عنوان الفتوى : حكم المغالاة في المهور وأخذ الأب من مهر ابنته
الرسالة التالية وصلت إلى البرنامج من الجمهورية العربية اليمنية باعثها أخونا محمد عبدالله سعيد اليماني يسأل عن القضية المكررة سماحة الشيخ وهي: أكل الوالد من مهر ابنته والتغالي في المهور من أجل الكسب المادي؟ play max volume
الجواب: هذا السؤال يشمل أمرين:
أحدهما: المغالاة.
والثاني: الأكل من المهر في حق الوالد.
والأمران مختلفان في الحكم، أما المغالاة فتكره ولا تنبغي، فينبغي للمسلمين أن لا يغالوا بل ينبغي التسهيل كما جاءت في ذلك الأحاديث والآثار، من الأحاديث قوله ﷺ: خير الصداق أيسره ، فينبغي للمؤمن أن لا يغالي، وينبغي لأهل المرأة أن لا يغالوا، وقد ثبت عنه ﷺ أنه قال لمن خطب: التمس ولو خاتم من حديد ، وزوجه لما لم يجد زوجه على أن يعلمها بعض القرآن، فينبغي في هذا أن لا يغالي أحد في المهور، والنبي ﷺ تزوج على خمسمائة وزوج بناته على أربعمائة، فلو كان التغالي في المهور شرفاً وفضلاً لكان أولى به النبي ﷺ وأصحابه.
فالمقصود أن التغالي في المهور فيه مفاسد وعواقب لا تحمد، فقد يعطل الشباب ويعطل النساء بأسباب التغالي، وقد يترتب عليه إحن في النفوس وحقد في النفوس على الزوجة وأهلها بسبب المغالاة، وقد لا يقتصر على الزوج بل قد يكون هذا في الزوج وفي أبيه وفي أهله لما رأوا من تكلفه وتعبه.
فالحاصل أن السنة والذي ينبغي للمؤمنين جميعاً رجالاً ونساءً أن لا يغالوا، وأن يحرصوا على التسهيل والتيسير حتى يتزوج النساء وحتى لا يتعطل الشباب، أما ما يتعلق بأكل الوالد من المهر فالصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لأن الأولاد تبع أبيهم، قال النبي ﷺ لرجل قال: يا رسول الله! إن أبي اجتاح مالي؟ قال: أنت ومالك لأبيك، وهو حديث لا بأس به، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام في حديث عائشة: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم ، وكلاهما حديثان جيدان لا بأس بهما.
فالحاصل أن انتفاع الوالد من مهر ابنته ليس فيه حرج، ولكن يجب عليه أن يراعي حالها وأن لا يضرها بل يبقي لها ما ينفعها عند زوجها وما تسد به حاجتها لقول النبي ﷺ: لا ضرر ولا ضرار، فكون أولاده من كسبه لا يقتضي أن يضر بالولد أو البنت بل عليه أن يراعي أحوالهما، فإذا كان أخذه من ولده يضره ويضر أولاده وعائلته لم يجز للوالد ذلك وإنما يأخذ ما لا يضر، وهكذا البنت إذا كان أخذه من مهرها يضرها أو يزهد الزوج فيها، أو يسبب طلاقها فلا يتعرض لذلك، وليتق الله ولكن يأخذ من مالها ومن مهرها ما لا يترتب عليه مضرة عليها، والله المستعان. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً.