عنوان الفتوى : احترام العلماء وتوقيرهم وحكم نسبة الخطأ إليهم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

تناقشت أنا وأصدقاء في موضوع تحريم وتحليل الغناء، فقلت إن ابن حزم رحمه الله تعالى أخطأ، كما قلت إن ابن مسعود رضي الله عنه أفهم من ابن حزم في القرآن الكريم، ولقد لامني الأصدقاء بشدة، علماً بأني أقدر ابن حزم ولا أطعن فيه وأنا أقل من أن أتكلم في العلماء، ولكن الدليل الشرعي في التحريم وأقوال الصحابة والتابعين والأئمة أقوى من قول ابن حزم والغزالي، ألا يعني هذا أنه أخطأ، فسؤالي هو: هل أذنبت وهل أأثم، وهل ينبغي أن لا أخوض في مثل هذه النقاشات، لأن علمي قليل حتى إن كان معي دليل ورد قويان، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن العلماء (ابن حزم وغيره) متفقون على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية، كما نريد أن ننبه أيضاً إلى أن ابن حزم رحمه الله لا يقلد في إباحة الغناء وقد جاء النص الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريمه، وقد قال الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا {الحشر:7}، وقال أيضاً: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور:63}.

ثم إن علماء الشريعة هم ورثة الأنبياء، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود والترمذي وأحمد غيرهم، وإجلال العلماء وتوقيرهم هو إجلال لله سبحانه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط. أخرجه أبو داود وحسنه الألباني.

ولقد هدد النبي صلى الله عليه وسلم وتوعد من لم يعرف للعلماء حقهم فقال: ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه. رواه الحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني.

ومع كل هذا فإنهم غير معصومين من الخطأ، ولكنهم مأجورون على اجتهادهم ولو أداهم إلى الخطأ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر. متفق عليه. فهذا الحديث صريح في أن الحاكم يخطئ ولكنه معذور في خطئه.

وعليه فإذا كان الذي ذكرته هو مجرد نسبة الخطأ إلى عالم، في مسألة ثبت خطؤه فيها من غير أن تقصد بما قلته تنقيصاً أو استخفافاً به، فلا نرى عليك حرجاً فيه.

والله أعلم.