عنوان الفتوى : شبهات داحضة حول الإسلام وجوابها
شاهدت مرة بقناة تلفزية برنامجا, كان يتهم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم , كأن يقال عن أمه أنها كانت ربما متزوجة أكثر من رجل كما كان في الجاهلية, وأن تاريخ الإسلام ليس بصحيح, فمثلا لا يعرف أكان حمزة أكبر من محمد صلى الله عليه وسلم أم العكس. أرجو منكم تبيين هذا الأمر وإيقاف قناة الحياة عند حدها ؟بارك الله فيكم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر أهل العلم أنه ما من علم يتعلمه الإنسان إلا وحصلت به فائدة إلا العلم المشتمل على الإلحاد أو السحر والشعوذة فهما ضاران يضران قلب الإنسان ويوقعانه في الأمراض الفتاكة ومنها مرض الشبهات، وقد حذر أهل العلم العوام من الاطلاع على كتب أهل الكتاب لئلا تنطلي عليهم الشبهات الموجودة بها، وقاس المعاصرون على ذلك ما تبثه القنوات الإلحادية الفاجرة، فيتعين على العامة البعد عن نظرها وسماع ما ينشر فيها، ولا يجوز ذلك إلا للمختصين الذين يريدون الرد على تلك الشبه ومقارعة أهلها بالحجج الدامغة، وأما المسلم العامي فعليه أن يصرف من وقته في تلاوة كتاب الله ومطالعة كتب الترغيب والترهيب وكتب السيرة والأخلاق والرقائق، ولا يضيع وقته في فضول النظر للقنوات الفاسدة والمواقع المنحرفة .
وقناة الحياة هذه من أخطر القنوات فيتعين على المسلم حجبها لئلا تفسد عليه عقيدته وعقيدة عياله .
وأما ما ذكر عن أم النبي صلى الله عليه وسلم فهو من أعظم أباطيلهم وليس عندهم ما يفيد إثبات هذا الأمر أو يوهمه إلا عموم ما كان في بعض الجاهلية من أنواع النكاح، وأهل الجاهلية لم يكن عندهم تعدد الأزواج للمرأة الواحدة، وإنما كان عند بعض السفلة من النساء استقبال مجموعة من الرجال من دون زواج فإذا ولدت ألحقت ولدها بمن تختار منهم، ولم يكن هذا الأمر معروفا عند أشراف العرب ولا سيما نساء قريش، ويدل لعدم وجود الزنى في أشراف النساء من قريش ما ثبت عن هند بنت عتبة أنها قالت حين بايعها النبي صلى الله عليه وسلم بيعة النساء وشرط ألا يشركن ولا يزنين ..الخ ، قالت هند أو تعلم في نساء قومك من هذه الهنات والعاهات شيئا . والحديث رواه الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي ، وقد دل لبراءة أم النبي صلى الله عليه وسلم من السوء ما ثبت في الحديث: ولدت من نكاح لا من سفاح . فالمراد بالحديث هو النكاح الصحيح المعروف كما قال صاحب جواهر العقود عند كلامه على أنكحة الجاهلية .
وأما إطلاق القول بأن تاريخ الإسلام غير صحيح فهو إطلاق باطل بلا شك فإن أغلب من كتبوا في تاريخ الإسلام القديم علماء أجلاء ثقات منهم ابن الجوزي، وابن كثير، والطبري وغيرهم، وأما ما كتبه المستشرقون فلا يستغرب أن توجد به الأباطيل لأنهم يتعمدون الدس والتشوية للتاريخ الإسلامي .
وأما حمزة فهو أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم كما نص عليه ابن حبان في الثقات، ولا مانع في الأخوة في الرضاعة بين أن يكون الأخوان في غير سن واحدة، فثويبة قد تكون أرضعت حمزة مع أحد أولادها وأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم مع ولد آخر، وهذا لا ينفي كونهما أخوين من الرضاعة ، وراجع الفتاوى التالية أرقامها : 57436 ، 58813 ، 56322 ، 63031 .
والله أعلم .