عنوان الفتوى : قراءة ابن مسعود
ورد في الحديث أن من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المشار إليه رواه الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما، وصححه الألباني ، والمراد بقراءته كما قال أهل العلم طريقته في القراءة وهيئاته فيها، وقيل المراد الآيات التي سمعها منه.
وقال القرطبي في التفسير: قال بعض العلماء: كان يقرأ على الحرف الأول الذي أنزل عليه القرآن دون الحروف السبعة التي رخص لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة عليها بعد معارضة جبريل عليه السلام القرآن إياه في كل رمضان.
وابن مسعود رضي الله عنه من أجلاء الصحابة السابقين وأوعية العلم وقراء القرآن، وهو من الأربعة الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بأخذ القرآن منهم، كما في صحيح مسلم وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خذوا القرآن من أربعة: من ابن أم عبد، فبدأ به رضي الله عنه، ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة.
ولكن كثيرا من قراءته كان مما يتلى سابقا فنسخ في العرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل عام وفاته صلى الله عليه وسلم، وهي التي أجمع عليها الصحابة، وجمعت في مصحف عثمان على يد لجنة من المتخصصين وتحت إشراف كبار الصحابة وعلى رأسهم الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولهذا فإن ما خالف فيه ابن مسعود من القرآن لقراءة الجمهور يعتبر شاذا، والشاذ هو مخالفة الثقة لمن هو أرجح منه، ولذلك لا تصح القراءة بما خالف فيه الجمهور لشذوذه ولعدم تواتره، ولأنه كان ما يتلى سابقا فنسخ في العرضة الأخيرة.
ولعل من ذلك المثال الذي ذكر السائل الكريم فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ أي بالبيان والفرائض وعدم النسخ... فقرأها رضي الله عنه:...سورة محدثة أي محدثةالنزول، ونلاحظ الفرق في المعنى، لذلك لم تطبع مصاحف بهذه القراءة، لأنه لا يجوز طباعة المصاحف بالقراءة الشاذة، بل لا بد أن يتوفر في المصحف التواتر وموافقة رسم الصحابة ووجه من وجوه اللغة، كما نص على ذلك المحقق ابن الجزري وغيره من أهل العلم.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 60847، 44576 ، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.