عنوان الفتوى : التواتر ليس شرطاً في صحة وثبوت الأحداث
هل تصح هذه الروايات فيما يخص بعض الكرامات، كثيرا ما أقرأ أو أسمع عن بعض الكرامات التي وقعت لأولياء الله من الصحابة والتابعين والذي أشكل علي وهو أن خرق العادة أي الكرامة يكون له تأثير في النفوس وهذا يؤدي إلى تواتر تلك الأحداث بين الناس فلماذا لا نجد هذا التواتر في أسانيد بعض تلك الأحداث وكمثال على هذا ما وقع للصحابي الجليل أبي العلاء الحضرمي رضي الله عنه في إحدى غزواته بأن جيشه سار على الماء وأنه توفي ودفن دون أن يغسل لانعدام الماء فلما وجدوا الماء أرادوا إخراجه من القبر ليغسلوه فلم يجدوه فهذه الكرامات عاينها جيش بكامله ولكن الرواية كما ذكرها ابن كثير والذهبي على ما أظن ليست إلا عن طريق رجل واحد اسمه سعد؛ كذلك حفظ الله لأجساد شهداء أحد وما وقع لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو على المنبر وصاح يا سارية الجبل فهذه كرامات عاينها خلق كثير فهل أسانيدها متواترة، فمثلا معجزة حنين الجذع لرسول الله صلى الله عليه وسلم عاينها كثير من الصحابة وهذا ما نجده في أسانيدها التي بلغت التواتر مما يؤكد صحتها يقينا؟ بارك الله فيكم وبارك عليكم وبارك لكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التواتر ليس شرطاً في صحة الأحداث، فكم من الأحداث حصلت أمام جماهير الناس مرارا ولم ترو بالتواتر، ولم يمنع ذلك من الحكم بثبوتها، فحجة النبي صلى الله عليه وسلم حصلت أمام عشرات الآلاف من الصحابة رضي الله عنهم، وقال لهم: لتأخذوا عني مناسككم.. ولم ترو عنه تفاصيل حجته إلا من حديث جابر رضي الله عنه، ووضوؤه وصلاته تكررا آلاف المرات أمام الصحابة ولم ترو صفة صلاته ووضوئه صلى الله عليه وسلم إلا عن قلة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ولم يفد ذلك شكاً في ثبوتها مع توفر الأسباب الداعية لنقلها بالتواتر.
واعلم أن قصة نداء عمر سارية قد ذكر ابن كثير وابن حجر أن سندها جيد وقد حسنها الشيخ الألباني.
وأما قصة العلاء بن الحضرمي فقد ذكرها ابن كثير وذكر أنها رويت بعدة أسانيد، وقد ذكرها محتجا بها على فضل هذه الأمة، وقد رواها البيهقي في دلائل النبوة.
وأما حفظ أجساد شهداء أحد رضي الله عنهم فترة من الزمن فقد ذكرت في عدة روايات ومن أصحها ما في البخاري عن جابر من قصة والده وفيها: ... فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته. انتهى.
ومنها: ما في الموطأ من وجودهم بعد ست وأربعين سنة لم يتغيروا، وذكرها الذهبي في سير أعلام النبلاء دون اعتراض عليها، وذكر ابن حجر في الفتح أنه رواها ابن إسحاق في المغازي عن أبيه عن أشياخ من الأنصار، وذكر أن لها شاهداً بإسناد صحيح عند ابن سعد عن جابر.
والله أعلم.