عنوان الفتوى : حكم من جامع بعد الصبح في رمضان جاهلا متأولا
آخر ليلة في رمضان وبعد السحور وصلاة الصبح وقعت على زوجتي تصورا مني أن الامتناع عن الأكل والشرب ووطء الزوجة يكون بعد استبيان الخط الأبيض من الأسود من النهار. أؤكد لسيادتكم أني لم أتعمد القيام بذلك الأمر لأنني بذلك أكون قد تجرأت على الله. ماذا افعل؟ أرجوكم مدي بالإجابة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن طلوع الفجر الصادق هو المقصود بتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وبه يدخل وقت الصلاة ويحرم على الصائم تناول المفطرات. ومن جامع بعد طلوع الفجر الصادق فقد جامع في نهار رمضان، ومن المعلوم أن الجماع في نهار رمضان حرام بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، والواقع فيه عامدا عالما بحرمته تجب عليه الكفارة مع القضاء. وقد مضى تفصيل في ذلك ذكرناه في الفتوى رقم:1113 ، والفتوى رقم: 1104.
لكن ما دام الأخ السائل قد فعل ذلك جاهلا تحديد بدء وقت الصيام، ومستندا إلى فهمه في الآية المشار إليها، فالظاهر أنه لا كفارة عليه وإن كان مخطئا في تفسير الآية الكريمة ومقصرا أيضا لعدم سؤاله عما لا يعلم، وسبب سقوط الكفارة هو أنه لم يقع منه انتهاك لحرمة الشهر عمدا، وكان جاهلا متأولا. ففي التاج والإكليل في الفقه المالكي قال: ابن بشير: فإن أفطر متأولا فإن قرب تأويله واستند إلى أمر موجود فلا كفارة عليه إلى أن قال: قال ابن القاسم: كل ما رأيت مالكا يسأل عنه من هذا الوجه على التأويل فلم أره يجعل فيه كفارة. قال اللخمي: ومعروف المذهب أن حكم الجاهل كذي تأويل قريب، فلو جامع حديث عهد بإسلام لظنه قصر الصوم على منع الغذاء لعذر لم يكفر . قال: وعلة المذهب الانتهاك فمن جاء مستفتيا صدق ولا كفارة، ومن ظهر عليه صدق فيما يشبه ولزمته فيما لا يشبه. انتهى.
لكن يجب عليه قضاء ذلك اليوم ولا يعذر في القضاء بجهله تحديد وقت بدء الصيام لأنه أمر يعلمه غالب المسلمين متفقهين وغير متفقهين، ومثل هذا لا يعذر فيه إلا من كان حديث عهد بإسلام أو من في بيئة جهل بعيدا عن العلماء. قال النووي في المجموع: إذا أكل الصائم أو شرب أو جامع جاهلا بتحريمه فإن كان قريب عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة بحيث يخفى عليه كون هذا مفطرا لم يفطر لأنه لا يأثم فأشبه الناسي الذي ثبت فيه النص، وإن كان مخالطا للمسلمين بحيث لا يخفى عليه تحريمه أفطر لأنه مقصر. انتهى.
والله أعلم.