عنوان الفتوى : حكم من علق الطلاق على فعل ابنه غير البالغ
رجل قال لابنه الذي لم يبلغ الحلم أمك طالق لو ذهبتَ إلى بيت جدك. كان ذلك أثناء ثورة غضب من الرجل. فهل تكون الزوجة طالقا إذا ذهب الابن إلى بيت جده؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا تعليق للطلاق بذهاب الابن إلى جده، فإذا ذهب وقع الطلاق على قول جمهور أهل العلم ولو لم ينو الطلاق، وذهب ابن تيمية وآخرون إلى أنه إذا لم ينو الطلاق ، وإنما نوى المنع والتهديد ، فإنه يمين، ويلزمه كفارة يمين إذا وقع المعلق عليه, ويقيد بعض العلماء ومنهم الشافعية وقوع الطلاق المعلق بعدم فعل المعلق عليه في حال النسيان أو الجهل أو الإكراه، فإن فعله ناسيا أو جاهلا أو مكرها ، لم يقع الطلاق ، هذا في التعليق بفعل نفسه, أما بفعل الغير كما في السؤال فكذلك بشرط كون الغير مباليا بتعليقه ، فإن لم يكن مباليا فيقع الطلاق ولو مع النسيان ونحوه ، وفي التعليق بفعل البهيمة ومثله الطفل غير المميز، لا يشترط سوى كونه غير مكره ، فإن أكره لم يقع الطلاق ، قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى : ومنها: متى حلف بطلاق أو غيره على فعل نفسه ففعله ناسيا للتعليق أو ذاكرا له مكرها على الفعل أو مختارا جاهلا بالمعلق عليه لا بالحكم خلافا لمن وهم فيه لم يحنث؛ للخبر السابق : إن الله تعالى وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه . أي لا يؤاخذهم بشيء من هذه الأمور الثلاثة ما لم يدل دليل على خلافه كضمان المتلف ، فالفعل مع ذلك كَلا فعل, وكذا لا حنث إذا علق بفعل غيره المبالي بتعليقه بـأن لم يخالفه فيه لنحو صداقة أو حياء أو مروءة وقصد بذلك منعه أو حثه وعلم بالتعليق ففعله ذلك الغير ناسيا أو جاهلا أو مكرها, أما إذا لم يقصد منعه ولا حثه أو كان ممن لا يبالي بتعليقه كالسلطان والحجيج أو لم يعلم به ففعله فإنه يحنث به ولو مع النسيان وقسيمه ، لأن الغرض حينئذ مجرد التعليق بالفعل من غير قصد منع ، أو حث .... أو بدخول نحو بهيمة ، أو طفل فدخل غير مكره حنث ، أو مكرها فلا ، وفارق ما مر من الوقوع في بعض الصور مع الإكراه بأن فعل البهيمة غير منسوب إليها حال الإكراه، فكأنها حينئذ لم تصنع شيئا؛ بخلاف فعل الآدمي فإنه منسوب إليه ولو مع الإكراه, ولهذا يضمن به، وألحق نحو الطفل هنا بالبهيمة ، لأنه أقرب شبها بها منه بالمميز . انتهى
والله أعلم .