عنوان الفتوى : أصحاب القرية الذين جاءهم المرسلون
قال الله تعالى فى سورة يس الآية (13) ( واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية ........) الآيات- 1- من هم أصحاب القرية ؟ 2- ما هي القرية ؟ 3- من هم المرسلون ؟ الثلاثة (اثنين ثم ثالث ) 4- ما هي المدينة التي جاء ذكرها بعد ذلك ؟ 5- من هو الرجل الذى جاء يسعى ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلفت أقوال المفسرين في أسماء أولئك الرسل واسم القرية التي أرسلوا إليها ، ونسوق لك أقوالهم في ذلك لتقف بنفسك عليها قال الطبري ( يقول تعالى ذكره : ومثل يا محمد لمشركي قومك مثلاً أصحاب القرية ذكر أنها أنطاكية { إذ جاءها المرسلون } اختلف أهل العلم في هؤلاء الرسل وفيمن كان أرسلهم إلى أصحاب القرية فقال بعضهم كانوا رسل عيسى بن مريم وعيسى الذي أرسلهم إليهم ، وهذا قول قتادة ، وساق بسنده إلى ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس وعن كعب الأحبار وعن وهب بن منبه قال : كان بمدينة أنطاكية فرعون من الفراعنة يقال له أبطيحس ابن أبطيحس يعبد الأصنام صاحب شرك فبعث الله المرسلين وهم ثلاثة : صادق ومصدوق وسلوم ) وقال ابن كثير ( وهكذا روي عن بريدة بن الحصيب وعكرمة وقتادة والزهري أنها أنطاكية وقد استشكل بعض الأئمة كونها أنطاكية ) وقال القرطبي ( هذه القرية هي أنطاكية في قول جميع المفسرين فما ذكر الماروردي نسبت إلى أهل أنطيخس وهو اسم الذي بناها ثم غير لما عرب ذكر السهيلي ويقال فيها : أنتاكية بالتاء بدل الطاء وكان بها فرعون يقال له أنطيخس يعبد الأصنام ذكر المهدوي وحكاه أبو جعفر النحاس عن كعب ووهب فأرسل الله إليه ثلاثة : وهم صادق وصدوق وشلوم هو الثالث هذا قول الطبري وقال غيره : شمعون ويوحنا وحكى النقاش : سمعان ويحيى ولم يذكر صادقا ولا صدوقا )
وأما المدينة التي جاء منها الرجل فهي نفس المدينة وكان في طرفها قال القرطبي ( هو حبيب بن مري وكان نجاراً وقيل : أسكافا وقيل : قصارا وقال ابن عباس ومجاهد و مقاتل : هو حبيب بن إسرائيل النجار وكان ينحت الأصنام وهو ممن آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وبينهما ستمائة سنة كما آمن به تبع الأكبر وورقة بن نوفل وغيرهما ولم يؤمن بنبي أحد إلا بعد ظهوره قال وهب : وكان حبيب مجذوما ومنزله عند أقصى باب من أبواب المدينة .. فلما هم قومه بقتل الرسل جاءهم فـــ { قال يا قوم اتبعوا المرسلين } الآية وقال قتادة : كان يعبد الله في غار فلما سمع بخبر المرسلين جاء يسعى فقال للمرسلين : أتطلبون على ما جئتم به أجرا ؟ قالوا : لا ما أجرنا إلا على الله قال أبو العالية : فاعتقد صدقهم وآمن ) هذا مجمل ما ذكر من الأقوال فيما سألت عنه من شأن القرية وأهلها والمرسلين .
وننبهك أيها السائل الكريم إلى أن الله سبحانه وتعالى قد بين في محكم كتابه من القصص وأحداثها ما تقوم به العظة والعبرة وأعرض عما لا يفيد السامع والقارئ شيئا ، وهكذا كان منهج السنة أيضاً في عرض القصص لأن ذكر التفاصيل كلها بأسماء الأشخاص والبلدان والأنساب وغيرها لا طائل منه ولهذا أعرض القرآن عنه صفحا ، ومعرفة ذلك تحتاج إلى نقل صحيح والكتاب والسنة قد أعرضا عن نقله فلم يبق سوى القصص الإسرائيلية ولا يمكن القطع بشيء مما ورد فيها لتحريفها وانقطاع أسانيدها واضطراب رواياتها ولهذا اختلفت أقوال من نقل عنها كما بينا ، ولعدم الحاجة إلى هذا ولا ذاك فإننا ننصحك أخي السائل الكريم ألا تشغل وقتك الثمين بالبحث عنه واستقصاء الأخبار فيه فلو كان مما ينفع المرء لبينه الله سبحانه وتعالى في كتابه وقطع الشك فيه باليقين ولبينه رسوله صلى الله عليه وسلم فليكتف المسلم العاقل بما بينا وليقطع النظر عما عنه أعرضنا .
والله أعلم .