عنوان الفتوى : حكم التقيد بأحد المذاهب الفقهية المعروفة وعدم الرجوع إلى الدليل والأخذ به
وهذه رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع الحافظ حمة من موريتانيا، ويعمل بالجماهيرية الليبية يقول في رسالته وفي بدايتها: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد: إلى علمائنا الأجلاء الأفاضل في برنامج نور على الدرب، أبلغكم تحياتي، لقد استمعت إلى برنامجكم الطيب والمفيد لجميع المسلمين في أنحاء المعمورة، واستفدت منه كثيراً، وأرجو منكم الإفادة عن سؤالي وهو أنني من أسرة مالكية، وذهبت إلى المملكة العربية السعودية، وتعلمت التجويد على يد أستاذ سعودي، وتحولت قراءتي من ورش إلى حفص، وأخذت بعضاً من الفقه عن طريق كتاب: فقه السنة للسيد سابق، وعندما عدت إلى الوطن انتقد علي بعض الإخوة أشياء كثيرة: أولها: القبض في الصلاة، والتسليمتان بعد الصلاة على اليمين والشمال، وكثيراً من السنن التي يطيل ذكرها ويقولون: إن الإمام مالك لم يأمر بها ولم يذكرها، ولا أطيل عليكم، كل السؤال هو: أني أتبع سنة الرسول ﷺ، فهل يجوز لي أن أتبع أحد الأئمة الأربعة، أم أن أبقى على ما أنا عليه من المذهب المالكي، وتلك هي السنة فقط لا غير، أفيدونا أفادكم الله؟ play max volume
الجواب: أسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية لما فيه صلاح الدين والدنيا، اعلم يا أخي! أن الواجب على المسلمين جميعاً في أقطار المعمورة أن يتبعوا ما دل عليه كتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وليس عليهم أن يتقيدوا بمذهب مالك أو أبي حنيفة أو الشافعي أو أحمد رحمة الله عليهم جميعاً أو الظاهرية! لا، على العلماء أن يبحثوا ويعتنوا بسنة الرسول ﷺ، وما كان عليه وأصحابه، فما بان لهم أنه هو سنة النبي ﷺ وجب عليهم الأخذ به والتقيد به، والدعوة إليه؛ لأن الله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] ويقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59] والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه العظيم القرآن، والرد إلى الرسول ﷺ هو الرد إليه في حياته عليه الصلاة والسلام، ثم إلى سنته بعد وفاته ﷺ وعلى آله وأصحابه، ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10] ويقول سبحانه: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80] فالرسول ﷺ قبض، وثبت عنه هذا في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد أن النبي ﷺ: كان يأمر الرجل أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، وقال أبو حازم الراوي عن سهل: ولا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي ﷺ وثبت أيضاً في السنن من حديث وائل بن حجر : أنه رأى النبي ﷺ يقبض يده اليسرى بيده اليمنى يضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، وجاءت أحاديث أخرى تؤيد ذلك هذا هو السنة، وإن لم يذهب إلى ذلك مالك ، فالسنة أحق بالاتباع ومقدمة على مالك وعلى غير مالك ، فـمالك رحمه الله هو أحد العلماء، وهكذا أبو حنيفة رحمه الله وهكذا الشافعي وهكذا أحمد وهكذا الثوري والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وهكذا غيرهم من أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، كلهم تعرض أقوالهم وأعمالهم ومسائل مذاهبهم كلها تعرض على الكتاب والسنة، هكذا يجب على أهل العلم الذين أعطاهم الله بسطة في العلم والبصيرة، وإذا هداه الله إلى شيء من السنة فليتمسك بذلك، وهكذا التسليمتان، ثبت عن الرسول ﷺ أنه كان يسلم تسليمتين والمشروع لنا أن نسلم تسليمتين، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوبهما وبعضهم إلى أنهما ركن، والجمهور على تسليمة واحدة، ولكن الأرجح أن يسلم تسليمتين عملاً بالسنة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.
ونوصيك بالبقاء على ما عرفت من السنة، نوصيك أيها الأخ بالبقاء على ما عرفت من السنة، وأن تنصح إخوانك في موريتانيا وغيرها بأن يعتنوا بالسنة، ولا يجوز أن يكون في قلوبهم شيء بعد الله أعظم من رسول الله ﷺ، لا يجوز للمؤمن أن يكون في قلبه شيء بعد الله أعظم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو قدوة لنا وهو الإمام وهو السيد المتبع عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز لعالم أو غير عالم أن يكون في قلبه شيء أعظم من رسول الله ﷺ بعد الله ﷺ، فالله هو المعظم جل وعلا فوق كل أحد، ولكن بعده سبحانه وتعالى أعظم الناس وأولاهم بالاتباع وأولاهم بالتعظيم، الجائز شرعاً هو رسول الله ﷺ، فهو الإمام المتبع عليه الصلاة والسلام. نعم.