المهين للمهين والجزاء من جنس العمل
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
الْمُهِينُ للمَهِينِ، والجزاء من جنس العملقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 37].
تأملْ قولَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النساء: 37]، وتعجب كيف اجتمعت عندهم هذه الرذائل الثلاث!
الصفة الأولى: البخل، وهو من أقبح الصفات، بل هو أدوأ الداء؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَيِّدُكُمْ يَا بَنِي سَلَمَةَ؟» قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ إِلَّا أَنَّ فِيهِ بِخُلًا، قَالَ: «وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ، بَلْ سَيِّدُكُمْ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ»[1].
والصفة الثانية: من صفاتهم القبيحة أمرهم الناس بالبخل، بعض الناس لا يكتفي بالاتصاف بالقبائح، بل يريد أن يتصف الناس بها كذلك، وهذه أقبحُ من سابقتها، فأقبحُ من البخل الشحُّ، وهو أن يبخل الإنسان بمال غيره.
والصفة الثالثة: جحودُ فضل الله تعالى وكتمانه، وهذه دركةٌ متدنية من الضِّعة والمهانة وكفران النعمة، وهذه أقبح الثلاثة؛ لأنَّ فيها استطالةً على الله تعالى بكتمان فضله، وجحود خيره، ولهذه العلة قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ»[2].
ثم تأمل العلة التي من أجلها ذُيِّلَتْ الآية بقوله تعالى: ﴿ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 37]!
لما بلغوا هذه الدركة من المهانة، ناسَب أن يكون عذابهم مهينًا، فالْمُهِينُ للمَهِينِ، والجزاء من جنس العمل.
[1] رواه الحاكم- كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ذِكْرُ مَنَاقِبِ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حديث رقم: 4965، بسند صحيح.
[2] رواه الترمذي- أَبْوَابُ الْأَدَبِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابُ مَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ، حديث رقم: 2819، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، بسند صحيح.