عنوان الفتوى : هل يلزم النذر بالنية
أنا فتاة في ال 20 من العمر وأريد طلب الاستشارة منكم وأرجو منكم أن تفيدوني بجواب بأسرع وقت ممكن لقد كان عندي امتحان مهم جدا مصيري إن صح القول وبدونه لا أستطيع أن أتابع دراستي وكنت قد أعدته مرتين ولم أنجح فيه وفي المرة الثالثة قلت بيني وبين نفسي إني إن نجحت به سأقوم بما يلي أن أصوم ثمانية أيام متتالية وأختم القرآن مرة وأدفع مبلغا من المال وأداوم على الصلاة وأقلع عن معصية أقوم بها ولكني نادمة عليها حقا (أرجوكم لا تأخذوا عني أي فكرة وإنما أجيبوني عسى أن يهديني الله على أيديكم ) وبعد أن نجحت تحدثت إلى أخي عما نويت وللأسف لم أكن أعلم أي شيء عن النذر وعن موقف نبينا الحبيب والشرع منه ولم أسأل أحدا قبل القيام بالأمر وظننت أني أفعل خيرا. ولكن ....ااااااااخ بعد نجاحي بالامتحان وحديثي مع أخي أوضح لي كل ذلك وأنه ممكن أن تكون فيه نية المقايضة مع الله عز وجل والعياذ بالله. وللأسف كنت قد قمت بالمعصية مرة بعد نجاحي ولكني والله والله نادمة على ما فعلت وأعيش في حالة مزرية أتمنى منكم إجابتي على أسئلتي التالية وان تستوضحوا لي رأيكم فيما فعلت ترى هل علي الكفارة وما هي الكفارة وان لم يكن باستطاعتي القيام بها وأنا أشعر باني أسأت فيما فعلت وأشعر كمن عليه ديون كثيرة أثقل بها على نفسه. أرجوكم أريد حلا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقولك: قلت بيني وبين نفسي إني إن نجحت سأقوم بما يلي:
أن أصوم ثمانية أيام متتالية وأختم القرآن مرة وأدفع مبلغا من المال وأداوم على الصلاة وأقلع عن معصية كنت أقوم بها ولكني نادمة عليها حقا...
ثم قولك بعد ذلك: وبعد أن نجحت تحدثت إلى أخي بما نويت...، كلها أمور تفيد أنك لم تنطقي بما أردته من الالتزام، وإنما اقتصرت على نية فعله فقط.
والنذر لا يلزم بالنية في قول كثير من أهل العلم. فقد جاء في المجموع للنووي وهو من كتب الشافعية: قال أصحابنا: يصح النذر بالقول من غير نية، كما يصح الوقف والعتق باللفظ بلا نية. وهل يصح بالنية من غير قول أو بالإشعار أو التقليد أو الذبح مع النية؟ فيه الخلاف الذي ذكره المصنف. (الصحيح) باتفاق الأصحاب أنه لا يصح إلا بالقول ولا تنفع النية وحدها...
وجاء في الإنصاف، وهو من كتب الحنابلة: ولا يصح [يعني النذر] إلا بالقول... هذا المذهب، وعليه الأصحاب. قال الزركشي: وهو المذهب المجزوم به لعامة الأصحاب. وجزم به في الوجيز وغيره. وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم...
وللمالكية قولان في المسألة، فقد جاء في مواهب الجليل للحطاب: هل ينعقد النذر بالكلام النفسي وحده أو لا ينعقد أو يدخله الخلاف كما في اليمين...؟
ولم نقف على شيء صريح في المسألة في الفقه الحنفي، ولكن قواعد مذهبهم تفيد أنه لا يلزم بالنذر إلا ما كان ملفوظا. جاء في نصب الراية: (ولو قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله تعالى فلا شيء عليه)؛ لأن التزام الحج أو العمرة بهذا اللفظ غير متعارف...
وعليه، فلا نرى أن عليك شيئا فيما التزمت به، طالما أنك لم تتلفظي به، وأنه كان مجرد كلام نفسي.
ولكن لا بأس بالوفاء بهذا الالتزام، وإن عجزت عن ذلك فلا بأس بدفع كفارة يمين، مراعاة لمن يقول بلزوم النذر في مثل حالتك.
وعلى أية حال، فإنا ننصحك بالابتعاد عن مثل هذه الالتزامات، لما ورد فيها من النهي، كما ننصحك بالابتعاد عن المعصية، والحذر من خطوات الشيطان.
والله أعلم.