عنوان الفتوى : التائب من السارقين يضمن جميع المال المسروق
تعاهد رجلان على سرقة محل فيه مائة ألف درهم، فكان نصيب كل منهما خمسين ألفاً، ثم عرف أحدهما طريق الهداية واستمر الآخر في طغيانه،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاعتداء على أموال الناس محرم شرعاً لما في الصحيح: إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. ويجب على المعتدي أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة، وقد وعد الله التائب بالتوبة عليه لقوله تعالى بعد ذكر حد السرقة: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39}.
ومن تمام التوبة أن ترد إلى أصحاب الحقوق حقوقهم لما في الحديث الشريف: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح.
ولما في حديث: من كانت له مظلمة لأحد من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم. إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
والذي يلزم التائب هو المبلغ المسروق كله، ففي منح الجليل للمواق: قال الإمام ملك رضي الله عنه لو تاب واحد منهم وقد أخذ كل منهم حصة من المال، فإن هذا التائب يضمن جميع المال لأن الذي ولي أخذه إنما قوي عليه بهم. ابن رشد إذا اجتمع القوم في الغصب أو السرقة أو الحرابة فكل واحد منهم ضامن لجميع ما أخذوه لأن بعضهم قوى بعضاً كالقوم المجتمعين على قتل رجل فيقتلون به جميعاً وإن ولي القتل أحدهم وحده.
ولكن له بعد ذلك أن يرجع على شريكه في السرقة بما دفع عنه.
والله أعلم.