عنوان الفتوى : اختلاف المصاحف في رسم بعض الكلمات
قرأت في الفتوى رقم: 172105 كلام الشيخ عبد الله بن يوسف العنزي في كتاب المقدمات الأساسية في علوم القرآن؛ حيث قال: المصاحف العثمانيّة قد اختلفت في رسمها في شيء قليل، وكلّه كلام الله تعالى، كقوله عزّ وجلّ: وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ {الحديد:24} هكذا في مصاحف مكّة، والبصرة، والكوفة، وبه قرأ جميع السّبعة غير نافع، وابن عامر، فهذان قرآ على ما في مصاحف المدينة، والشّام، وذلك بغير "هُوَ"، وكقوله: وَلا يَخافُ عُقْباها {الشّمس:15} و: "فلا يخاف عقباها". قال الإمام أبو عبيد: هذه الحروف الّتي اختلفت في مصاحف الأمصار كلّها منسوخة من الإمام الّذي كتبه عثمان -رضي الله عنه-، ثمّ بعث إلى كلّ أفق ممّا نسخ بمصحف، ومع هذا، إنّها لم تختلف في كلمة تامّة، ولا في شطرها، إنّما كان اختلافها في الحرف الواحد من حروف المعجم؛ كالواو، والفاء، والألف، وما أشبه ذلك، إلّا الحرف الّذي في الحديد وحده، قوله: فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ؛ فإنّ أهل العراق زادوا على ذينك المصرين -يعني: المدينة، والشّام- هو؛ فليس لأحد إنكار شيء منها، ولا جحده، وهي كلّها عندنا كلام الله، وجائز أن يكون الوجه في اختلاف الرّسم لهذه الحروف هو: أنّه حين كتبت أصولها جميعًا بإشراف أمير المؤمنين عثمان، من قبل أمناء الوحي زيد بن ثابت، وإخوانه، رأوا إمكان تضمين تلك المصاحف بعض الحروف المسموعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ممّا تعذر عليهم رسمه جميعًا في مصحف واحد، ففرّقت فيها لتبقى محفوظة على الأمّة، كبعض صور اختلاف الأحرف السّبعة التي نزل عليها القرآن. فهل معنى كلام الشيخ أن هناك مصاحف تكتب فيها الآية 15 من سورة الشمس هكذا: {ولا يخاف عقباها}، وفي مصاحف أخرى تكتب هكذا: {فلا يخاف عقباها}؟ وهل هي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا؟ وقرأت في هذا الموقع http://majles.alukah.net/t64334/ أن هناك آيات اختلفت في رسمها، فهل هي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا؟ وما سبب هذا الاختلاف؟ أعتذر على الإطالة، وبارك الله في جهودكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا بالفعل هو معنى كلام الشيخ عبد الله العنزي: أن هناك مصاحف كتبت فيها هذه الآية بالواو، وفي أخرى كتبت بالفاء {فَلا يَخافُ عُقْباها}، وكلاهما مأخوذ من فم النبي صلى الله عليه وسلم، وكلاهما أنزل من عند الله تعالى هكذا، شأنها في ذلك شأن سائر القراءات المختلفة في الرسم، فلما تعذر على الصحابة رسمها جميعًا في مصحف واحد، كتبت نسخ بهذه القراءة، وأخرى بتلك، ليبقى مجموع القراءات المأخوذة عن النبي صلى الله عليه وسلم محفوظة على الأمّة.
وهذا أيضًا يستفاد من كلام الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي في كتابه (عنوان البيان في علوم التبيان) الذي نقله الشيخ محمد طاهر الكردي، كما في الفتوى المذكورة في السؤال برقم: 172105.
ولمزيد الفائدة عن ذلك يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 35300.
والله أعلم.