هل لديك قائمة تحقق لعبادتك؟
مدة
قراءة المادة :
9 دقائق
.
في ظل الأحداث المتسارعة حولنا في كل مكان.. وكم المعلومات التي نتعرض لها بشكل يومي في جميع وسائل التواصل وغيرها في أشكالها المختلفة المرئية والمقالية..
يجب أن يكون لك شيء ترتكز عليه..
تقيس عليه ما يقال أمامك، حتى لا يأتي عليك يوم وقد قمت بإرسال رسالة ظاهرها تناصح وإعانة على الخير وباطنها نشر لبدعة أو كذب على الله ورسوله! قبل أن تشرع بأي عمل وخاصة لو كان في الدين، فلتسأل نفسك التالي: 1.
هل هذا العمل يقربني إلي الله؟ فما قيمة عمل فعله لا يقربك إلى الله؟ ويقربك لطاعته ويبعدك عن المعصية..؟ فالمؤمن يُعمر آخرته بدنياه؛ كل عمل يغرس به أشجار في آخرته..
يُعمر به بيته..
فحين يأتي ميعاد العودة يجد بيته عامرًا وأشجاره مثمرة..
لا أن ينشغل بالدنيا وما فيها من زينة، فهي مهما زادت في هذه الزينة فهي دُنيا..
لا تساوي عند الله عزوجل جناح بعوضة! يقول صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء» (رواه الترمذي وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم [686])، فكيف والبعوضة نفسها لا شأن لها فكيف بجانحها؟ فكم تساوي في قلبك؟2.
هل أثاب على فعله؟
3.
ما هي نيتك في هذا العمل؟ هل نيتك مخلصة لله عزوجل؟ أم بها حظوظ نفس؟ فتش في نيتك جيدًا، حتى لا تكون مثل الذي يقيم بناء دون عماد راسخ في الأرض..
فتهب بعض رياح فتجعله هباءً منثورًا..
فالله عزوجل أغنى الشركاء عن الشرك! ففي الحديث القدسي يقول الله تبارك وتعالى: «أنا أغنَى الشركاءِ عن الشركِ، مَن عمِل عملًا أشرك فيه معِي غيرِي، تركتُه وشركَه» (صحيح مسلم برقم [2985])4.
هل هي عبادة؟ هل هناك دليل عليها في الكتاب والسنة؟ في ظل كثرة أهل البدع..
وانتشار أهلها والداعين لها، وقلة السالكين في الطريق الحق والداعيين له! نتلمس طريقنا إلى أن نجده..
فهناك الكثير من الآثار نتسطيع أن نجدها لمن سبقونا في الطريق..
حتى يكون لإبحارنا في هذه الحياة وجهة ومقصد ولا نتوه في بحرها العاصف..
ولكي نترك نحن أيضًا لمن سيأتي بعدنا آثارًا يتلمسوها..
حتى يكون لوجودنا إضافة حقيقية في الحياة..
وليس مجرد صفر على هامش الحياة! ولتارك الأثر صفات وسمات..
حتى يكون غرسه مثمرًا، ولكي يحيي حياة يستطيع في خِضَمّها ومعاركها أن ينتصر..
أن يعرف وجهته الحقيقية..
أن يعرف من هو وما مراد الله عزوجل من وجوده!من هو؟ هو عبد لله عزوجل..
يعيش كما يحب الله عزوجل ويرضى! لا كما تأمره نفسه ولا وسوسة شيطان يتتبع خطواته حتى يقع في معصية الله..
حتى وإن زل وأخطأ فالله عزوجل يحب التوابيين الآوابيين إليه..
فكلمة عبد لله هي تشريف، وعلى قدر التشريف يأتي التكليف!فعليك أن تتعلم ما هي التكاليف التي عليك، فالفروض تأتيها ومن النوافل وأعمال الخير تأتي منها ما تستطيع، وكل نهي تنتهي عنه! فالعبد يمتثل ولا يجادل ولا ينازع الرب فيما أمر وشرع! عليك أن تعلم أن كل عبادة حتى تكون صحيحة، فلها شروط وأركان..
من شروطها: - يجب أن يكون المشرع لها الله عزوجل..
لها دليل في الكتاب أو السنة! لا عقل وهوى أحد! - أن تكون مخلصة لله عزوجل، لا تشرك فيها حظ نفس أو رياء لأحد.- الاتباع! قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» (أخرجه مسلم)، وفي رواية أخرى للحديث: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (أخرجه البخاري)..
وكما قال النووي رحمه الله في شرحه للحديث: "وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات...وهذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات، وإشاعة الاستدلال به"..
ففهم هذا الحديث ومعرفة شرحه واجب في ظل الكم البدع التي تعرض على مسامعنا وقلوبنا كل يوم! والاتباع يكون في الأصل والصفة؛ أن تكون للعبادة أصل في الكتاب أو السنة أو في كلاهما معًا..
والصفة كما فعلها ووضحها لنا النبي صلى الله عليه وسلم..
فإن وزنت أي فعل على هذين الشرطين، ستجد الأمور أوضح كثيرًا! ولكن أحذر دائمًا من شيئين: هوى نفسك وخطوات الشيطان! فمن الممكن أن تجد نفسك تتبعهما وتترك الطريق الحق! فكثرة التعرض للفتن توهن القلب! فإن لم تحصن هذا القلب بقوة يدفع بها عن نفسه الهوى ويبصر بها خطوات الشيطان حتى لا يقرب طريقها أو حتى يستطيع العودة منها..
فقلبك في خطر إذاً! أتدري ما هذه القوة؟ هي قوة إيمانك! تلك التي تثبت أركانها في قلبك بكثرة فعل الصالحات واتباع الطريق الحق..
في السر والعلن! فتكثر في يومك العمل والطاعات والصالحات، وتثبت أركانها بقيام الليل، فعبادة الليل أشد وطئًا وتأثيرًا في القلب كما قال الله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل:6]، تثبت أركانها باختبارها في سرك..
فأعمال السر هل حقيقة نفسك..
فأجلس مع نفسك وكاشفها، قبل أن يأتي اليوم الذي تبلى فيه السرائر، وتُعلن خبايا النفوس! كاشفها وأصلح منها وأنت مازلت تستطيع ذلك..
أجعل لنفسك جلسة كل فترة تختلي بها، وأعزم أن تلزم التغيير الذي تريده لها..
هيأها ليوم تجد كل ما عملت فيه محضرًا {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:30].
ومن أركانها: كمال الحب وكمال الذل، يقول ابن تيمية: "والعبادة تجمع كمال المحبة وكمال الذل"، ويقول ابن القيم: "والمحبة مع الخضوع هي العبودية التي خلق الخلق من أجلها، فإنها غاية الحب بغاية الذل، ولا يصلح ذلك إلا له سبحانه، والإشراك به هنا هو الشرك الذي لا يغفره الله ولا يقبل لصاحبه عملًا" (الفوائد)..
فالعبد الذي يحقق في نفسه شروط وأركان العبادة..
واستقرت في نفسه هذه المعاني، واجتهد أن يحيا بها، وفهم أنه ليصل لغايته، الجنة..
وجب عليه أن يلزم المنهج والطريق الذي بينه الله عزوجل، فهذا العبد حينها سيجد أن كل حركاته وسكناته عبادة، فهو لا يتحرك إلا وفقًا لما يحب الله عزوجل ويرضاه..
لم تعد الدنيا أكبر همه، ولا يراها إلا كامتحان ومرحلة لحياة الآخرة..
فقبل أي عمل أنت مقبل عليه، قف واسأل نفسك، هل هو من حرث الآخرة؟ أم حرث لدنيا لا تساوي جناح بعوضة؟ هل يرضي الله عزوجل؟ أم هوى نفس واتباع لخطوات شيطان! اللهم أجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وأرزقنا قلوب مخلصة خالصة لك نلتجأ ونصمد بها لك وحدك، وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.