عنوان الفتوى : أسهم الشركات التي تتعامل بالربا
سمعت فتوى من الشيخ عبد العزيز الفوازن بشأن تحريم المشاركة بصناديق الاستثمار في الأسهم المحلية في السعودية ذلك لأن بعضها نشاطها حلال إنما تقترض بالربا بما لا يزيد عن الثلث هل يجوز الاشتراك فيها مع إخراج الثلث علما أنه لا يوجد حاليا صناديق لأسهم نقية كما أن هناك فتوى من الشيخ المنيع بجواز التعامل بها وذلك لأنها شركات مهمة مثل الكهرباء ونحوه. وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالراجح المفتى به في الشبكة الإسلامية هو قول جمهور العلماء المعاصرين من أنه لا يجوز شراء أسهم في شركات تتعامل بالربا، ولو كان نشاطها الأصلي مباحاً، وبهذا صدر قرار المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ونصه: الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات، كالربا ونحوه بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة .اهـ
وكذا صدر بذلك قرار من المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي والتي مقرها مكة المكرمة، ونصه: لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا وكان المشتري عالماً بذلك. اهـ
وقد ذكرنا هذا الأمر ضمن شروط الاستثمار في الصناديق المذكورة، وذلك في الفتوى رقم: 61467.
وممن ذهب إلى هذا القول: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة، وعلى رأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني، وعدد من الفقهاء المعاصرين.
وذهب بعض العلماء المعاصرين، وبعض الهيئات الشرعية القائمة على بعض المؤسسات الاستثمارية الإسلامية إلى جواز ذلك مع وجوب التخلص من نسبة الفائدة الربوية التي يتم الحصول عليها ضمن الأرباح الناتجة، وممن قال هذا الهيئة الشرعية لشركة الراجحي للاستثمار، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني، الشيخ ابن منيع، ومما جاء في قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية برقم: 485.
- إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك.
- ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا سواء أكان قرضا طويل الأجل أم قرضا قصير الأجل نسبة (25%) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه.
- ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5%) من إجمالي إيراد الشركة، سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك المحرم أم عن غير ذلك.
وإذا لم يتم الإفصاح عن بعض الإيرادات فيجتهد في معرفتها، ويراعي في ذلك جانب الاحتياط.
- ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم استثماراً كان أو تملكاً لمحرم نسبة (15%) من إجمالي موجودات الشركة.
والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسب في هذا القرار مبني على الاجتهاد، وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء. انتهى
وذهبت الهيئة الشرعية لدلة البركة إلى التفريق بين الأنشطة المحرمة التي تزاولها الشركة:
فإن كان أصل نشاطها مباحاً، ولكنها تتعامل بجزء من رأس مالها مثلاً بتجارة الخمور، أو إدارة صالات القمار، ونحوها من الأنشطة المحرمة، فلا يجوز تملك أسهمها ولا تداولها ببيع أو شراء.
أما إن كانت تودع أموالها في البنوك الربوية، وتأخذ على ذلك فوائد، أو أنها تقترض من البنوك الربوية، مهما كان الدافع للاقتراض، فإنه في هذا الحالة يجوز تملك أسهمها بشرط احتساب النسبة الربوية وصرفها في أوجه الخير.
واستدل أصحاب هذا القول بقواعد فقهية عامة، منها:
- قاعدة: الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة. وقالوا: إن حاجة الناس تدعو للمساهمة بهذه الشركات.
- قاعدة: يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً. وقالوا: إن الربا في هذه الشركات تابع غير مقصود فيعفى عنه.
- قاعدة: اختلاط الجزء المحرم بالكثير المباح لا يصير المجموع حراما. فقالوا: إن الربا في هذه الشركات يسير جدا فيكون مغموراً في المال المباح الكثير.
وقد رد الجمهور على هذه الأدلة بما يغني عن ذكرها في هذا الجواب المختصر، وهي مدونة في أبحاث المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي وغيره من الهيئات الرسمية.
ويستحب للمسلم في هذه الحالة أن يخرج من الخلاف بفعل الأحوط، وهو ترك ما اختلف في تحريمه، وفعل ما اختلف في وجوبه، فبه تبرأ الذمة بيقين.
علماً بأنه لم يتيسر لنا الاطلاع على فتوى الشيخ الفوزان بهذا الصدد.
والله أعلم.