عنوان الفتوى : الدين والخلق هما الكفاءة المعتبرة في النكاح
إلى سماحة الشيخ / أكرمكم الله وأدخلكم فسيح جناته. الموضوع: (التماس فتواكم الكريمة في مسألة نكاح) أما بعد الطرف الأول: أنا، الشاب الذي يود الزواج. أنا شاب عماني تعرفت على فتاة ذات خلق ودين من خلال دراستي بالجامعة، أنا خلوق متصل بديني. وكما هو معلوم لديكم فإن المرأة الصالحة هي التي تكون البيت المسلم المتين المهتدي بالله سبحانه وتعاليم رسوله الكريم. وإني لأرى في هذه الشابة الصفات التي تمكننا من أداء واجبنا الزوجي في أكمل وجه. إن شاء الله تعالى. الطرف الثاني: الفتاة، وهي الفتاة التي أود الزواج بها . تقدمت لخطبة هذه الشابة وأنا أريدها زوجة لي ، على سنة الله ورسوله ولكن والدها رفضني. عندما تقدمت إليها طلب والدها أن أصلي أنا وهي صلاة الاستخارة، بالرغم من أني رأيت خيرا في منامي وهي رأت خيرا كذلك، رفض. الطرف الثالث: والد الفتاة وسبب رفضه. تأكد والدها بأنني ابن رجل لم يكن من أصحاب القبائل ولكنه تسمى باسم قبيلة، فأنا كما أسماني والدها (عبد من عبيد منطقة كذا)، علما بأن الفتاة صلت مرتين ورأت خيرا في المرتين وكذلك بالنسبة لصاحبتها العزيزة التي هي بدورها صلت كذلك ورأت خيرا. علما بأن والدتي هندية الأصل وهي من ذوي الأنساب الهندية المسلمة المنشودة بها. والد الفتاة إنسان متدين وقال لها بأن هذا الزواج حرام شرعا لأنها سيدة وأنا عبد (كما أسماني). أنا عبد لله لم أنشا أو أكن يوما عبدا للمجتمع بل كنت حرا مجتهد ومثابرا في حياتي. رؤيا لها صلة بالموضوع: أود أن أذكر بأن الفتاة التي أود الزواج بها أخبرت من قبل فتاة تدرس معنا أنها رأت شيئا في منامها أثناء دراستنا، وتأويل ذلك كان بأنني والفتاة سيتم الزواج بينا، علما بأن لم يكن بيني وبين الشابة شيء. أضيف، الفتاة تجزم بأنها رأتني في منامها قبل أن تدخل الجامعة(أي أنها رأتني قبل أن تراني حقيقة في الجامعة حيث درسنا)، وما رأته كالآتي: كانت في سيارة تجلس في المقعد بجانب مقعد السائق وكان بجانبها في السيارة في مقعد السائق شاب وفي المقعد الخلفي للسيارة طفل صغير يلعب، كانت السيارة متجهة إلى أعلى الشارع حين نظرت إلى الشاب ونادته باسمه الذي هو اسمي في الحقيقة كما رأتني أيضا بوضوح. وطلبت مني أن أوقف السيارة ثم خرجت من السيارة وخرجت أنا وراءها وكنا ننظر إلى أسفل التلة حيث رأت مسجدا وسرح فكرها بعد ذلك في شيء عن والدها. فما تأويل ذلك؟ وما ذنبي أنا حيث إنني أكون مزيجا من دم أبي غير القبلي ودم أمي القبلي. أفيدوني بالحكم الشرعي في الجمع بيننا نحن الاثنين على سنة الله ورسوله إن كان الشاب كما يجزم ،علما أن الوالد كان موافقا على كل شيء آخر ولم يكن له أي اعتراض آخر بالنسبة لخلق الرجل أو دينه إلى أن علم بأصل الشاب ، وأود أن أؤكد لكم أن الفتاة ونفسي نريد موافقة والدها على هذا الأمر قبل الشروع فيه وأننا قد نحصل على ذلك إن رأى والدها فتوى مكتوبة، حيث إنها حاولت إقناعه ولكن من غير جدوى.أرجو فتواكم في الأمر كله وما يترتب على والد الشابة فعله؟ آجركم الله وسدد خطاكم وأدخلكم فسيح جناته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، إنه سميع مجيب.
وأما ما سألت عنه من خبر الفتاة ووليها.. فالجواب عنه أنه لا ينبغي لولي الفتاة عضلها ومنعها من الزواج ممن ترغب إن كان كفؤا ذا دين وخلق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وغيره بإسناد حسن، وروى الإمام أحمد وأبو داود رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن.
وقال الإمام الصنعاني في سبل السلام: قد صح أن بلالا نكح هالة بنت عوف أخت عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم.اهـ . ومعروف مكانة هالة القبلية فهي من أشراف قريش وساداتها ، فالكفاءة المعتبرة على الراجح إنما هي في الدين كما بينا في الفتويين رقم: 998 ، 75991 ، وما دمت حرا ذا خلق ودين فيجوز لك أن تتزوج من تلك الفتاة، وليس لوليها عضلها، وإن فعل فهو ظالم، ولها رفع أمرها إن شاءت إلى السلطان.
فإن لم يتيسر ذلك فننصحك بالبحث عن غيرها من ذوات الدين والخلق، واعلم أن الخير فيما يسره الله وقدره. وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}
ومن استخار فقد وكل أمر الاختيار إلى ربه: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ {الملك:14}
وما دمتما قد استخرتما الله عز وجل فقرا عينا أنه لن يكون إلا ما فيه الخير لكما، سواء أكان الزواج أم عدمه، وأما الرؤى والأحلام فيستأنس بهما، ولكن لا يمكن أن يبني الإنسان عليهما أمرا أساسيا من دينه أو دنياه بحيث يعمل بمقتضاهما كفا أو امتثالا. وللفائدة انظر الفتويين: رقم:11052، 30093.
والله أعلم.