلَا تَجِبُ عَلَى الدَّاخِلِينَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ الْبَالِغِينَ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَمِّي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلَاةَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرٍ . وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْبَدٍ السَّرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَبْرَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلَاةَ . ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ . فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَفْعُ ضَرْبِ الصَّبِيِّ عَلَيْهَا دُونَ عَشْرِ سِنِينَ , وَالْبَالِغُونَ يُضْرَبُونَ عَلَيْهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ ، بَلْ يَتَجَاوَزُ بَعْضُ النَّاسِ بِهِمْ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا هُوَ أَغْلَظُ مِنَ الضَّرْبِ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُضْرَبُ عَلَيْهَا وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ ، وَهُوَ حِينَئِذٍ غَيْرُ بَالِغٍ . قِيلَ لَهُ : ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِيَعْتَادَهَا حَتَّى تَكُونَ خُلُقًا لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ ، لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقُ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عِمْرَانَ الْأُرْدُنِّيُّ أَبُو أَيُّوبَ بِطَبَرِيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْمُقْرِئُ الْبَزَّارُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ ، قَالَ : وَكَانَ حَرَمِيَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً ، فَرَدَّهَا وَقَالَ : إِنَّا لَا نَقْبَلُ زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ
وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ : سَأَلْتُ الْحَسَنَ : مَا زَبْدُ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : رِفْدُهُمْ
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَسَنُ أَنَّ عِيَاضَ بْنَ حِمَارٍ ، وَكَانَ حَرَمِيَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَتَاهُ بِنَاقَةٍ يُهْدِيهَا إلَيْهِ ، فَلَمَّا رَآهَا قَالَ : يَا عِيَاضُ ، مَا هَذِهِ ؟ قَالَ : أَهْدَيْتُهَا لَكَ . قَالَ : قُدْهَا . فَقَادَهَا ، قَالَ : رُدَّهَا . فَرَدَّهَا ، قَالَ : يَا عِيَاضُ ، هَلْ أَسْلَمْتَ بَعْدُ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَلَمْ يَقْبَلْهَا ، وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْنَا زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ . قَالَ : وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْهَدِيَّةَ الزَّبْدَ . قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : الْحَرَمِيُّ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ ، وَيَكُونُ الصَّدِيقَ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ حَرَمِيٌّ
وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالصَّقَلِّيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أَهْدَى أَمِيرُ الْقِبْطِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَارِيَتَيْنِ أُخْتَيْنِ قِبْطِيَّتَيْنِ وَبَغْلَةً ، فَأَمَّا الْبَغْلَةُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَرْكَبُهَا ، وَأَمَّا إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ فَتَسَرَّاهَا ، فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ ، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَأَعْطَاهَا حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِّيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ صَاحِبِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ - يَعْنِي بِكِتَابِهِ مَعَهُ إلَيْهِ - فَقَبَّلَ كِتَابَهُ ، وَأَكْرَمَ حَاطِبًا وَأَحْسَنَ نُزُلَهُ ، ثُمَّ سَرَّحَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَأَهْدَى لَهُ مَعَ حَاطِبٍ كُسْوَةً وَبَغْلَةً بِسَرْجِهَا وَجَارِيَتَيْنِ ، إحْدَاهُمَا أُمُّ إِبْرَاهِيمَ ، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَوَهَبَهَا لِجَهْمِ بْنِ قَيْسٍ الْعَبْدَرِيِّ ، فَهِيَ أُمُّ زَكَرِيَّا بْنِ جَهْمٍ الَّذِي كَانَ خَلِيفَةً لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى مِصْرَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِنَّمَا أَدْخَلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ الْقَارِّيَّ مِمَّنْ وُلِدَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَيُقَالَ : إِنَّهُ قَدْ رَآهُ ، فَدَخَلَ بِذَلِكَ فِي صَحَابَتِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي بِهِ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ عِيَاضٍ هَدِيَّتَهُ ، وَعَنِ الْوَجْهِ الَّذِي بِهِ قَبِلَ مِنَ الْمُقَوْقِسِ هَدِيَّتَهُ ، وَكِلَاهُمَا كَافِرٌ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ كُفْرَ عِيَاضٍ كَانَ كُفْرَ شِرْكٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجُحُودٍ لِلْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ ، وَكُفْرَ الْمُقَوْقِسِ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُقِرًّا بِالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ ، وَمُؤْمِنًا بِنَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عِيسَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَكَانَ عِيَاضٌ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مَطْلُوبِينَ بِالزَّوَالِ عَنْ مَا هُمْ عَلَيْهِ ، وَبِتَرْكِهِ إِلَى ضِدِّهِ ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَالْإِيمَانُ بِهِ ، وَكَانَ الْمُقَوْقِسُ وَمَنْ سِوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَطْلُوبِينَ بِالتَّصْدِيقِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَالْإِيمَانِ بِهِ , وَالثُّبُوتِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ دِينِ عِيسَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَكَانَ عِيَاضٌ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ ذَبَائِحُهُمْ ، وَلَا مَنْكُوحَةٍ نِسَاؤُهُمْ , وَكَانَ الْمُقَوْقِسُ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مَأْكُولَةً ذَبَائِحُهُمْ ، وَمَنْكُوحَةً نِسَاؤُهُمْ , فَكَانَ الْفَرِيقَانِ وَإِنْ كَانُوا جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ ، يَخْتَلِفُ كُفْرُهُمْ ، وَتَتَبَايَنُ أَحْكَامُهُمْ , وَكَانَ كُلُّ شِرْكٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُفْرًا ، وَلَيْسَ كُلُّ كُفْرٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شِرْكًا , وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ لَا يُجَادِلَ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }} ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْمُقَوْقِسُ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى عِيسَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ كُتُبَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، فَقَبِلَ هَدِيَّةَ مَنْ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُجَادِلَهُ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّ الْأَحْسَنَ قَبُولُ هَدِيَّتِهِ مِنْهُ ، وَرَدَّ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ ؛ لِأَنَّهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَلِأَنَّ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَهُ بِمُنَابَذَتِهِمْ وَبِقِتَالِهِمْ حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَفَصَلَ بَيْنَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ ، فَخَالَفَ بَيْنَ أَسْمَائِهِمْ وَبَيْنَ مَا نَسَبَهُمْ إلَيْهِ ، فَقَالَ : {{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا }} وَهُمُ الْيَهُودُ , {{ وَالصَّابِئِينَ }} وَهُمْ أُمَّةٌ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، لَهُمْ أَحْكَامٌ سَنَأْتِي بِهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ , {{ وَالنَّصَارَى }} وَهُمُ الَّذِينَ مِنْهُمُ الْمُقَوْقِسُ , {{ وَالْمَجُوسَ }} وَهُمْ مُشْرِكُو الْعَجَمِ الَّذِينَ لَا يُقِرُّونَ بِبَعْثٍ ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِكِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ ، وَهُمْ فِي الْعَجَمِ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فِي الْعَرَبِ إِلَّا فِيمَا يُخَالِفُونَهُمْ فِيهِ مِنْ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، {{ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا }} وَهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ لَا يُقِرُّونَ بِبَعْثٍ ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِكِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَكَذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ تَفْرِيقِهِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْأَسْمَاءِ وَفِي الْأَحْكَامِ
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ الْقَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، قَالَ : شَهِدْتُ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَقَالَ قَوْلًا كَثِيرًا حَسَنًا جَمِيلًا , وَكَانَ فِيهَا : مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ ، وَلَهُ مِثْلُ الَّذِي لَنَا ، وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْنَا ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَهُ أَجْرُهُ ، وَلَهُ مِثْلُ الَّذِي لَنَا ، وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْنَا . فَكَانَ فِيمَا تَلَوْنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى تَبَايُنِ الْفَرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فِي الْكُفْرِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ , وَفِي مُنَابَذَةِ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْهُمَا , وَفِي أَنْ لَا يُجَادَلَ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنْهُمْ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ , وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى اتِّسَاعِ قَبُولِهِ هَدَايَاهُمْ مِنْهُمْ , فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَدِيَّةَ مَنْ قَبِلَ هَدِيَّتَهُ مِنْهُمْ لِذَلِكَ ، وَرَدَّ هَدِيَّةَ مَنْ رَدَّ هَدِيَّتَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْفَرِيقِ الْآخَرِ لِلْأَسْبَابِ الَّتِي فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ . وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ الْأَسْلَمِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قِبَلَ بَدْرٍ ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبْرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ ، فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَارْجِعْ ؛ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ . قَالَ : ثُمَّ مَضَى ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، فَقَالَ : لَا . فَقَالَ : ارْجِعْ ؛ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ . قَالَ : فَرَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ : أَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَانْطَلِقْ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبْرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ ذُو جُرْأَةٍ وَنَجْدَةٍ ، فَلَمَّا رَآهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَرِحُوا بِهِ وَأَعْجَبَهُمْ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَخْرُجُ مَعَكَ فَأُقَاتِلُ وَأُصِيبُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَارْجِعْ ؛ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ . فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَدْرَكَهُ ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالُوا : هَذَا فُلَانٌ قَدْ رَجَعَ . فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَخْرُجُ مَعَكَ فَأُقَاتِلُ وَأُصِيبُ . فَقَالَ : أَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : فَارْجِعْ ؛ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ . فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَهْرِ الْبَيْدَاءِ لَحِقَهُ أَيْضًا ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَخْرُجُ مَعَكَ فَأُقَاتِلُ وَأُصِيبُ . فَقَالَ : أَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَنَعَمْ إِذًا
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يُرِيدُ بَدْرًا : أَخْرُجُ مَعَكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ . قَالَ : بِشْرٌ : فَقُلْتُ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ : أَلَيْسَ ابْنُ شِهَابٍ يُحَدِّثُ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ سَارَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَشَهِدَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَهُوَ كَافِرٌ ؟ قَالَ : بَلَى ، وَلَكِنْ سَارَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَلَمْ يَأْمُرْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَاتَلَ مَعَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ارْجِعْ ؛ فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ نُعَيْمٍ ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لِقَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : : وَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَوْلُهُ : إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ , وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ وَهُوَ كَافِرٌ ، وَطَلَبْنَا ذَلِكَ هَلْ نَجِدُهُ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ مُتَّصِلِ الْإِسْنَادِ ؟
فَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ ، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ أَبِيهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ حُنَيْنٍ جَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ يَقُولُ : لَا تَنْتَهِي هَزِيمَتُهُمْ دُونَ الْبَحْرِ ، وَصَرَخَ كَلَدَةُ بْنُ الْحَنْبَلِ وَهُوَ مَعَ أَخِيهِ لِأُمِّهِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ : أَلَا بَطَلَ السِّحْرُ الْيَوْمَ . فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ : اسْكُتْ فَضَّ اللَّهُ فَاكَ ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ . وَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقُ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ بِإِسْنَادِهِ . فَصَارَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي أَمْرِ صَفْوَانَ مَوْجُودًا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ مُتَّصِلًا
وَحَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُسْتَلِمُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : ثنا خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُبَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يُرِيدُ غَزْوًا أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي وَلَمْ نُسْلِمْ ، فَقُلْنَا : إِنَّا نَسْتَحِي أَنْ يَشْهَدَ قَوْمُنَا مَشْهَدًا لَمْ نَشْهَدْهُ مَعَهُمْ . قَالَ : وَأَسْلَمْتُمَا ؟ قُلْنَا : لَا . قَالَ : فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ . حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . فَقَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ يَدْفَعُ مَا رَوَيْتَهُ عَنْ أَمْرِ صَفْوَانَ فِي قِتَالِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ مُشْرِكٌ مَا سِوَاهُ مِمَّا رَوَيْتَهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ قِصَّةِ صَفْوَانَ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِمَا رَوَيْنَاهُ فِي سِوَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنِّي لَا أَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ ؛ لِأَنَّ قِتَالَ صَفْوَانَ كَانَ مَعَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، لَا بِاسْتِعَانَةٍ مِنْهُ إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ . فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا امْتَنَعَ مِنَ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ وَبِأَمْثَالِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنَ الْقِتَالِ مَعَهُ بِاخْتِيَارِهِمْ لِذَلِكَ , وَكَانَ تَرْكُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الِاسْتِعَانَةَ بِهِمْ مُحْتَمَلًا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا }} فَكَانَتِ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمُ اتِّخَاذَهُ لَهُمْ بِطَانَةً ، وَلَمْ يَكُنْ قِتَالُهُمْ مَعَهُ بِغَيْرِ اسْتِعَانَةٍ مِنْهُ بِهِمُ اتِّخَاذًا مِنْهُ إيَّاهُمْ بِطَانَةً . فَقَالَ قَائِلٌ : فَأَنْتُمْ قَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ دُعَاءَهُ الْيَهُودَ إِلَى قِتَالِ أَبِي سُفْيَانَ مَعَهُ , وَهُمْ مِمَّنْ لَا يَأْلُونَهُ خَبَالًا
وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْحَارِثَ بْنَ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ بَعْضِ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَمْعُ أَبِي سُفْيَانَ لِيَخْرُجَ إلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَانْطَلَقَ إِلَى الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا فِي النَّضِيرِ ، فَوَجَدَ مِنْهُمْ نَفَرًا عِنْدَ مَنْزِلِهِمْ ، فَرَحَّبُوا ، فَقَالَ : إِنَّا جِئْنَاكُمْ لِخَيْرٍ ، إِنَّا أَهْلُ الْكِتَابِ وَأَنْتُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ , وَإِنَّ لِأَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ النَّصْرَ , وَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَدْ أَقْبَلَ إلَيْنَا بِجَمْعٍ مِنَ النَّاسِ ، فَإِمَّا قَاتَلْتُمْ مَعَنَا ، أَوْ أَعَرْتُمُونَا سِلَاحًا . قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ شَيْئًا مِمَّا رَوَيْتَهُ فِي هَذَا الْبَابِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يُخَالِفُ شَيْئًا مِمَّا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ دَعَاهُمُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى قِتَالِ أَبِي سُفْيَانَ مَعَهُ لَيْسُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ إِنَّهُ لَا يَسْتَعِينُ بِهِمْ ، أُولَئِكَ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ ، وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا مُبَايَنَةَ مَا هُمْ عَلَيْهِ ، وَمَا عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْكِتَابِ الَّذِينَ نَجْتَمِعُ نَحْنُ وَهُمْ فِي الْإِيمَانِ بِمَا يُؤْمِنُونَ بِهِ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى مَنْ أَنْزَلَهَا عَلَيْهِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ ، وَنُؤْمِنُ نَحْنُ وَهُمْ بِالْبَعْثِ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ ، وَأُولَئِكَ الْآخَرُونَ لَا يُؤْمِنُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، فَنَحْنُ وَهَؤُلَاءِ الْكِتَابِيُّونَ فِي قِتَالِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ يَدٌ وَاحِدَةٌ , وَالْغَلَبَةُ لَنَا ؛ لِأَنَّا الْأَعْلَوْنَ عَلَيْهِمْ ، وَهُمْ تُبَّاعٌ لَنَا فِي ذَلِكَ ، وَهَكَذَا حُكْمُهُمْ إِلَى الْآنَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، يَقُولُونَ : لَا بَأْسَ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي قِتَالِ مَنْ سِوَاهُمْ إِذَا كَانَ حُكْمُنَا هُوَ الْغَالِبَ ، وَيَكْرَهُونَ مَا سِوَى ذَلِكَ إِذَا كَانَتْ أَحْكَامُنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ تِلْكَ الْحَالِ . فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَأَنْتُمْ قَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يُخَالِفُ هَذَا
يَعْنِي مَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مُنْذِرٍ السَّاعِدِيِّ ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ ، حَتَّى إِذَا خَلَفَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ إِذَا هُوَ بِكَتِيبَةٍ خَشْنَاءَ ، فَقَالَ : مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالُوا : بَنُو قَيْنُقَاعَ ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ . فَقَالَ : أَسْلِمُوا . فَأَبَوْا ، قَالَ : قُلْ لَهُمْ فَلْيَرْجِعُوا ؛ فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ ، لَيْسَ يَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ لَيْسَ مِنَ الْيَهُودِ ؛ وَلَكِنَّهُ مِنَ الرَّهْطِ الَّذِينَ يَرْجِعُ الْأَنْصَارُ إلَيْهِمْ بِأَنْسَابِهِمْ ، وَلَكِنَّهُ جَدَلَ بِنِفَاقِهِ ، فَأَمَّا نَسَبُهُ فِيهِمْ فَقَائِمٌ ، وَقِيلَ : إِنَّهُمْ قَوْمُهُ ، أَيْ لِأَنَّهُمْ قَوْمُهُ بِمُحَالَفَتِهِ لَا بِمَا سِوَى ذَلِكَ . قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَهَذَا يُخَالِفُ مَا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ فِي مَوْضِعَيْنِ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ جَعَلَهُمْ مُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ لَهُمْ : إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَمَنْعُهُ إيَّاهُمْ مِنَ الْقِتَالِ مَعَهُ , وَفِي حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا فِي النَّضِيرِ إِلَى الْقِتَالِ مَعَهُ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ الْحَدِيثِ وَلَا شَيْءٍ مِمَّا رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ؛ لِأَنَّ وَجْهَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِهَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ مَا قَالَهُ لَهُمْ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ كَانَ بَعْدَ وُقُوفِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ الْمُنَافِقِ مِنَ الْحِلْفِ , وَالْمُحَالَفَةُ هِيَ الْمُوَافَقَةُ مِنَ الْحَالِفِينَ لِلْحَالِفِينَ ، فَكَانُوا بِذَلِكَ خَارِجِينَ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي كَانُوا مِنْ أَهْلِهِ مِمَّا سِوَاهُمْ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا فِي النَّضِيرِ فِي ذَلِكَ بِحِلَافِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُحَالِفُوا مُنَافِقًا ، وَكَانَ أُولَئِكَ بِمَا حَالَفُوا الْمُنَافِقَ الَّذِي حَالَفُوهُ مُرْتَدِّينَ عَمَّا كَانُوا فِيهِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ , فَكَانُوا بِذَلِكَ كَالْمُرْتَدِّينَ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِنَا إِلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ إِلَى نَصْرَانِيَّةٍ ، فَلَا يَكُونُونَ بِذَلِكَ يَهُودًا وَلَا نَصَارَى ؛ لِأَنَّ ذَبَائِحَهُمْ غَيْرُ مَأْكُولَاتٍ ؛ وَلِأَنَّ نِسَاءَهُمُ اللَّاتِي دَخَلْنَ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَنْكُوحَاتٍ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ بَنُو قَيْنُقَاعَ لَمَّا حَالَفُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ الْمُنَافِقَ ، فَوَاطَئُوهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ النِّفَاقِ ، وَوَافَقُوهُ عَلَى ذَلِكَ ؛ خَرَجُوا بِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْكِتَابِ الَّذِي كَانُوا مِنْ أَهْلِهِ ، وَصَارُوا مُشْرِكِينَ كَمُشْرِكِي الْعَرَبِ الَّذِينَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَعِينُ بِهِمْ ، فَلَمْ يَسْتَعِنْ بِهِمْ فِي قِتَالِهِ الْمُشْرِكِينَ لِذَلِكَ ، فَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ تَمَسَّكَ بِكِتَابِهِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الَّذِي يَذْكُرُ أَنَّهُ عَلَى دِينِهِ فَمُخَالِفٌ لِذَلِكَ , وَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِعَانَةِ بِمِثْلِهِ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُشْرِكٍ ، إِنَّمَا هُوَ كِتَابِيٌّ كَافِرٌ ، وَهُوَ عَدُوٌّ لِلْكُفَّارِ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ كَمَا نَحْنُ أَعْدَاءٌ لَهُمْ . وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَا : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ يُرِيدُ زِيَارَةَ الْبَيْتِ لَا يُرِيدُ قِتَالًا وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ , فَكَانَ الْهَدْيُ سَبْعِينَ بَدَنَةً , وَكَانَ النَّاسُ سَبْعَ مِائَةِ رَجُلٍ , وَكَانَتْ كُلُّ بَدَنَةٍ عَنْ عَشَرَةٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ بَدَنَةٍ كَانَتْ مِنْ تِلْكَ الْبُدْنِ عَنْ عَشَرَةٍ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَئِذٍ غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ تَابَعَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ عَلَى مَا رَوَاهُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَدِ النَّاسِ الَّذِينَ كَانُوا حِينَئِذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَنَّهُمْ كَانُوا سَبْعَ مِائَةٍ فَمَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ السَّقَطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ , وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَا : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً فَلَمَّا كَانَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهَا قَالَ : سُفْيَانُ انْتَهَى حِفْظِي مِنَ الزُّهْرِيِّ إِلَى هَذَا , وَكَانَ طَوِيلًا فَثَبَّتَنِي مَعْمَرٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ ، وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ , ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي الدَّوْرَقِيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ ، قِرَاءَةً عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : ثنا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ الْمِسْوَرِ ، وَمَرْوَانَ مِثْلَهُ . قَالَ : وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى فِي الْقَبُولِ , وَالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ قَدْ وَافَقَ مَعْمَرًا وَسُفْيَانَ عَلَى مَا رَوَيَاهُ عَلَيْهِ عَنْهُ وَخَالَفَ ابْنَ إِسْحَاقَ فِيمَا رَوَاهُ عَلَيْهِ عَنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَمْ يَكُنِ الْمِسْوَرُ وَلَا مَرْوَانُ مِمَّنْ حَضَرَ ذَلِكَ وَلَا شَاهَدَهُ , وَقَدْ كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ الْأَنْصَارِيَّانِ مِمَّنْ شَهِدَ ذَلِكَ فَكِلَاهُمَا يُخْبِرُ فِي عَدَدِ الْقَوْمِ بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِيهِ
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ , وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالُوا : أَنْبَأََنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ غَيْرَ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ قَالَ : أَنْبَأَنَا أَبِي ، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا , فَقَالُوا عَنِ اللَّيْثِ قَالَ : أَنْبَأَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ فَبَايَعْنَاهُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَهِيَ سَمُرَةٌ , فَبَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ : سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ شُعْبَةُ ، وَأَخْبَرَنِي حُصَيْنٌ قَالَ : سَمِعْتُ سَالِمًا قَالَ : قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَ الشَّجَرَةِ ؟ قَالَ : كُنَّا أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرٌ قَالَ : قَالَ : الْأَعْمَشُ : حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ : قُلْتُ لِجَابِرٍ : كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : أَلْفٌ وَأَرْبَعُ مِائَةٍ
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُلْوَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ : كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً , وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا قَطْرَةٌ , فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ , فَتَمَضْمَضَ وَمَجَّ فِي الْبِئْرِ فَمَا مَكَثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ حَتَّى اسْتَقَيْنَا حَتَّى رَوِينَا وَرَوِيَتْ رِحَالُنَا قَالَ : فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ عَدَدَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا يَوْمَئِذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خِلَافَ مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ مِنْ عَدَدِهِمْ , ثُمَّ احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الْبُدْنُ عَدَدُهَا كَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَوْ خِلَافَ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَقَفْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نُحِرَتْ كُلُّ بَدَنَةٍ مِنْهَا عَنْ سَبْعَةٍ . كَذَلِكَ ذَكَرَ جَابِرٌ
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَبَحَ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ , وَالْجَزُورَ عَنْ سَبْعَةٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ سَبْعِينَ بَدَنَةً كُلُّ بَدَنَةٍ عَنْ سَبْعَةٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، مِثْلَهُ
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا ، حَدَّثَهُ ح وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا , فَقَالَا : عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّهُمْ نَحَرُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ فَفِي هَذَا أَنَّ السَّبْعِينَ ، لَمْ تُنْحَرْ إِلَّا عَنْ خَاصٍّ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ عَدَدُهُمْ أَلْفٌ وَأَرْبَعُ مِائَةٍ . , فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّهُمْ ضَحَّوْا مَعَهُ بِالْبَعِيرِ عَنْ عَشَرَةٍ
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ ، ح وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا هَدِيَّةُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَا أَنْبَأَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ ، عَنْ عِلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَضَحَّيْنَا الْبَعِيرَ عَنْ عَشَرَةٍ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ كَمَا ذَكَرَ وَلَكِنَّهُ قَدْ وَافَقَ جَابِرًا فِي السَّبْعَةِ وَزَادَ عَلَيْهِ مَا فَوْقَهَا فَصَارَتِ السَّبْعَةُ إِجْمَاعًا , وَمَا فَوْقَهَا يُطْلَبُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ , وَالزِّيَادَةُ أَوْلَى فَنَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ مَا يُخَالِفُهُ
فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَانَ بْنَ يَزِيدَ ، يُحَدِّثُ عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ الْجَزُورَ عَنْ سَبْعَةٍ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبَانُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَفَعَهُ مَرَّةً وَلَمْ يَرْفَعْهُ ثَانِيَةً مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ هَذَا أَوْلَى ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا التَّوْقِيفِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي هُوَ سَبْعَةٌ مَا يَمْنَعُ أَنْ يُجْزِئَ عَمَّا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدِ احْتَجَّ فِي هَذَا لِلسَّبْعَةِ
بِمَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : عَلَيَّ نَاقَةٌ , وَقَدْ عَزَبَتْ عَلَيَّ , فَقَالَ : اشْتَرِ سَبْعًا مِنَ الْغَنَمِ قَالَ : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَزُورَ عَدْلُهُ سَبْعَةٌ مِنَ الْغَنَمِ , فَكَشَفْنَا عَنْ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَاسِدَ الْإِسْنَادِ كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، ثُمَّ ذَكَرَهُ . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ عَطَاءً الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ لَيْسَ بِابْنِ أَبِي رَبَاحٍ , وَإِنَّمَا هُوَ الْخُرَاسَانِيُّ الَّذِي لَمْ يَسْمَعْ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَرَهُ , فَعَادَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يُوجِبُ حُكْمَ السَّبْعَةِ فِي الْبَدَنَةِ وَهُوَ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ لَا مَا سِوَاهُ , وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ