من روائع الإمام السعدي
مدة
قراءة المادة :
21 دقائق
.
من روائع الإمام السعديالحمد لله الذي تطوَّلا
وشرع الدين لنا وأصَّلا
ثمَّ الصلاة والسَّلام أُرسلا
على نبيٍّ قد أبان السُّبلا
محمد والآل والأصحاب
ما استُنبط الأحكام من كتاب[1]
أما بعد:
فهذه المقالة هي الفصل الأوَّل من رسالة الإمام السعدي المسمَّاة بـ: "أصول وكليات من أصول التفسير وكلياته"، لا يستغني عنها المفسر للقرآن.
وهذا الجزء تحديدًا نلت بشرحه درجة العالمية (الدكتوراة) في أصول التَّفسير، برسالة تحت اسم: "تمهيد البداية في أصول التَّفسير" من 820 صفحة، فأردت أن أشارك الأصل مع طلاب العلم، هذا لأنَّ غالب المبتدئين في طلب العلم لم يسمعوا عنها، كما أنَّ كل من أراد الاشتغال بأصول التفسير استفتح برسالة الإمام ابن تيميَّة المسمَّاة بـ: "مقدَّمة في أصول التفسير"، نعم، لا يخفى على أحد أنَّ رسالة شيخ الإسلام هي مرجع من مراجع علم أصول التفسير، لكنَّها ليست للمبتدئين، فإنَّ المبتدئ يستفتح بدراسة علم مشتركات القرآن، وشيء من علوم القرآن؛ كمعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وغيره، وهو على خلاف علم أصول التَّفسير؛ فهو: الأسس والقواعد التي يعرف بها تفسير كلام الله تعالى، ويرجع إليها عند الاختلاف فيه[2].
طبعًا منهم من جعل علم أصول التفسير من جملة علوم القرآن؛ كالزركشي والسيوطي، ولكن استقرَّ الأمر على استقلال علم أصول التَّفسير كعلم برأسه، ثمَّ بعد ذلك يستفتح بدراسة قواعد التفسير وأصوله، وأحسن ما يستفتح به الطالب هو رسالة إمامنا السعدي رحمه الله تعالى وجزاه عنَّا كل خير؛ هذا لسهولتها وبساطتها، طبعًا يلزمها شرح على يدي شيخ مختص، لكن شرحها لن يكون بتلك الصعوبة، على خلاف رسالة ابن تيميَّة للمبتدئ؛ فإنَّ شرحها له مع قلَّة درايته بهذا الفنِّ يأخذ وقتًا، وعلى هذا لزمَ على الطالب أن يأخذ رسالة السعدي أخذًا جيدًا، ثمَّ ينتقل إلى رسالة الإمام ابن تيميَّة.
ترجمة مختصرة للإمام السعدي:
هو الإمام العلامة الشيخ أبو عبدالله عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله بن ناصر السعدي الناصري التميمي، ويعرف اختصارًا ابن سعدي (تـ: 1376 هجري)، وُلد في بلدة عنيزة، في القصيم يوم 12 محرم سنة ألف وثلاثمائة وسبع من الهجرة النبوية، وتوفيت أمه وله من العمر أربع سنوات، وتوفي والده وهو في السابعة، فتربى يتيمًا ولكنه نشأ نشأة حسنة، وكان قد استرعى الأنظار منذ حداثة سنه بذكائه ورغبته الشديدة في التعلم، قرأ القرآن بعد وفاة والده ثم حفظه عن ظهر قلب، وأتقنه وعمره أحد عشر عامًا، ثم اشتغل في التعلم على علماء بلده وعلى من قدم بلده من العلماء، فاجتهد وجد حتى نال الحظ الأوفر من كل فن من فنون العلم، ولما بلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا، جلس للتدريس فكان يتعلم ويعلم، ويقضي جميع أوقاته في ذلك، حتى إنه في عام ألف وثلاثمائة وخمسين صار التدريس ببلده راجعًا إليه، ومعول جميع الطلبة في التعلم[3].
من أشهر طلابه:
الشيخ محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله تعالى.
من أشهر مؤلَّفاته:
• تفسيره القرآن الكريم المسمى "تيسير الكريم الرحمن"، أكمله في عام 1344 هـ، وقد نال هذا التفسير الكثير من الاهتمام؛ حيث طبع له طبعات عديدة.
• إرشاد أولي البصائر والألباب لمعرفة الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب، رتبه على السؤال والجواب، طبع بمطبعة الترقي في دمشق عام 1365هـ على نفقته الخاصة، ووزعه مجانًا.
• الدرة المختصرة في محاسن الإسلام، طبع في مطبعة أنصار السنة عام 1366 هـ، الخطب العصرية القيمة، لما آل إليه أمر الخطابة في بلده اجتهد أن يخطب في كل عيد وجمعة بما يناسب الوقت في الموضوعات الجليلة التي يحتاج الناس إليها، ثم جمعها وطبعها مع الدرة المختصرة في مطبعة أنصار السنة على نفقته، ووزعها مجانًا[4].
• القواعد الحسان لتفسير القرآن، طبعها في مطبعة أنصار السنة عام 1366، ووزع مجانًا.
• تنزيه الدين وحملته ورجاله مما افتراه القصيمي في أغلاله، طبع في مطبعة دار إحياء الكتب العربية على نفقة وجيه الحجاز نصير السنة؛ الشيخ محمد نصيف عام 1366هـ.
• الحق الواضح المبين في شرح توحيد الأنبياء والمرسلين.
• توضيح الكافية الشافية، وهو كالشرح لنونية ابن القيم.
• وجوب التعاون بين المسلمين، وموضوع الجهاد الديني، وهذه الثلاثة الأخيرة طبعت بالقاهرة السلفية على نفقته ووزعها مجانًا.
• القول السديد في مقاصد التوحيد، طبع في مصر بمطبعة الإمام على نفقة عبدالمحسن أبا بطين عام 1367هـ.
• تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن، طبع على نفقة المؤلف وجماعة من المحسنين بمطبعة الإمام، ووزع مجانًا.
• وغير ذلك.
أصول وكليات من أصول التفسير وكلياته لا يستغني عنها المفسر للقرآن:
• النكرة في سياق النفي، أو سياق النهي، أو الاستفهام، أو سياق الشرط - تعم، وكذلك المفرد المضاف يعم، وأمثلة ذلك كثيرة.
فمتى وجدت نكرة واقعة بعد المذكورات، أو وجدت مفردًا مضافًا إلى معرفة، فأثبت جميع ما دخل في ذلك اللفظ، ولا تعتبر سبب النـزول وحده، فإن "العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب".
• وينبغي أن تنـزل جميع الحوادث والأفعال الواقعة، والتي لا تزال تحدث، على العمومات القرآنية، فبذلك تعرف أن القرآن تبيان لكل شيء، وأنه لا يحدث حادث، ولا يستجد أمر من الأمور، إلا وفي القرآن بيانه وتوضيحه.
• ومن أصوله أن الألف واللام الداخلة على الأوصاف، وعلى أسماء الأجناس، تفيد استغراق جميع ما دخلت عليه من المعاني.
• ومن كليات القرآن أنه يدعو إلى توحيد الله ومعرفته، بذكر أسماء الله، وأوصافه، وأفعاله الدالة على تفرده بالوحدانية، وأوصاف الكمال، وإلى أنه الحق، وعبادته هي الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل، ويبين نقص كل ما عُبد من دون الله من جميع الوجوه.
• ويدعو إلى صحة ما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصدقه، ببيان إحكامه، وتمامه، وصدق إخباراته كلها، وحسن أحكامه، ويبين ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الكمال البشري الذي لا يلحقه فيه أحد من الأولين والآخرين، ويتحداهم بأن يأتوا بمثل ما جاء به إن كانوا صادقين.
• ويقرر ذلك بشهادته تعالى بقوله وفعله وإقراره إياه، وتصديقه له بالحجة والبرهان، وبالنصر والظهور، وبشهادة أهل العلم المنصفين، ويقابل بين ما جاء به من الحق في أخباره وأحكامه، وبين ما كان عليه أعداؤه، والمكذبون به، من الكذب في أخبارهم، والباطل في أحكامهم، كما يقرر ذلك بالمعجزات المتنوعة.
• ويقرر الله المعاد بذكر كمال قدرته، وخلقه للسماوات والأرض، اللتين هما أكبر من خلق الناس، وبأن الذي بدأ الخلق قادر على إعادته من باب أولى، وبأن الذي أحيا الأرض بعد موتها قادر على إحياء الموتى، ويذكر أيضًا أيامه في الأمم، ووقوع المَثُلَات التي شاهدها الناس في الدنيا، وأنها نموذج من جزاء الآخرة.
• ويدعو جميع المبطلين من الكفار والمشركين والملحدين بذكر محاسن الدين، وأنه يهدي للتي هي أقوم، في عقائده وأخلاقه وأعماله، وبيان ما لله من العظمة والربوبية، والنعم العظيمة، وأن من تفرد بالكمال المطلق والنعم كلها هو الذي لا تصلح العبادة إلا له، وأن ما عليه المبطلون، إذا مُيز وحُقق، وُجد شرًّا وباطلًا، وعواقبه وخيمة.
• ومن أصول التفسير إذا فهمت ما دلت عليه الآيات الكريمة من المعاني مطابقة وتضمنًا، فاعلم أن لوازم هذه المعاني، وما لا تتم إلا به، وشروطها وتوابعها تابعة لذلك المعنى، فما لا يتم الخبر إلا به، فهو تابع للخبر، وما لا يتم الحكم إلا به، فهو تابع للحكم، وأن الآيات التي يفهم منها التعارض والتناقض، ليس فيها تناقض ولا تعارض، بل يجب حمل كل منها على الحالة المناسبة اللائقة بها، وأن حذف المتعلقات من مفعولات وغيرها، يدل على تعميم المعنى؛ لأن هذا من أعظم فوائد الحذف، وأنه لا يجوز حذف ما لا يدل عليه السياق اللفظي، والقرينة الحالية، كما أن الأحكام المقيدة بشروط أو صفات تدل على أن تلك القيود، لا بد منها في ثبوت الحكم.
• إذا أمر الله بشيء كان ناهيًا عن ضده، وإذا نهى عن شيء كان آمرًا بضده، وإذا أثنى على نفسه بنفي شيء من النقائص، كان إثباتًا للكمال المنافي لذلك النقص، وكذلك إذا أثنى على رسله وأوليائه ونـزههم عن شيء من النقائص، فهو مدح لهم بما يضاد ذلك النقص، ومثله نفي النقائص عن دار النعيم، يدل على إثبات ضد ذلك.
• ومن الكليات أنه إذا وضح الحق وظهر ظهورًا جليًّا، لم يبقَ للمجادلات العلمية والمعارضات العملية محل، بل تبطل المعارضات، وتضمحل المجادلات.
• ما نفاه القرآن؛ فإما أن يكون غير موجود، أو أنه موجود، ولكنه غير مفيد ولا نافع.
• الموهوم لا يدفع المعلوم، والمجهول لا يعارض المحقق، وما بعد الحق إلا الضلال.
• ذكر الله في القرآن الإيمان والعمل الصالح في مواضع كثيرة، رتَّب عليهما من الجزاء العاجل والآجل والآثار الحميدة شيئًا كثيرًا؛ فالإيمان هو: التصديق الجازم، بما أمر الله ورسوله بالتصديق به، المتضمن لأعمال الجوارح.
• والعمل الصالح هو: القيام بحقوق الله، وحقوق عباده، وكذلك أمر الله بالتقوى، ومدح المتقين، ورتب على التقوى حصول الخيرات، وزوال المكروهات، والتقوى الكاملة: امتثال أمر الله وأمر رسوله، واجتناب نهيهما، وتصديق خبرهما.
• وإذا جمع الله بين التقوى والبر ونحوه، كانت التقوى اسمًا لتوقي جميع المعاصي، والبر اسمًا لفعل الخيرات، وإذا أفرد أحدهما، دخل فيه الآخر.
• وذكر الله الهدى المطلوب في مواضع كثيرة، وأثنى على المهتدي، وأخبر أن الهدى بيده، وأمرنا بطلبه منه، وبالسعي في كل سبب يحصل الهدى، وذلك شامل لهداية العلم والعمل.
• فالمهتدي: من عرف الحق، وعمل به، وضده الغي والضلال، فمن عرف الحق ولم يعمل به فهو الغاوي، ومن جهل الحق فهو الضال.
• أمر الله بالإحسان، وأثنى على المحسنين، وذكر ثوابهم المتنوع في آيات كثيرة، وحقيقة الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وأن تبذل ما تستطيعه من النفع المالي والبدني والقولي إلى المخلوقين.
• وأمر بالإصلاح وأثنى على المصلحين، وأخبر أنه لا يضيع ثوابهم وأجرهم.
والإصلاح هو: أن تسعى في إصلاح عقائد الناس وأخلاقهم، وجميع أحوالهم؛ بحيث تكون على غاية ما يمكن من الصلاح، وأيضًا يشمل إصلاح الأمور الدينية، والأمور الدنيوية، وإصلاح الأفراد والجماعات، وضد هذا الفساد.
والإفساد قد نهى عنه، وذم المفسدين، وذكر عقوباتهم المتعددة، وأخبر أنه لا يصلح أعمالهم الدينية والدنيوية.
• أثنى الله على اليقين، وعلى الموقنين، وأنهم هم المنتفعون بالآيات القرآنية، والآيات الأفقية.
واليقين أخص من العلم، فهو: العلم الراسخ، المثمر للعمل والطمأنينة.
• أمر الله بالصبر، وأثنى على الصابرين، وذكر جزاءهم العاجل والآجل في عدة آيات، نحو تسعين موضعًا، وهو يشمل أنواعه الثلاثة: الصبر على طاعة الله، حتى يؤديها كاملة من جميع الوجوه، والصبر عن محارم الله حتى ينهى نفسه الأمارة بالسوء عنها، والصبر على أقدار الله المؤلمة، فيتلقاها بصبر وتسليم، غير متسخط في قلبه ولا بدنه ولا لسانه.
• وكذلك أثنى الله على الشكر، وذكر ثواب الشاكرين، وأخبر أنهم أرفع الخلق في الدنيا والآخرة.
وحقيقة الشكر هو: الاعتراف بجميع نعم الله، والثناء على الله بها، والاستعانة بها على طاعة المنعم.
• وذكر الله الخوف والخشية في مواضع كثيرة، أمر به، وأثنى على أهله، وذكر ثوابهم، وأنهم المنتفعون بالآيات، التاركون للمحرمات.
وحقيقة الخوف والخشية: أن يخاف العبد مقامه بين يدي الله، ومقامه عليه، فينهى نفسه بهذا الخوف عن كل ما حرم الله.
والرجاء: أن يرجو العبد رحمة الله العامة، ورحمته الخاصة به، فيرجو قبول ما تفضل الله عليه به من الطاعات، وغفران ما تاب منه من الزلات، ويعلق رجاءه بربه في كل حال من أحواله.
• وذكر الله الإنابة في مواضع كثيرة، وأثنى على المنيبين، وأمر بالإنابة إليه، وحقيقة الإنابة: انجذاب القلب إلى الله، في كل حالة من أحواله، ينيب إلى ربه عند النعماء بشكره، وعند الضراء بالتضرع إليه، وعند مطالب النفوس الكثيرة بكثرة دعائه في جميع مهماته، وينيب إلى ربه، باللهج بذكره في كل وقت.
[والإنابة أيضًا: الرجوع إلى الله، بالتوبة من جميع المعاصي، والرجوع إليه في جميع أعماله وأقواله، فيعرضها على كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فتكون الأعمال والأقوال، موزونة بميزان الشرع].
• أمر تعالى بالإخلاص، وأثنى على المخلصين، وأخبر أنه لا يقبل إلا العمل الخالص.
وحقيقة الإخلاص: أن يقصد العامل بعمله وجه الله وحده وثوابه، وضده: الرياء، والعمل للأغراض النفسية.
• نهى الله عن التكبر، وذم الكبر والمتكبرين، وأخبر عن عقوباتهم العاجلة والآجلة.
والتكبر هو: رد الحق، واحتقار الخلق، وضد ذلك التواضع، فقد أمر به، وأثنى على أهله، وذكر ثوابهم، فهو قبول الحق ممن قاله، وألَّا يحتقر الخلق، بل يرى فضلهم، ويحب لهم ما يحب لنفسه.
العدل هو: أداء حقوق الله، وحقوق العباد.
والظلم: عكسه، فهو يشمل ظلم العبد لنفسه بالمعاصي والشرك، وظلم العباد في دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
الصدق هو: استواء الظاهر والباطن في الاستقامة على الصراط المستقيم، والكذب بخلاف ذلك.
حدود الله هي: محارمه، وهي التي يقول فيها: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ﴾ [البقرة: 187]، ويراد بها ما أباحه الله وحلله، وقدره، وفرضه؛ فيقول فيها: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ﴾ [البقرة: 229].
الأمانة هي: الأمور التي يؤتمن عليها العبد، فيشمل ذلك أداء حقوق الله، وخصوصًا الخفية، وحقوق خلقه كذلك.
العهود والعقود، يدخل فيها التي بينه وبين الله، وهو: القيام بعبادة الله مخلصًا له الدين، والتي بينه وبين العباد من المعاملات ونحوها.
الحكمة والقوام: فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي.
والإسراف والتبذير: مجاوزة الحد في الإنفاق، والتقتير والبخل عكسه: التقصير في النفقات الواجبة.
المعروف: اسم جامع لكل ما عرف حسنه ونفعه شرعًا وعقلًا، والمنكر عكسه.
الاستقامة: لزوم طاعة الله، وطاعة رسوله على الدوام.
مرض القلب هو: اعتلاله، وهو نوعان: مرض شكوك في الحق، ومرض شهوة للأمور المحرمة.
النفاق: إظهار الخير، وإبطان الشر، فيدخل فيه النفاق الاعتقادي، والنفاق العملي.
• القرآن كله محكم، وأحكمت آياته من جهة موافقتها للحكمة، وأن أخباره أعلى درجات الصدق، وأحكامه في غاية الحسن، وكله متشابه، من جهة اتفاقه في البلاغة والحسن، وتصديق بعضه لبعض وكمال اتفاقه.
ومنه محكم ومتشابه، من جهة أن متشابهه ما كان فيه إجمال أو احتمال لبعض المعاني، ومحكمه واضح مبين صريح في معناه، إذا رد إليه المتشابه، اتفق الجميع، واستقامت معانيه.
معية الله التي ذكرها في كتابه نوعان:
معية العلم والإحاطة؛ وهي: المعية العامة، فإنه مع عباده أينما كانوا.
ومعية خاصة؛ وهي: معيته مع خواص خلقه بالنصرة، واللطف، والتأييد.
• الدعاء والدعوة، يشمل دعاء العبادة، فيدخل فيه كل عبادة أمر الله بها ورسوله.
ودعاء المسألة؛ وهو: سؤال الله جلب المنافع، ودفع المضار.
• الطيبات: اسم جامع لكل طيب نافع، من العقائد، والأخلاق، والأعمال، والمآكل، والمشارب، والمكاسب، والخبيث ضد ذلك.
وقد يراد بالخبيث: الرديء، وبالطيب: الخيار؛ كقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾ [البقرة: 267].
• النفقة تشمل النفقة الواجبة: كالزكاة، والكفارة، ونفقة النفس، والعائلة، والمماليك، والنفقة المستحبة: كالنفقة في جميع طرق الخير.
• التوكل على الله والاستعانة به، قد أمر الله بها، وأثنى على المتوكلين في آيات كثيرة.
وحقيقة ذلك: قوة اعتماد القلب على الله في جلب المصالح، ودفع المضار الدينية والدنيوية، مع الثقة به في حصول ذلك.
• العقل الذي مدحه الله وأثنى على أهله، وأخبر أنهم هم المنتفعون بالآيات هو: الذي يفهم، ويعقل الحقائق النافعة، ويعمل بها، ويعقل صاحبه عن الأمور الضارة، ولذلك قيل له: حجر، ولُب، ونُهى؛ لأنه يحجر صاحبه وينهاه عما يضره.
• العلم هو: معرفة الهدى بدليله، فهو معرفة المسائل النافعة المطلوبة، ومعرفة أدلتها وطرقها، التي تهدي إليها.
والعلم النافع هو: العلم بالحق والعمل به، وضده الجهل.
• لفظ "الأمة" في القرآن على أربعة أوجه: يراد به "الطائفة من الناس" وهو الغالب، ويراد به "المدة"، ويراد به "الدين" و "الملة"، ويراد به "الإمام" في الخير.
• لفظ "استوى" في القرآن على ثلاثة أوجه: إن عدي بـ "على"، كان معناه العلو والارتفاع: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الأعراف: 54].
وإن عدي بـ "إلى"، فمعناه قصد؛ كقوله: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ﴾ [البقرة: 29].
وإن لم يعدَّ بشيء، فمعناه "كَمُل"؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ﴾ [القصص: 14].
• "التوبة" ورد في آيات كثيرة الأمر بها، ومدْح التائبين وثوابهم؛ وهي: الرجوع عما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا، إلى ما يحبه الله ظاهرًا وباطنًا.
• الصراط المستقيم، الذي أمر الله بلزومه وأثنى على المستقيمين عليه، هو: الطريق المعتدل الموصل إلى رضوان الله وثوابه، وهو متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وكل أحواله.
• الذكر لله الذي أمر به، وأثنى على الذاكرين، وذكر جزاءهم العاجل والآجل هو: عند الإطلاق، يشمل جميع ما يقرب إلى الله؛ من عقيدة، أو فكر نافع، أو خلق جميل، أو عمل قلبي أو بدني، أو ثناء على الله، أو تسبيح ونحوه، أو تعلم أحكام الشرع الأصولية والفروعية، أو ما يعين على ذلك، فكله داخل في ذكر الله.
• والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم إلى يوم الدين.
• قال ذلك، وكتبه العبد الفقير إلى ربه عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله بن ناصر السعدي، غفر الله له ولوالديه، ومشايخه، وأحبابه، وجميع المسلمين آمين.
[1] عثمان بن سند بن راشد بن عبدالله بن راشد الوائلي (1242 هـ - 1826م)، والفيلكاوي مولدًا، والقريني مسكنًا، والبصري نِسبةً، علامة في آداب العرب، ومؤرخ وشاعر ومن أشهر العلماء بشبه الجزيرة العربية بالقرن الثالث عشر، من أسرة نجدية تنتسب إلى تغلب من بني وائل من عنزة، وُلد في جزيرة فيلكا، وبالتحديد في إحدى قراها القديمة، وتدعى: الدشت، في سنة (1180 هـ - 1766م)، الواقعة على الشاطئ الغربي أقرب إلى الجنوب منها إلى الشمال.
[2] للمزيد يُنظر: فصول في أصول التفسير؛ للشيخ مساعد الطيَّار.
[3] للمزيد يُنظر: صفحات من حياة علامة القصيم عبدالرحمن بن ناصر السعدي، لعبدالله بن محمد بن أحمد الطيار، ط1، دار ابن الجوزي، الدمام، 1413هـ/1992م، ص 15-17.
[4] الأجوبة السعدية عن المسائل الكويتية، وليد عبدالله المنيس، ط1، مركز البحوث والدراسات الكويتية، الكويت، 1423هـ/2002م، ص 14.