عنوان الفتوى : موقف الشرع من اتخاذ امرأة أجنبية أختا في الله
لي أخ في الله, وبإذن الله وقدره،هوأرسل الى السجن قبل ثلاثة أشهر والآن هو فى السجن. وزوجته هي امرأة عفيفة متحجبة. وأنا جعلتها أختا في الله، وأنا أحبه في الله ، وهي تحبني فى الله. وهي تسكن مع أم زوجها، وأنا أزورها صباحا ومساء آكل وأتحدث وأشاور معهم في أمر ما. وأحيانا أبيت عندهم. ولكن لا أخلو معها. ولها ثلاثة أولاد صغار, ولها أخ كافر فاسق وأسرتها بعيدة عن هذا البلد وهي تسعى إلى أن تنقذ زوجها من السجن لأنه سجن بغير حق وبدينه. وإنى أساعدها فى أمورها وأحيانا أكون معها في طريق وفي البنك وهكذا. وزوجها يثق بي وأنا أتقي الله في زوجته. وإني ما أحببتها إلا في الله ولأن هذه المرأة عفيفة حنينة رحيمة ولأني ليست لي أخت وجعلتها أختا. في هذه الحال : أولا هل يجوز لي أن تكون أو تسكن في بيتها مع وجود أم زوجها أو أختها أو امرأة صالحة ؟ وهل تكون هذه هي الخلوة التى حرمها الإسلام؟ ثانيا : هل يجوز لي أن أجعلها أختا في الله ؟ هل هذا ثابت أو مشروع في الاسلام أن يجعل امرأة أختا أو بنتا أو أما في وجه البر أو في الله لا في النسب ؟ يا معشر العلماء أرجو من فضيلتكم أن تبينوا هذه المسألة مع الدليل الواضح وأن تشرحوها تفصيلا ؟ جزاكم الله خيرا!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
واعلم أخي الكريم أن من مقاصد الشريعة سد الذرائع التي قد توصل إلى الحرام، وأن الصداقة مع المرأة والقرب منها على النحو الذي ذكرت، يعتبر من أعظم الوسائل التي قد تجر إلى الوقوع في الحرام، وإن زين الشيطان ذلك في أول الأمر وأظهره على أنه علاقة بريئة ، وقد نص الفقهاء رحمهم الله على المنع من التكلم مع المرأة الشابة خشية الفتنة، فقال العلامة الخادمي رحمه الله في كتابه: بريقة محمودية وهو حنفي قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة.
وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها -أي على الشابة- لم ترده دفعاً للمفسدة.
ثم إن سماع الأجنبية لصوت الأجنبي والعكس، ما هو إلا حظ من الزنا الذي يدركه صاحبه لا محالة، وهو موجب لعقاب الله في الآخرة، وإن لم يوجب الحد في الدنيا. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. رواه البخاري ومسلم.
وبناء على ما ذكر، فإنا لا نرى إباحة العلاقة التي وصفتها مع تلك المرأة، ولا أن تتخذها أختا ، واعلم أن السلامة لا يعدلها شيء، ففر بدينك وانج بنفسك، فسائر ما ذكرته، لا يعدو حبالة من حبائل الشيطان.
والله أعلم .