عنوان الفتوى : تعليل النقل عن ابن حجر الهيتمي مع وقوعه في أخطاء
جزاكم الله خيرا على مجهودكم، ووفقكم الله لكل ما يحب ويرضى. عندي استفسار .. قرأت سابقا في موقعكم أنه لا يجوز للمرأة لبس البنطال، ولكن دار الإفتاء المصرية تحلل لبس البنطال، بل وأيضا المحدد للجسد، ولا يشترط حتى أن يكون فضفاضا يعني لا مانع إذا كان يحدد ويرسم شكل الجسم. هنا كنت في حيرة من أمري، ثم لما بحثت عن أسماء المشايخ الذين يستدلون بكلامهم على جواز لبس البنطال، وجدت أحدهم الشيخ فلان، واستغربت كيف يؤخذ بكلامه وهو أصلا صوفي، ووجدت أيضا ابن حجر الهيتمي، ولما بحثت عنه وجدت أن عقيدته فيها أخطاء كبيرة جدا؛ مثل جواز التوسل بالرسول هنا اطمأننت، وعلمت أن هذه الفتوى كلها خطأ في خطأ، ولكن لما وجدت أن موقعكم إسلام ويب أيضا يستدل بابن حجر الهيتمي في هذه الفتوى: 197955. هنا لم أعد أعلم ماذا أفعل. لو كنتم تستدلون ببعض أقواله يعني هنا لما استدل بكلامه على جواز لبس البناطيل للمرأة. فأين الخطأ؟ وعلى هذا الحال يستطيع أي أحد تحليل كل شيء حرام. فأرجوا أن تنصحوني ماذا أفعل؟ من أصدق؟ ومن لا آخذ منه الفتوى؟ ولماذا قمتم بأخذ كلام أحد عنده أخطاء عظيمة في عقيدته. وجزاكم الله خير الجزاء.
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في حكم لبس المرأة للبنطال، لعلك اطلعت على بعضها. وما نسبته لدار الإفتاء المصرية من أنها تجيز لبس البنطال المحدد للجسم نظن أنه خطأ منك فقد أفتت بعدم جواز لبسه، فقد جاء في آخر فتاهم عن حكم لبس النساء للبنطلون ما نصه:
(ولُبس البنطلون الذي تتحقق فيه شروط الستر جائز في ذاته؛ لأنه الأصل، فأمر اللباس للرجل أو المرأة باق على الإباحة ما لم يكن ممنوعًا بالنص أو يقترن به معنى يمنعه الشرع .... – إلى أن قالوا: - ولُبْسُ النساءِ الضيقَ من الثياب - ومنها السراويل الضيقة التي تثير الشهوة وتؤدي إلى الفتنة - ممنوع لهذا السبب، فيكون مُحرَّمًا لغيره لا لذاته. وقد راعى الفقهاء هذا الأمر حتى لا يَكُرَّ بالإبطال على ما تنشده الشريعة وتحض عليه من الستر ومنع مقدمات الوقوع في المحرم؛ كالنظر والخلوة ونحوهما، ولهذا الأمر نماذج كثيرة. .... وعليه: فإن لُبس النساء للبنطلون الواسع الفضفاض الذي تتحقق فيه شروط الزي الشرعي جائزٌ ولا شيء فيه، وهذا بخلاف الضيّق الذي يُحَدِّد حجم العورة فإنه لا يجوز. اهـ.
كما أن نسبة القول بجواز لبسه للحافظ ابن حجر الهيثمي - رحمه الله تعالى - نظن كذلك أنها خطأ، لا سيما وأنه لم يكن من عادة النساء لبسه في زمانهم.
وأما لماذا ننقل عن ابن حجر الهيتمي في فتاوانا مع وقوعه في أخطاء عقدية، فجوابه: أنه من كبار فقهاء المسلمين الذين عُرِفُوا بالعلم والتأليف، وانتفع به المسلمون في زمانه وإلى زماننا، وكونه وقع في أخطاء هذا لا يعني ترك الحق الذي عنده وإهدار علمه، ولو أن كل عالم وقع في زلل أو خطإ هُجِرَ لما أُخِذَ العلمُ عن أحد من العلماء، ورحم الله تعالى الإمام الذهبي فقد قال في سير أعلام النبلاء: وَلَوْ أَنَّا كلَّمَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي اجْتِهَادِهِ فِي آحَادِ المَسَائِلِ خَطَأً مَغْفُوراً لَهُ، قُمْنَا عَلَيْهِ، وَبدَّعْنَاهُ، وَهَجَرْنَاهُ، لَمَا سَلِمَ مَعَنَا لاَ ابْنَ نَصْرٍ، وَلاَ ابْنَ مَنْدَةَ، وَلاَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمَا، وَاللهُ هُوَ هَادِي الخَلْقِ إِلَى الحَقِّ، وَهُوَ أَرحمُ الرَّاحمِينَ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى وَالفظَاظَةِ .. اهـــ، وانظر الفتوى رقم: 343822 .
والله تعالى أعلم.