حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَنْ تَفْرَشُ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْهُنَائِيِّ ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : لِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَعْلَمُونَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ سُرُوجِ النُّمُورِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا ؟ قَالُوا : نَعَمْ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، ثنا هَمَّامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ . وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، ثنا عَفَّانُ ، ثنا هَمَّامٌ ، ثنا قَتَادَةُ ، عَنْ أَبِي شَيْخٍ الْهُنَائِيِّ ، قَالَ كُنْتُ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى رُكُوبَ صَفَفِ النُّمُورِ ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، قَالَ : وَأَنَا أَشْهَدُ
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الدِّمَشْقِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا تَقْرَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ وَلَا جَلْدُ نَمِرٍ
وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بُنْدَارٌ ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ ، عَنْ عِمْرَانَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جِلْدُ نَمِرٍ وَاخْتَلَفُوا فِي جُلُودِ الْهِرِّ وَالنُّمُورِ وَالثَّعَالِبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ السِّبَاعِ
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، ثنا هُشَيْمٌ ، أَنْبَأَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ عُمَرَ : رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ بِطَانَتُهَا مِنْ جُلُودِ الثَّعَالِبِ ، قَالَ : فَأَكْفَاهَا عَنْ رَأْسِهِ ، وَقَالَ : مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ لَيْسَ بِذَكِيٍّ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِشَيْءٍ مِنْ جُلُودِ السَّنَانِيرِ أَوْ يُؤْكَلُ لُحُومَهَا وَأَثْمَانُهَا ، وَكَرِهَ عُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ جُلُودَ الْهِرِّ وَإِنْ دُبِغَ ، وَكَرِهَ النَّخَعِيُّ جُلُودَ السِّبَاعِ وَكَرِهَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَنْ يُرْكَبَ عَلَى سَرْجٍ بِنَمِرٍ أَوْ بِفَرْشِ النُّمُورِ ، أَوْ يُقْعَدَ عَلَيْهَا ، وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ تُشَقَّ سُرُجٌ بِنُمُرٍ ، وَشَقَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بِفِرَاءٍ ، وَأَلْقَى عَنْهُ جِلْدَ النَّمِرِ ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : نَهَى عَنْ لُحُومِ السِّبَاعِ وَجُلُودِهَا ، وَرُخِّصَتْ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ إِذَا دُبِغَتْ طَائِفَةٌ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : لَا بَأْسَ بِجُلُودِ السِّبَاعِ إِذَا دُبِغَتْ وَقَالَ النَّخَعِيُّ فِي جُلُودِ النُّمُورِ دِبَاغُهَا طَهُورُهَا ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي جُلُودِ النُّمُورِ تُدْبَغَ بِالرَّمَادِ وَالْمِلْحِ ذَلِكَ دِبَاغُهَا وَلَمْ يَرَ بِبَيْعِهَا بَأْسًا ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي الرُّكُوبِ عَلَى السُّرُوجِ الْمُنَمَّرَةِ ، وَرَخَّصَ الزُّهْرِيُّ فِي جُلُودِ النُّمُورِ وَرُئِيَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَلَنْسُوَةٌ فِيهَا ثَعَالِبُ ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ : لَا بَأْسَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ أَوْ مُلِّحَتْ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ فِي جُلُودِ الثَّعَالِبِ ، فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا كَرِهَا الصَّلَاةَ فِيهَا ، فَأَمَّا إِسْنَادُ حَدِيثِ عُمَرَ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ قَبْلُ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا مُسَدَّدٌ ، ثنا هُشَيْمٌ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّ عَلِيًّا : كَانَ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي جُلُودِ الثَّعَالِبِ وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ يَقُولُ يُعِيدُ مَنْ صَلَّى فِي جُلُودِ الثَّعَالِبِ وَكَرِهَ ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ فَكَرِهَ ذَلِكَ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنَ الْحَدِيثِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ ، وَهُوَ إِبَاحَةُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي جُلُودِ الثَّعَالِبِ . رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ إِذَا دُبِغَتْ وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي لُبْسِهَا وَكَرِهَتِ الصَّلَاةَ فِيهَا ، هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَمَكْحُولٍ ، وَرُوِّينَا مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَرَّمَ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الصَّائِغِ ، عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا مُسَدَّدٌ ، ثنا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، ثنا أَبُو النَّضْرِ ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ ، قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، ثنا الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ ، عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ ذَكَرْنَا مَا حَضَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ مَيْتَةً وَمَذْبُوحَةً وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ يَتَوَضَّأُ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ كُلِّهَا إِذَا دُبِغَتْ جُلُودُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ السِّبَاعِ قِيَاسًا عَلَيْهَا إِلَّا جِلْدُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ فِيهِمَا وَهُمَا حَيَّانِ قَائِمَةٌ ، وَإِنَّمَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ مَا لَمْ يَكُنْ نَجِسًا حَيًّا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَوَافَقَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ الشَّافِعِيَّ فِي جِلْدِ الْخِنْزِيرِ ، فَقَالُوا لَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ كُلَّهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ مَا خَلَا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَاحْتَجُّوا أَوْ مَنِ احْتَجَّ مِنْهُمْ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ ، وَجَعَلَ بَعْضُ مَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى جِلْدِ الشَّاةِ الْمَيِّتَةِ الَّتِي رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ أَنْ يُدْبَغَ وَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ مَذْبُوحَةٌ وَمِيِّتَةٌ ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ وَأَبِي ثَوْرٍ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الِانْتِفَاعَ بِجُلُودِ السِّبَاعِ الْمَيِّتَةِ ، وَكَرِهَ الصَّلَاةَ فِيهَا وَإِنْ دُبِغَتْ وَحَكَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ قَالَ : لَا يُبَاعُ وَلَا يَأْخُذُهَا أَحَدٌ لِنَفْسِهِ . وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي جُلُودِ الثَّعَالِبِ وَيَكْرَهُ بَيْعَهَا وَشِرَائِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدِ احْتَجَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِحُجَجٍ خَمْسٍ أَحَدُهَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ فِي كِتَابِهِ ، فَقَالَ : {{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ }} الْآيَةَ . وَكَانَ ذَلِكَ عَامًّا وَاقِعًا عَلَى جَمِيعِ الْمَيْتَةِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِخَبَرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَجَاءَ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ ، فَأَبَحْنَا ذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ خَبَرًا يَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنَ الْمَيْتَةِ فَبَقِيَتْ جُلُودُ السِّبَاعِ مُحَرَّمَةً بِالتَّحْرِيمِ الْعَامِّ ، وَحُجَّةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي تَحْرِيمِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ قَبْلَ الدِّبَاغِ ، وَأَنَّهَا نَجَسَةٌ . وَاخْتَلَفُوا فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا بَعْدَ الدِّبَاغِ فَلَا يَحِلُّ مَا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ إِلَّا بِخَبَرٍ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا مُعَارِضَ لَهُ ، أَوْ إِجماعٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ مَوْجُودٌ ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي أَجْمَعُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الدِّبَاغِ ، وَلَا يُزِيلُ إِجْمَاعَهُمْ إِلَّا إِجْمَاعُ مِثْلِهِ وَحُجَّةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي كَرَاهِيَةِ الِانْتِفَاعِ بِجَلْدِ الْخِنْزِيرِ ، وَالْخِنْزِيرُ سَبُعٌ ، قَالَ : فَجَعَلْنَا سَائِرَ السِّبَاعِ قِيَاسًا عَلَيْهِ إِذْ لَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَمْنَعُ مِنَ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ بَلْ مَوْجُودٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ ، وَحُجَّةٌ رَابِعَةٌ : وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ بِذَلِكَ ، فَذَلِكَ عَامٌّ وَاقِعٌ عَلَى اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ جَمِيعًا لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِخَبَرٍ ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَحُجَّةٌ خَامِسَةٌ : وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكَلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَخَصَّ الْأَكْلَ قِيلَ لَهُ فَنَحْنُ نَنْهَى عَنْ أَكْلِهَا وَنَنْهَى عَنْهَا جُمْلَةً كَمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَنَنْهَى عَنِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِهَا كَمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ لِتُسْتَعْمَلَ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا كَالْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَفِي بَعْضِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، فَالْقَوْلُ بِهَا كُلِّهَا يَجِبُ ، كَذَلِكَ الْقَوْلُ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي النَّهْيِ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، وَعَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، وَعَنِ النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ يَجِبُ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يُخَالِفُ شَيْئًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، أنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، ثنا الْأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ سَفَرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا وَمَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ
حَدَّثَنَا يَحْيَى ، ثنا مُسَدَّدٌ ، ثنا يَحْيَى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَلَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلَّا مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ
حَدَّثَنَا ، يَحْيَى ، ثنا مُسَدَّدٌ ، ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ ، يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ سَفَرًا إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى ، ثنا مُسَدَّدٌ ، ثنا يَحْيَى ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَمَنْ قَالَ بِالْأَخْبَارِ كُلِّهَا إِذَا وَجَدَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا سَبِيلًا ، قَالَ : فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ ، وَبِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِيمَا مَضَى مِنَ النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، وَالنَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالنَّهْيِ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ عَمَّ بِالنَّهْيِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِمَّا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْئًا ، فَإِذَا خَصَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْجُمْلَةِ شَيْئًا وَجَبَ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ ، وَيَبْقَى كُلُّ مُخْتَلِفٍ فِيهِ دَاخِلًا فِي النَّهْيِ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ جَائِزٍ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي جُمَلِ مَا قَالُوهُ : وَقَالَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ قِيلَ لَهُ : لَا يَجُوزُ أَنْ يُدْفَعَ بِهَذَا الْخَبَرِ أَخْبَارٌ ذَوَاتُ عَدَدٍ ، وَذَلِكَ لِوُجُوهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ ابْنَ وَعْلَةَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ حَدِيثَيْنِ ، أَحَدُهُمَا هَذَا الْحَدِيثُ وَالْآخَرُ حَدِيثُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ ، وَقَدْ خَالَفَهُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ حُفَّاظُ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَعَطَاءٌ ، وَعِكْرِمَةُ ، فَخَالِفُوا ابْنَ وَعْلَةَ عَلَى سَبِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ ، فَزَعَمَ ابْنُ وَعْلَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ ، وَجَعَلَ أُولَئِكَ الْخَبَرَ مَخْصُوصًا فِي جِلْدِ شَاةٍ مَيِّتَةٍ ، وَجَعَلَهُ ابْنُ وَعْلَةَ عَامًّا فَفِي مُخَالَفَةِ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظِ إِيَّاهُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ مَا تَبَيَّنَ غَلَطُهُ ، وَدَلَّ عَلَى سُوءِ حِفْظِهِ وَلَوْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى غَلَطِ الْمُحَدِّثِ بِمُخَالَفَةِ الْحُفَّاظِ إِيَّاهُ مَا عُرِفَ غَلَطُهُ فِي حَدِيثٍ أَبَدًا وَلَوْ كَانَ خَبَرُهُ يُثْبِتُ مَا جَازَ أَنْ يُدْفَعَ بِهِ نَهْيُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ لِعِلَّتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا : أَنَّ خَبَرَهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ إِنَّمَا هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ . وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى جُلُودُ السِّبَاعِ أُهُبًا ، فَحَكَى النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تُسَمِّي جُلُودَ السِّبَاعِ أُهُبًا وَأَنَّ الْأُهُبَ عِنْدَهَا فِي جُلُودِ الْأَنْعَامِ خَاصَّةً ، فَإِنِ اعْتَرَضَ مُعْتَرِضٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ يَحْتَجُّ بِبَيْتِ شِعْرٍ قَالَهُ عَنْتَرَةُ الْعَبْسِيُّ ، فَرَوَاهُ عَلَى غَيْرِ مَا يَجِبُ وَهُوَ قَوْلُهُ : فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ إِهَابَهُ لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى الْقَنَا بِمُحَرَّمِ فَقَدْ أَنْكَرَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ ، وَقَالُوا : الْمَعْرُوفُ فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ ثِيَابَهُ ، فَإِذَا بَطَلَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبْطُلَ بِغَلَطِ مَنْ غَلِطَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ أَنْ أُسَمِّيَ الْجُلُودَ أُهُبًا ، وَإِذَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ لِمُدَّعٍ فِي خَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ حُجَّةَ ، قَالَتْ : وَلَوْ سَمَحْنَا بِأَنْ يَثْبُتَ خَبَرُ ابْنُ وَعْلَةَ ، وَسَمَحْنَا بِأَنْ يُوقَعَ اسْمُ الْإِهَابِ عَلَى الْجِلْدِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُدْفَعَ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَلَوْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ إِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ ، أَيْ أُهُبِ مَا تُؤْكَلُ لُحُومَهَا وَيَكُونُ نَهْيَهُ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ مَنْصُوصًا مُفَسِّرًا فِي جُلُودِ السِّبَاعِ وَلَا يَكُونُ قَدْ دُفِعَ بِالْخَبَرِ الْعَامِّ الْمُبْهَمِ الْخَبَرَ الْمَنْصُوصَ الْمُفَسَّرَ ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَوَامُّ مَنِ احْتَجَّ بِخَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِجَلْدِ الْخِنْزِيرِ ، وَإِنْ دُبِغَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَذَلِكَ فِي جِلْدِ الْكَلْبِ ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يُسْتَثْنَى بِرَأْيِهِمْ مِنْ جُمْلَةِ خَبَرِ ابْنِ وَعْلَةَ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي نَهْيهِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَوْلَى وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ وَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَجَبَ أَنْ يُمْضَى كُلُّ خَبَرٍ فِيمَا جَاءَ ، وَوَجَبَ اسْتِعْمَالُ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا خَبَرُ ابْنِ وَعْلَةَ فِي الِانْتِفَاعِ بِجَلْدِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ، وَالْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَفِي أُصُولِ أَصْحَابِنَا أَنَّ كُلَّ خَبَرَيْنِ جَازَ إِذَا أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهَمَا ، أَنْ لَا يُعَطَّلَ أَحَدُهُمَا وَأَنْ يُسْتَعْمَلَا جَمِيعًا مَا وُجِدَ السَّبِيلُ إِلَى اسْتِعْمَالِهِمَا فَمِمَّا هَذَا مِثَالُهُ فِي مَذْهَبِهِمْ نَهَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا ، قَالُوا : ذَلِكَ فِي الصَّحَارِي لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ ، قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتَعْمَلْنَا كُلَّ خَبَرٍ فِي مَوْضِعِهِ ، فَاسْتَعْمَلْنَا خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمَنَازِلِ ، وَخَبَرَ أَبِي أَيُّوبَ فِي الصَّحَارِي إِذْ لَمْ نُعَطِّلْ وَاحِدًا مِنَ الْخَبَرَيْنِ لِإِمْكَانِ أَنْ يُوَجَّهَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهًا غَيْرَ وَجْهِ الْآخَرِ ، وَفَعَلُوا مِثْلَ هَذَا فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَاسْتَعْمَلُوا الْأَخْبَارَ فِيهَا ، وَوَجَّهُوا لِكُلِّ حَدِيثٍ مِنْهَا وَجْهًا عَلَى سَبِيلِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ ، فَمَنْ كَانَ هَذِهِ مَذْهَبُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِالْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا ، وَلَا أَحْسِبُ الشَّافِعِيَّ لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ خَبَرَ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ لَقَالَ بِهِ ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ ، كَمَا قَالَ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي مَوَاضِعِهَا ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ يُخَالِفُ بَعْضَ مَا قُلْنَاهُ بِخَبَرِ عَائِشَةَ وَبِخَبَرِ ابْنِ الْمُحَبِّقِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ . فَأَمَّا خَبَرُ عَائِشَةَ فَإِنَّمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ مُحَمَّدٍ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى عَنْهَا غَيْرُ ابْنِهَا وَيَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ طَعَنَ فِيهِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ، قَالَ مَالِكٌ صَاحِبُنَا يَعْنِي يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ لَيْسَ بِذَلِكَ وَجَوْنُ بْنُ قَتَادَةَ لَا نَعْلَمُ وَاحِدًا رَوَى عَنْهُ غَيْرُ الْحَسَنِ وَحَدِيثُ شَرِيكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ ، وَقَدْ رَوَى جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ الْمَسَاتِقِ فَقَالَتْ : لَعَلَّ دِبَاغُهَا أَنْ يَكُونَ ذَكَاءَهَا ، وَهَذَا أَجْوَدُ مِنْ إِسْنَادِ حَدِيثِ شَرِيكٍ ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَرِهَتْ جُلُودَ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَبَرٌ مَا خَالَفَتْهُ
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْحٍ ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ ، أَخْبَرَهُ ، قَالَ : سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الضَّبُعِ ، قُلْتُ : آكُلُهَا ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : أَصِيدُهَا ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : أَسَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ ، عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : جَعَلَ الضَّبُعَ صَيْدًا وَقَضَى فِيهَا إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ كَبْشًا وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا بِخَبَرِ جَابِرٍ هَذَا وَجَعَلُوا الضَّبُعَ مُسْتَثْنًى مِنْ جُمْلَةِ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّ أَبِي عَمَّارٍ مِنْ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ؟ قِيلَ ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ حَدِيثَ : قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {{ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا }} الْآيَةَ ، رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ ، وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَرْمِي غُرَابًا عَلَى ظَهْرِ بَعِيرٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أَكْلِ الضَّبُعِ فَرَخَّصَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، وَمَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، أَنَّ عُمَرَ : حَكَمَ فِي الضَّبُعِ كَبْشًا
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُهَا عَلَى مَائِدَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : فِي الضَّبُعِ كَبْشٌ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، أَنْبَأَ ابْنَ جُرَيْجٍ نَافِعٌ : أَنَّ رَجُلًا ، أَخْبَرَ ابْنَ عُمَرَ : أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَأْكُلُ الضَّبُعَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ ابْنُ عُمَرَ
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، ثنا نَضْرُ بْنُ أَوْسٍ الطَّائِيُّ أَبُو الْمِنْهَالِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَسْأَلُكَ عَنِ الصَّيْدِ قَالَ عَنْ أَيِّهِ ، تَسْأَلُهُ ؟ قُلْتُ : أَسْأَلُكَ عَنِ الضَّبُعِ قَالَ : وَمَا الضَّبُعُ فَوَصَفْتُهُ لَهُ ، قَالَ ، ذَلِكَ الْفُرْعُلُ نَعْجَةٌ مِنَ الْغَنَمِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، أَنَّ عَلِيًّا : كَانَ يَرَى الضَّبُعَ صَيْدًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَالَ عِكْرِمَةُ نَعْجَةٌ سَمِينَةٌ ، وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ : مَا زَالَتِ الْعَرَبُ تَأْكُلُهَا ، وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَرَوْنَ فِيهِ الْجَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ ، وَرَخَّصَ فِي أَكْلِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : رِجَالٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ لَا يَرَوْنَ بِأَكْلِ الضَّبُعِ بَأْسًا ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ يَدِيهِ . وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَالضَّبُعُ مُبَاحٌ أَكْلُهَا وَذَلِكَ لِخَبَرِ جَابِرٍ ؛ وَلَأَنَّ كُلَّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِمَّا رَآهَا صَيْدًا وَإِمَّا لَمْ يَكُنْ يَرَى بِأَكْلِهَا بَأْسًا ، وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ مِنْهُمْ غَيْرُهُمْ ، وَالْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ ، وَلَعَلَّ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ إِنَّمَا كَرِهُوهَا عَلَى ظَاهِرِ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ بَلْ لَا أَحْسَبُهُمْ كَرِهُوهَا إِلَّا لِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ غَيْرُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، ثنا نَضْرُ بْنُ أَوْسٍ الطَّائِيُّ أَبُو الْمِنْهَالِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الطَّائِيِّ ، قَالَ : قُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَفْتِنِي عَنِ الصَّيْدِ , قَالَ : عَنْ أَيِّ صَيْدٍ ؟ قَالَ : قُلْتُ : الثَّعْلَبُ ، قَالَ : حَرَامٌ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ الثَّعْلَبُ سَبُعٌ . وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ : مَا عَلِمْنَا أَنَّ الثَّعْلَبَ يُفَدِّي ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَكْلَ الثَّعْلَبِ وَلَا يَرَى عَلَى قَاتِلِهِ فِي الْحَرَمِ جَزَاءً ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ : مَا كُنَّا نَعُدُّهُ إِلَّا سَبُعًا ، وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي أَكْلِ الثَّعْلَبِ ، وَرَأَى بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذَا قَتَلَهُ الْجَزَاءَ وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي أَكْلِهِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَطَاوُسٌ وَقَتَادَةُ وَالشَّافِعِيُّ ، وَكَانَ عَطَاءٌ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ يَرَيَانِ فِيهِ شَاةً . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَفْدِيهِ الْمُحْرِمُ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْقَوْلُ بِظَاهِرِ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَجِبُ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ظَاهِرِ السُّنَّةِ إِلَّا بِسُنَّةٍ مِثْلِهَا أَوْ بِإِجْمَاعٍ ، فَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي يَجِبُ يُسْتَثْنَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ نَهْيِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَمَعْدُومٌ ، وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلَا سَبِيلَ إِلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنِ الِاخْتِلَافِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الثَّعْلَبِ شَيْءٌ ، وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَأَعْلَى مَا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ أَبَاحَ أَكْلَ الثَّعْلَبِ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ لَيْسَ بِذَكِيٍّ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنَ السُّنَّةِ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ ، وَلَوْ عَلِمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَرَجَعَ إِلَيْهَا كَمَا رَجَعَ إِلَى مَا أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ حِينَ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَضَى لِامْرَأَةِ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، ثنا زَكَرِيَّا ، عَنْ عَامِرٍ ، قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : الْحَلَالُ بَيِّنٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَأَمَّا السِّنْجَابُ فَإِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ : يُقَالُ إِنَّهُ لَيْسَ بِسَبُعٍ ، وَإِنَّمَا يَرْعَى النَّبَاتَ ، وَلَا يُصْطَادُ وَكَذَلِكَ الْأَرْنَبُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ لُحُومِهِمَا وَالِانْتِفَاعِ بِجُلُودِهِمَا ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ السِّنْجَابِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي صَائِدُهُ أَنَّهُ يَصِيدَهُ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَلَا فَائِدَةَ فِي هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ مُخْبِرَهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ يَصِيدُونَ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ جَائِزٌ أَكْلُهُ إِذَا ذُكِّيَ ؛ لِأَنَّهُ فِي جُمَلِ مَا عُفِيَ لِلنَّاسِ عَنْهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ