حَدَّثَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ ، فَسَأَلَا مِنْهَا ، فَرَفَعَ الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ ، فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ قَوِيَّيْنِ , فَقَالَ : " إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ ، وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ " .
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ، وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ أَنَسٌ : عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، وَقَالَ جَعْفَرٌ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَا : عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ ، فَسَأَلَا مِنْهَا ، فَرَفَعَ الْبَصَرَ وَخَفَضَهُ ، فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ قَوِيَّيْنِ , فَقَالَ : إِنْ شِئْتُمَا فَعَلْتُ ، وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ . حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، وَحَدَّثَنَا بَكَّارٌ , قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهَمَّامٌ ، عَنْ هِشَامٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي إِسْنَادِهِ ، فَوَجَدْنَا فِيهِ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ قَوْمِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ لَمْ يُسَمِّهِمَا ، فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَيَجِبُ قَبُولُ مَا رَوَيَا ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَا مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَا مِنَ الْأَعْرَابِ مِمَّنِ اعْتَرَضَهُ فِي الصَّدَقَةِ ، وَلَكِنَّا تَأَمَّلْنَاهُ مَعَ ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِجَوَابِهِ الَّذِي أَجَابَ بِهِ ذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ ، فَوَجَدْنَا قَوْلَهُ : لَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ يَعْنِي الصَّدَقَةَ ، أَيْ أَنِّي لَا عِلْمَ لِي بِحَقِيقَةِ أُمُورِكُمَا مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ ، وَأَنْتُمَا بِذَلِكَ أَعْلَمُ مِنِّي ، فَاعْمَلَا فِيهَا مَا يُوجِبُهُ مَا قَدْ سَمِعْتُمَاهُ مِنِّي فِيهَا أَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ . ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ : وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ ، فَوَجَدْنَا الصَّدَقَةَ قَدْ تَحِلُّ لِلْفَقِيرِ الْقَوِيِّ , وَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ : وَلَا حَقَّ فِيهَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ يُرِيدُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْحَقَّ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْحُقُوقِ بِالصَّدَقَةِ الَّتِي يُسْتَحَقُّ بِهَا ، وَلَيْسَ هُوَ الْقُوَّةَ وَلَا الْجَلَدَ الَّذِي يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْهَا ، كَمَا تُغَلِّظُ الْعَرَبُ الشَّيْءَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ ، فَتَقُولُ : فُلَانٌ عَالِمٌ حَقًّا ، إِذَا كَانَ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْعِلْمِ ، وَلَا تَقُولُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دُونِ أَعْلَى مَرَاتِبِهِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا . وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا قَالَهُ فِي أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ