عنوان الفتوى : نفقة الأب على دراسة أحد أولاده هل يلزم مثلها للباقين
هل يجوز للإخوة مطالبة أخيهم الذي درس الطب من مال أبيه بنصيبهم مما دفعه الأب، بمعنى أنك درست الطب من مال أبينا فادفع لنا حقنا من هذا المال، فإذا كنا خمسة إخوة ودفع أبوك لك 35 ألف دولار فعليك دفع مبلغ 7 آلاف دولار لكل منا ؟ وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت مصاريف دارسة الطب ضرورية لأخيهم لا يمكنه الاستغناء عنها وهو عاجز عن الوفاء بمصروفاتها إما بكسب وإما بما له من مال، فالإنفاق على ما يعجز عنه من نفقات تلك الدراسة من النفقة الواجبة على الأب، والنفقة الواجبة على الأب تكون بقدر حاجة كل ولد، فلا يلزم أن يعطي كلا منهم مثل ما أعطى الآخر، وراجع الفتوى رقم : 44592 ، أما إذا لم تكن الدراسة ضرورية أو كان الولد قادرا على الوفاء بمصروفاتها فيلزم الأب إعطاء باقي الأولاد مثل ما أنفق على دراسة هذا الولد، أو أن يسترد من أخيهم ما أعطاه ويقسمه على جميع الإخوة بالسوية، هذا إذا كان يريد أن يعطي أحدا منهم؛ وإلا فليتصرف فيه بما شاء دون أن يخص أحدا منهم بعطية، والأصل في ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم : اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم . وقوله لمن خصص بعض أولاده بالعطية وأراد إشهاده: اردده ، وقال : فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور . رواهما مسلم .
وإذا لم يفعل ذلك الأب حتى مات فلباقي الأولاد أن يطالبوا أخاهم بمقاسمته فيما فُضِّل به لأنه لا يحق له، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضا ، طاعة لله ولرسوله، واتباعا للعدل الذي أمر به، واقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به . وقال صاحب الشرح الكبير من الحنابلة في معرض الاحتجاج لذلك: ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ذلك جورا بقوله لبشير: لا تشهدني على جور . والجور لا يحل للفاعل فعله، ولا للمعطي تناوله، والموت لا يغيره عن كونه جورا حراما فيجب رده . أما قبل موت الأب فليس لهم أن يقاسموا أخاهم فيما فضل به، بل الواجب على أخيهم رده على أبيه امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم برده وإرجاعه .
والله أعلم .