عنوان الفتوى : بلوغ جميع الورثة ليس من أسباب تأجيل قسمة الميراث
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يحق لأبيك الامتناع عن دفع الحقوق إلى أهلها بحجة أن بعضهم غير بالغ سن الرشد إذا كان قادرا على دفعها ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : مطل الغني ظلم . رواه البخاري ومسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أحرج حق الضعيفين : اليتيم ، والمرأة . رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما وحسنه الألباني في السلسة .
وعلى أبيك أن يقسم ما عنده من تركة أخيه على ورثته، ويعطي البالغ الرشيد منهم حقه ليتصرف فيه كيف شاء ، أما القصر فيدفع نصيبهم إلى من أوصاه أبوهم بشأنهم، فإن لم يكن أبوهم أوصى عليهم فإن من يقدمه القضاء الشرعي هو وصيهم. وعلى كل حال فما ادعاه أبوك غير صحيح، وعليه أن يبادر بإخراج هذا الحق ما دام مستطيعا ولو أدى ذلك إلى بيع العقار الذي عنده .
وأما ما أفتاه به العالم من تأخير قسمة التركة حتى يبلغ جميع الورثة فغير صحيح، لأن بلوغ جميع الورثة ليس من أسباب تأجيل القسمة التي ذكرها أهل العلم ، وإذا طالب أحد الورثة البالغين بحقه فلا يجوز تأخيره عنه إذا كان رشيدا ، وسبق بيان ذلك في الفتويين : 35945 ، 70139 ، نرجو أن تطلع عليهما وعلى ما أحيل عليه فيهما .
ولذلك فإننا ننصح أباك بتقوى الله وأداء الحقوق إلى أهلها والتعجيل بذلك قبل فوات الأوان .
وأما زكاة هذا الدين فإنها تكون على الورثة إذا استلموه وكانت حصة كل واحد منهم تبلغ النصاب بنفسها أو بما انضاف إليها من نقود أخرى أو عروض تجارة، لكنه يزكى لسنة واحدة. وانظر لتفصيل زكاة الدين الفتوى رقم : 7368 .
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات .
والله أعلم .