عنوان الفتوى : الواجب في الرجلين عند إرادة الوضوء
قال الله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) هل يجوز المسح على الأرجل فقط، ولا يجب الغسل؟جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبتت القراءة في قوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة:6]. بالنصب والخفض، ونشأ عن الاختلاف في القراءتين الثابتتين اختلاف لأهل العلم في الواجب في الرجلين، هل هو الغسل؟ أو المسح؟ فذهب أكثرهم إلى وجوب الغسل، واكتفى بعضهم بالمسح، فعن ابن عباس وقتادة: افترض الله غسلين ومسحين، وبه قال عكرمة والشعبي.
والمراد هنا بالغسلين: غسل الوجه، وغسل اليدين إلى المرفقين.
والمراد بالمسحين: مسح الرأس، ومسح الرجلين.
واختار الطبري التخيير بين الغسل والمسح، وجعل القراءتين كالروايتين في الخبر يعمل بهما إذا لم يتناقضا.
وقال ابن العربي في أحكام القرآن: (وجملة القول في ذلك أن الله سبحانه عطف الرجلين على الرأس، فقد ينصب على خلاف إعراب الرأس، أو يخفض مثله، والقرآن نزل بلغة العرب، وأصحابه رؤوسهم وعلماؤهم لغة وشرعاً، وقد اختلفوا في ذلك، فدل على أن المسألة محتملة لغة، محتملة شرعاً، لكن تعضّد حالة النصب على حالة الخفض بأن النبي صلى الله عليه وسلم غسل وما مسح قط، وبأنه رأى قوماً تلوح أعقابهم، فقال: "ويل للأعقاب من النار" رواه البخاري ومسلم.
وقال: "ويل للعراقيب من النار" رواه مسلم.
فتوعد بالنار على ترك إيعاب غسل الرجلين، فدل ذلك على الوجوب بلا خلاف، وتبين أن من قال من الصحابة: إن الرجلين ممسوحتان لم يعلم بوعيد النبي صلى الله عليه وسلم على ترك إيعابهما) انتهى كلامه.
والحاصل أن وجوب غسل الرجلين هو الراجح، وهو الذي عليه جمهور الفقهاء، وهو الثابت في الأحاديث التي وردت في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما رواه البخاري ومسلم من حديث عثمان، في وضوئه صلى الله عليه وسلم: أنه غسل كل رجل ثلاثاً. وفي لفظ مسلم: ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل رجله اليسرى مثل ذلك.
ومما يشهد لوجوب الغسل ما أخرجه مسلم عن عمر رضي الله عنه أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ارجع فأحسن وضوءك، فرجع ثم صلى".
والله أعلم.