ديدن المنافق الاستهزاء والتحقير من شأن أهل الإيمان - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
ديدن المنافق الاستهزاء والتحقير من شأن أهل الإيمان ..فهو يخلع على أهل الإيمان كل لفظ سيىء يليق به هو نفسه من باب: "رمتني بدائها وانسلت".
يحاول أن يتبرأ من عيب نفسه برمي الناس بالعيب واتهامهم به، يحاول أن يحسن صورته ويخدع نفسه والناس بالمبادرة باتهام أهل الطهر والنقاء على طريقة: {أَخْرِجُوا آل لُوط مِنْ قَرْيَتكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ} [النمل من الآية:56].
وهكذا حدثنا عنهم القرآن واصفًا بكل دقة حالهم في المسارعة بالتسفيه والتحقير لأهل الديانة:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ} [البقرة:13]
قال ابن كثير في تفسيرها:
"يقول الله تعالى {وَإِذَا قِيلَ} للمنافقين: {آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ} أي: كإيمان الناس بالله وملائكته وكتبه ورسله، والبعث بعد الموت والجنَّة والنَّار وغير ذلك، مما أخبر المؤمنين به وعنه، وأطيعوا الله ورسوله في امتثال الأوامر وترك الزواجر {قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} يعنون -لعنهم الله- أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم، قاله أبو العالية والسدي في تفسيره، بسنده عن ابن عباس وابن مسعود وغير واحد من الصحابة ، وبه يقول الربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم، يقولون: "أنصير نحن وهؤلاء بمنزلة واحدة وعلى طريقة واحدة وهم سفهاء"!
والسفهاء: جمع سفيه، كما أن الحكماء جمع حكيم -والحلماء جمع حليم- والسفيه: هو الجاهل الضعيف الرّأي القليل المعرفة بمواضع المصالح والمضار؛ ولهذا سمى الله النساء والصبيان سفهاء، في قوله تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء من الآية:5]، قال عامة علماء السلف: هم النساء والصبيان.
وقد تولى الله سبحانه، جوابهم في هذه المواطن كلها، فقال {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} فأكد وحصر السفاهة فيهم.
{وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ} يعني: ومن تمام جهلهم أنهم لا يعلمون بحالهم في الضلالة والجهل، وذلك أردى لهم وأبلغ في العمى، والبعد عن الهدى".