عنوان الفتوى : الشركة والقرض الذي جر نفعا
أرجو من فضيلتكم التكرم بالجواب على سؤالي وهو: أن مديرية الإسكان وزعت قطعا للسكن على من قدم ملفا ووافق عليه، على أن يدفع المشتري الثمن -وهو 18 مليونا - على ثلاث دفعات، كل واحدة 6 ملايين، حصلت على قطعة أرض معلومة المساحة والموقع، ولكن لم يكن بيدي من المال ما أدفعه، فعرضت على صديقين أن يشتركا معي بأن يدفعا الأقساط على أن يكون لي نصف الربح ولهما النصف بعد بيع القطعة، فدفعا القسطين الأولين ومبلغهما 12 مليونا، وعجزا عن الثالث، وكان أن يسر الله لي مالا فعرضت عليهما أن أدفع القسط الثالث على أن يكون ربح هذا القسط خالصاً لي، وربح القسطين المدفوعين من قبلهما نقتسمه مناصفة(لي نصف ولهما نصف بموجب الاتفاق الأول، فرضيا) وبعد تسلمي القطعة طلب أحد الشريكين أن نعرض القطعة للبيع ليأخذ نصيبه، وكنا نحن نرغب في التريث حتى يرتفع الثمن، فلما أصر قلنا له سنعرضها وأي ثمن وصلت إليه فنحن ندفع حصتك وتصبح ملكية مشتركة بيني وبين الزميل الآخر، وبعد معرفة ثمن السوق وهو مبلغ 24 مليونا، كان نصيبي هو: رأس مال القسط الثالث وربحه أي 8 ملايين، ونصف الربح من القسطين المدفوعين منهما وهو مليونان، فأصبح رأسمالي في القطعة 10 ملايين، وأخذ الصديق البائع نصيبه وهو 7 ملايين، واتفقت أنا وصديقي الذي لم يبع على أن تصبح الملكية بيننا مناصفة بأن يدفع هو للبائع 5 ملايين وأدفع أنا له مليونان، فيكون رأس مال الشريك الذي لم يبع مركبا من ثمن قسطه الذي دفعه وربحه وهو 7 ملايين+ 5 ملايين التي دفعها للشريك البائع، فيكون المجموع 12 مليونا، وأنا يكون رأس مالي مركبا من القسط المدفوع وربحه ونصف ربح القسطين الآخرين فالمجموع 10ملايين+ المليونين اللذين دفعتهما للشريك البائع فيصبح رأس مالي 12 مليونا، ثم بعناها بعد ذلك واقتسمنا الثمن مناصفة،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه بداية إلى أن السؤال لم يتضح لنا تماما وسنجيب في حدود ما ظهر لنا منه، والذي يظهر لنا أنه يحتمل صورتين:
الأولى: أن يكون حقيقة الاتفاق الذي جرى بينك وبين هذين الشخصين أنك بعت لهما نصف هذه الأرض بقيمة أقساطها المطلوبة منك، بحيث تشتركون جميعاً في ملكيتها، لك النصف ولهما النصف ويكون تقسيم الأرباح بينكم على حسب ذلك، ثم عندما أعسرا بالقسط الثالث أديت هذا القسط وأقلتهما من البيع بقدر الثلث من نصيبهما في الأرض بحيث ينضم هذا الثلث إلى نصيبك منها، وبالتالي تستحق ربحه، وهذا كله جائز لا حرج فيه، كما لا حرج أيضا في اشتراكك مع شريكك في شراء حصة الشريك الذي لم يبع بحيث تصبح الأرض مملوكة بينكما مناصفة على نحو ما ذكرت أو بيعكما الأرض بعد ذلك.
الصورة الثانية: أن يكون حقيقة الاتفاق الذي جرى بينك وبين هذين الشخصين أن يقرضاك ثمن القطعة على أن يكون لهما نصف أرباحها بعد بيعها ولك النصف الباقي، فإذا كان الأمر كذلك، فهذا تعامل ربوي صريح، لأن كل قرض جر نفعاً فهو حرام، والنفع في هذه الصورة ما سوف يحصلان عليه من الأرباح، وعليه فإن هذه الأرض في الحقيقة ملك لك وليس لهما، إلا ما أقرضاك فقط وهو مبلغ الإثنا عشر مليونا، وعليهما أن يردا لك ما أخذا زيادة على ذلك وعليكم جميعاً بالتوبة إلى الله تعالى، قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}.
والله أعلم.