عنوان الفتوى : مكان رأس وبدن الحسين رضي الله عنه
أسألكم عن رأس الحسين رضي الله عنه هل هو في القاهرة داخل المسجد الحسين كما يدعون؟ ,, لماذا الأزهر الشريف يسكت لا يقول شيئا عن الأعمال التي تعمل داخل المسجد؟ ,, لماذا في الأزهر تدرس دروس الصوفية و الفلسفة ,, ماذا يكون موقفنا من الذين يذهبون لهذا المسجد ويعملون الأعمال الشركية؟,,, جزاكم الله خير الجزاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى أن رأس الحسين رضي الله عنه ليس بمصر, وأن ذلك مقولة افتريت في القرن السادس الهجري فقال في المزارت المكذوبة :
ومنها: مشهد الرأس الذى بالقاهرة فإن المصنفين فى قتل الحسين اتفقوا على أن الرأس ليس بمصر, ويعلمون أن هذا كذب وأصله أنه نقل من مشهد بعسقلان وذاك المشهد بني قبل هذا بنحو من ستين سنة فى أواخر المائة الخامسة, وهذا بني فى أثناء المائة السادسة بعد مقتل الحسين بنحو من خمسمائة عام, والقاهرة بنيت بعد مقتل الحسين بنحو ثلاثمائة عام. قد بين كذب هذا المشهد ابن دحية فى ( العلم المشهور) وأن الرأس دفن بالمدينة كما ذكره الزبير بن بكار. والذى صح من أمر حمل الرأس ما ذكره البخاري في صحيحه أنه حمل إلى عبيد الله بن زياد وجعل ينكت بالقضيب على ثناياه, وقد شهد ذلك أنس بن مالك - وفى رواية - أبوبرزة الأسلمى وكلاهما كان بالعراق, وقد ورد بإسناد منقطع أو مجهول أنه حمل إلى يزيد وجعل ينكت بالقضيب على ثناياه وإن أبا برزة كان حاضرا وأنكر هذا, وهذا كذب فإن أبا برزة لم يكن بالشام عند يزيد وإنما كان بالعراق.
وأما ( بدن الحسين ) فبكربلاء بالاتفاق قال أبوالعباس: وقد حدثني الثقات طائفة عن ابن دقيق العيد وطائفة عن أبي محمد عبدالمؤمن بن خلف الدمياطي وطائفة عن أبي بكر محمد بن أحمد بن القسطلاني وطائفة عن أبي عبد الله القرطبي صاحب التفسير كل هؤلاء حدثني عنه من لا أتهمه وحدثني عن بعضهم عدد كثير كل حدثني عمن حدثه من هؤلاء أنه كان ينكر أمر هذا المشهد ويقول إنه كذب, وأنه ليس فيه قبر الحسين ولا شيء منه والذين حدثوني عن ابن القسطلاني ذكروا عنه أنه قال: إنما فيه نصرانى. اهـ
وقال في موضع آخر في بيان الأكاذيب التي تنقل دون حجة ولا سند :
ومن هذا الباب نقل الناقل إن هذا القبر الذى بالقاهرة مشهد الحسين رضى الله عنه, بل وكذلك مشاهد غير هذا مضافة إلى قبر الحسين رضى الله عنه, فإنه معلوم باتفاق الناس أن هذا المشهد بني عام بضع وأربعين وخمسمائة وأنه نقل من مشهد بعسقلان, وأن ذلك المشهد بعسقلان كان قد أحدث بعد التسعين والأربعمائة، فأصل هذا المشهد القاهري هو ذلك المشهد العسقلاني وذلك العسقلاني محدث بعد مقتل الحسين بأكثر من أربعمائة وثلاثين سنة, وهذا القاهرى محدث بعد مقتله بقريب من خمسمائة سنة, وهذا مما لم يتنازع فيه اثنان ممن تكلم في هذا الباب من أهل العلم على اختلاف أصنافهم كأهل الحديث ومصنفي أخبار القاهرة ومصنفي التواريخ وما نقله أهل العلم طبقة عن طبقة, فمثل هذا مستفيض عندهم وهذا بينهم مشهور متواتر سواء قيل إن إضافته إلى الحسين صدق أو كذب لم يتنازعوا أنه نقل من عسقلان فى أواخر الدولة العبيدية.
وإذا كان أصل هذا المشهد القاهري منقول عن ذلك المشهد العسقلاني باتفاق الناس وبالنقل المتواتر فمن المعلوم أن قول القائل إن ذلك الذى بعسقلان هو مبني على رأس الحسين رضي الله عنه قول بلا حجة أصلا فإن هذا لم ينقله أحد من أهل العلم الذين من شأنهم نقل هذا لا من أهل الحديث ولا من علماء الأخبار والتواريخ ولا من العلماء المصنفين فى النسب نسب قريش أو نسب بني هاشم ونحوه, وذلك المشهد العسقلاني أحدث في آخر المائة الخامسة لم يكن قديما ولا كان هناك مكان قبله أو نحوه مضاف إلى الحسين ولا حجر منقوش ولا نحوه مما يقال إنه علامة على ذلك.
فتبين بذلك أن إضافة مثل هذا إلى الحسين قول بلا علم أصلا, وليس مع قائل ذلك ما يصلح أن يكون معتمدا لا نقل صحيح ولا ضعيف اهـ
هذا, ويتعين على العلماء الأجلاء وعلى من يعرف الحكم فيما يراه من المناكر الاهتمام بقيامهم بوراثة النبوة، فعليهم أن يقوموا بخلافة النبي صلى الله عليه وسلم في أمته، وأن ينتهزوا ما يتيسر لهم من الفرص، في توجيه الناس وتذكيرهم ونصحهم عملا بحديث مسلم: الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. .
فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر الراكب خلفه على الحمار، والماشي معه في السوق، والمصلين معه في المسجد، والمسافرين معه في الغزوة والحج.
كما في حديثي معاذ وابن عباس، وفي حديث الجدي الأسك وغيرهما، وكذلك كان نوح عليه السلام يدعو ليلا ونهارا سرا وجهارا، وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على هذا فقال: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
وقال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
وقال: إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض, حتى النملة في جحرها, وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير. رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وأما عن تدريس الأزهر للصوفية والفلسفة فهو أمر ليس عاما حسبما نعلم لجميع الدارسين بالأزهر, وإنما هو أمر خاص بقسم العقيدة في كلية أصول الدين, وكان الأولى استشكال الموضوع على القائمين على الأزهر, إلا أنه من المعلوم أن دراسة المواد المشتملة على الحق وغيره لا حرج فيها لطالب العلم الذي بلغ درجة لا بأس فيها من التعلم تمكنه من التفريق بين الحق والباطل, فقد درس عن التصوف والفلسفة كثير من العلماء القدامى وبينوا ما فيهما من حق وباطل.
وراجع في التصوف والفلسفة الفتاوى التالية أرقامها: 15514 , 29243 , 31031 , 53523 , 64912 , 47064 , 57271 . والله أعلم.