عنوان الفتوى : العزة في التمسك بالدين
يا علماء يا من وضعتم في رقابكم هذه المسؤولية، ماذا فعلتم من أجل هذا... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها أو قال من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا. وماذا فعلتم حتى لا يصيبكم هذا... (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَِ)؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نتبين - بالتحديد - ما الذي تسأل عنه في إيرادك لهذا الحديث الشريف، والآية الكريمة التي أوردتها بعده، فإن كنت تسأل عما على المسلمين أن يفعلوه لتفادي ما أنذر به هذا الحديث، فالجواب: أن هذه الأمور قد تحققت منذ زمن بعيد، وقد ظهر فيها صدق نبوته صلى الله عليه وسلم، ففي شرح النووي لصحيح مسلم عند الكلام على هذا الحديث قال: وهذا الحديث فيه معجزات ظاهرة وقد وقعت كلها بحمد الله كما أخبر به صلى الله عليه وسلم، قال العلماء المراد بالكنزين الذهب والفضة والمراد كنزي كسرى وقيصر ملكي العراق والشام، وفيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداده في جهتي المشرق والمغرب وهكذا وقع، وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة إلى المشرق والمغرب...
وإن كنت تسأل عما على المسلمين أن يفعلوه لتعود لهم الدولة، فالجواب: أن المسلمين ما ضاعوا يوم ضاعوا إلا عندما تخلوا عن مهمتهم الرئيسية وقيادتهم للبشرية ببعدهم عن دينهم الذي يفرض عليهم العمل والسبق في كل مجالات الحياة، ولن تقوم لهم قائمة إلا بالعودة إلى الله تعالى والتمسك بهذا الدين الذي أعزهم الله به، ومهما ابتغوا العزة بغيره أذلهم الله كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذه مسؤولية الجميع.
والله أعلم.