عنوان الفتوى : تفنيد مقولة (الدين أفيون الشعوب)
تطرح شبهة أن الدين قيل عنه أنه أفيون "مخدر" الشعوب فهل هذا الكلام ينطبق على الإسلام، وكيف نرد على من يدعون ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الكلمة معروفة عن الهالك مؤسس الفكر الشيوعي كارل ماركس، الذي قال: إن الدين هو إفيون الشعوب.
والشيوعية مذهب فكري يقوم على الإلحاد وأن المادة هي أساس كل شيء، وأول معتقداتها إنكار وجود الله تعالى وكل الغيبيات، والقول بأن المادة هي أساس كل شيء، وشعارهم، الإيمان بثلاثة: ماركس، ولينين، وستالين، والكفر بثلاثة: الله، الدين، الملكية الخاصة.
يحاربون الأديان ويعتبرونها وسيلة لتخدير الشعوب وخادما للرأسمالية والإمبريالية والاستغلال مستثنين من ذلك اليهودية معللين ذلك بأن اليهود شعب مظلوم يحتاج إلى دينه ليستعيد حقوقه المغتصبة.
يعتقدون بأنه لا آخرة ولا عقاب ولا ثواب في غير الحياة الدنيا، ويقولون إن الأخلاق نسبية وهي انعكاس لآلة الإنتاج، عليهم من الله ما يستحقون، ولك أن تراجع في معتقداتهم ومبادئهم فتوانا رقم: 5887.
واعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أن نقاش من عنده مثل هذه الأفكار فيه خطر كبير على دين المرء، إلا من أعطاه الله من العلم ما يرد به شبهاتهم، وكان له معرفة بالمجادلة والحوار.
وللرد على هؤلاء نقول لهم: إن هذا الكون بنظامه ودقته شاهد على وجود الله تعالى، بل الإنسان نفسه أكبر دليل على وجود خالقه، فهو أوجد من العدم، ومر بمراحل وأطوار متعددة في بطن أمه، ثم يخرج إلى هذا العالم ويعيش أطوار حياته، فيتم كل ذلك وفقا لسنن كونية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل.
ومن جانب آخر فإنه يستحيل عقلا أن يوجد شيء من تلقاء نفسه دون موجد له، وهل من الممكن أن نتصور تجمع مادة بنفسها صدفة ليتكون منها أي شيء في هذا الوجود؟ وإذا كان هذا مستحيلا، فكيف يعقل إذن أن نتصور وجود هذا العالم بكل هذه الدقة والنظام دون أن يكون له خالق له المنتهى في صفات الكمال؟
وإذا تجاوزنا هذه المرحلة، نقول لهم إن الإسلام دين منزل من عند الله خالق هذا الكون ومدبر أمره، وشريعته هي الشريعة الصالحة لكل زمان ومكان، وهي الكفيلة بتحقيق الرقي والأمن والخير للفرد والمجتمع وفيها من الأحكام والتوجيهات ما هو جدير بأن يقيم المجتمع المتعاون المتكافل.
والله أعلم.