عنوان الفتوى : حكمة تعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
أنا شاب مسلم أسمع كثيرا، وكثير من العلماء يدعوننا لقراءة سيرة الرسول وأحاديث الرسول لكي تزداد محبتنا له، ولكن أصدقكم القول كلما قرأت فى أحاديث الرسول كلما زاد عني بعداً والسبب أمران: الأول: زوجات الرسول. والثاني: غزوات الرسول، وسأكتفي بالكلام عن الموضوع الأول فلقد قرأت فى موقعكم كما فى كثير من المواقع الإسلامية عن حكمة تعدد نساء النبي ومنها فتوى منسوبة للشيخ ابن باز، ولكن بقراءة كتب السير نجد أن زواج الرسول لا يذكر فيه علة والذى يذكر فيه العلة فالعلة هي جمال المرأة كحديث جويرية بنت الحارث "رواية السيدة عائشة" وحديث الجونية التي تعوذت من الرسول حيث إنه فى أحدى روايات الحديث أن رجلاً قال للرسول صلى الله عليه وسلم: سأزوجك أجمل أيم العرب -يقصد الجونية- وعند قراءة البداية والنهاية الجزء الخامس من ص297 إلى 303 نجده يذكر عشرات النساء منها من خطب الرسول ومنها من تزوج ولم يدخل فما يقوله العلماء عن حكمة التعدد ليس له أي سند من السيرة وياليت العلماء لم يردوا عن هذه المسألة لأنهم أفسدوا من حيث أرادوا الإصلاح، لأنه كلما قرأنا ووجدنا أن ما يقولونه ليس عليه دليل بل الدليل على عكسه فقدنا فيهم الثقة فمثلا حديثهم عن -أن أغلبهن أرامل وأيتام- عندما تقرأ عن أعمارهن وعن أنهن يتصفن بالجمال وأن الرسول طلق المرأة التي بها بياض -يناقض ما يقولون وأذكر حديث البخاري أن الرسول كان يطوف على نسائه بغسل واحد، فالرجاء منكم أن تصدقوني فى هذا الموضوع، أشعر أن كلامي غير مرتب، ولكني متوتر بعض الشيء لأني كلما تذكرت النبي تذكرت حديث الطواف أو حديث السيدة عائشة عن السيدة جويرية أو غير ذلك من الأحاديث، أرجو إيضاحا كاملا، ولكن قبل أن يكون كاملا يكون صادقا تدينون به الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا ننصحك بسؤال الله الهداية والتوفيق والاستقامه فأكثر من الدعاء بما في صحيح مسلم: اللهم أني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. والدعاء بقوله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا {آل عمران:8}.
ثم إنا ننبهك إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر من البشر، ومن الصفات الممدوحة في البشر قوة الرجولة عند الرجل، فكونه يتزوج عدة نساء من مظاهر كمال رجولته، وكونه يحب الجمال مسألة طبيعية في البشر، وأما كونه تزوج أساساً لتحقيق مصالح كبرى ككفالة أرامل كما في زواجه من أم سلمة وحفصة وزينب بنت جحش، أو لتأليف بعض القبائل كما في زواجه بجويرية وصفية، فهذا ما لا يستطيع أحد إنكاره ولا يضره كون من تزوجهن جميلات، وما أعظم نتائج زواجه بجويرية على بني المصطلق حيث أعتق منهم مائة بيت وأحبو الإسلام واهتدوا به، ويدل لهذا أنه لو كان همه مجرد التمتع بالنساء لتزوج من الأبكار ما شاء، ولكنه ما كان منساقاً وراء الشهوات فهو الذي مكث مدة ريعان شبابه حتى جاوز الخمسين ولم يتزوج إلا امرأة واحدة تكبره سناً بكثير، ولما جاء المدينة كان الأنصار يحبونه حباً جماً، ومع ذلك لم يتزوج منهم ولا امرأة واحدة، ولم يتزوج بكراً غير عائشة رضي الله عنها، وكان صلى الله عليه وسلم في شبابه يتحنث بغار حراء بعيداً عن زوجته وكان يعتكف في المدينة ويترك التمتع بنسائه ويسافر عنهن في أسفاره التي كان يسافرها مجاهداً في سبيل الله، بل كان يبيت مع عائشة وهي أحب النساء إليه ويترك معاشرتها ويشتغل بقيام الليل وبزيارة المقابر كما ثبتت الرواية عنها بذلك.
وأما ما روى أحمد والحاكم أنه تزوج امرأة فرأى بكشحها بياضاً إلى آخره، فهو حديث ضعيف ضعف سنده الذهبي والهيثمي وقال فيه الألباني في كتابه الإرواء: ضعيف جداً.
والله أعلم.