عنوان الفتوى : لا تنبغي المبالغة في اشتراط صفات الأزواج
كان يتقدم لي العديد من الشباب، ولكني لم أجد منهم الشاب الملتزم الذي يعينني وأيضاً أحس بالغيرة المحمودة من البنات مثيلاتي عندما يتقدم إليهن أحد وأشعر بأن البنات لا يتزوجن الملتزمين ويتم الاختيار بشكل عشوائي، وأحس الآن بقلة المتقدمين لي، هل هذا بسبب ذنب أو غضب الله مني، أم أن الله يدخر لي الخير وأنا صابرة وواثقة بأن الخير سيأتيني... أرشدوني إلى كيفية الصبر والثقة بالله؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلى بتوبة، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30}، وقال تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا {نوح:10-11-12}، ولذا فعلى المسلم أن يتوب إلى الله سبحانه في كل وقت وحين، فإذا ما تاب واستغفر فليبشر، فإن له ربا كريماً، لا ينسى أحداً من خلقه، ولا يرد سائلاً عن بابه، وإذا تأخر ما يرجوه المؤمن، وبَعُدَ ما يأمله، فلا يقنط أو ييأس كيف ذلك؟ وهو مؤمن، ومن أركان إيمانه الإيمان بالقدر خيره وشره، ولعل تأخير ما يرجوه خير له، فقد قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
فسلمي أمرك له سبحانه، وارضي بما قضاه واختاره لك واصبري، واعلمي أن الصبر مفتاح الفرج، وأنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، ومتى تقدم لك الكفء المناسب فلا ينبغي رده، ولا تأخير الزواج، روى الترمذي وأحمد وغيرهما عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث لا يؤخرن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفئا.
فطلب الأفضل والأكمل لا بأس به، والحرص على إحسان اختيار الزوج أمر مطلوب، إلا أنه ينبغي عدم المبالغة في ذلك فالكمال لله وحده، وليس هناك إنسان كامل مطلقاً، فلا بد في كل إنسان من عيوب، وإذا أردت زوجاً كاملاً ليس به عيب فإنك لن تتزوجي، فإذا تقدم رجل صحيح الاعتقاد، محافظ على الصلوات مؤدٍ للفرائض، مجتنب للكبائر، مشهور بحسن الأخلاق والسيرة، فاقبلي به، فهذا هو الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتزويجه، بقوله صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.... نسأله سبحانه أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يكفيك بحلاله عن حرامه ويغنيك بفضله عن من سواه، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 61068، 62611، 51334، 23867.
والله أعلم.