عنوان الفتوى : الموازنة بين قراءة القرآن وطلب العلم
قراءة القرآن، وطلب العلم؛ أيهما أُقدِّم؟ وأيهما أفضل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن تلاوة القرآن عبادة عظيمة الثواب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف. رواه الترمذي وغيره.
لكن الاشتغال بتعلم العلم الشرعي ومدارسته مقدّمٌ, وهوأفضل من تلاوة القرآن, وغيرها من نوافل الطاعات، ففي المصنف لابن أبي شيبة: عن قتادة عن مطرف قال: لَفضلُ العلم أحب إلي من فضل العبادة، ومِلاك دينكم الورع. انتهى. وقد روي مرفوعا، وقال المنذري في الترغيب والترهيب: رواه الطبراني في "الأوسط" والبزار بإسناد حسن. اهـ. وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وقال النووي في المجموع: والحاصل أنهم متفقون على أن الاشتغال بالعلم أفضل من الاشتغالات بنوافل الصوم، والصلاة والتسبيح ونحو ذلك من نوافل عبادات البدن، ومن دلائله سوى ما سبق أن نفع العلم يعم صاحبه والمسلمين، والنوافل المذكورة مختصة به، ولأن العلم مصحح فغيره من العبادات مفتقر إليه، ولا ينعكس، ولأن العلماء ورثة الأنبياء، ولا يوصف المتعبدون بذلك، ولأن العابد تابع للعالم مقتد به مقلد له في عبادته وغيرها واجب عليه طاعته، ولا ينعكس، ولأن العلم تبقى فائدته وأثره بعد صاحبه، والنوافل تنقطع بموت صاحبها، ولأن العلم صفة لله تعالى، ولأن العلم فرض كفاية -أعني العلم الذي كلامنا فيه- فكان أفضل من النافلة. انتهى.
وبإمكان المسلم أن يبذل جهده, فيجمع بين العبادتين حيث يخصص وقتا لطلب العلم, ووقتا لتلاوة القرآن, وبذلك يجمع بين الفضيلتينِ ففي فتاوى الشيخ ابن باز: المؤمن والمؤمنة يجمع بين هذا كله، يقرأ القرآن في وقت، يتدبر ويتعقل، ويقرأ كتب العلم وكتب الحديث الشريف كتب الفقه للتعلم والتفقه في الدين، فلا يكفي هذا عن هذا، ولا هذا عن هذا. انتهى
والله أعلم.