عنوان الفتوى : حكم وضع صليب بجوارهلال على باب الصيدلية
في بعض بلاد الإسلام كل صيدلية تفتح أبوابها لابد أن تضع على بوابتها هلالا وصليبا . هل يجوز لمالك بناية أن يقوم بكراء محل من هذه البناية لصيدلي ؟ و ما حكم العمل في محل بنفس البناية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصليب شعار من شعارات الكفر التي يحرم على المسلم إظهارها، بل يجب عليه كسرها أو طمسها متى استطاع ذلك بلا ضرر أو فتنة، وإذا كان العلماء قد منعوا أهل الكفر والشرك من أن يظهروا شعارهم، فمنع المسلم من ذلك من باب أولى. قال ابن القيم: لا يمكنون من التصليب على أبواب كنائسهم وظواهر حيطانها، ولا يتعرض لهم إذا نقشوا داخلها. اهـ
وعن ميمون بن مهران: أن عمر بن عبد العزيز كتب أن يمنع نصارى الشام أن يضربوا ناقوسا ولا يرفعوا صليبهم فوق كنائسهم، فإن قدر على من فعل ذلك منهم فإن سلبه لمن وجده. رواه عبد الرزاق في مصنفه برقم: 10004 .
وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32132، 57299، 5828.
وما ذكرناه هنا ينطبق على وضع الصليب على باب الصيدلية، فلا يجوز لأحد فعله ولا الإعانة عليه، ولا تأجير عين يملكها مع علمه بتعليق الصليب على بابها.
ومع أن تعليق الصليب وإظهاره على أبواب البيوت من المحرمات إلا أنه قد يعرض للأمر المحرم ما يبيحه عملا بقاعدة الضرورات تبيح المحظورات، لقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}
وبناء على ذلك، فلا مانع لمالك البناية من تأجيره هذا المحل من هذه البناية للغرض المذكور في حالة حاجة الناس إلى وجود صيدلية في هذا المكان إذا كان يشق عليهم الوصول إلى الصيدليات المجاورة لهم أو كان يحتاج هو إلى تأجير هذا المكان للوفاء بنفقاته الضرورية من هذه الأجرة ولم يجد أحدا يستأجر منه سوى هذا المستأجر الذي يريده لفتح الصيدلية، علما بأن وضع الصليب هنا يعتبر تبعا لا أصلا، إذ أن الصيدلية لم تنشأ خصيصا لوضع الصليب وإنما جاء تبعا، والقاعدة أنه يجوز تبعا ما لا يجوز ابتداءا، كما أنه يمكن طمس هذا الصليب بطريقة لا ينتبه إليها المسؤولون وذلك بوضع شريط لاصق عليه أو طمسه بلون مخالف.
وهذا الذي ذكرناه إذا كان وضع الصليب بالصورة المذكورة في السؤال إجباريا من قبل الجهات المسؤولة، أما إذا كان اختياريا أو كان من عادات أهل هذه المهنة فإنه لا يجوز بحال وضع هذا الصليب لعدم الاضطرار لذلك، فالضرورة تقدر بقدرها.
وليعلم الأخ السائل أن العمل في محل آخر بنفس البناية لا شيء فيه على كل الأحوال.
والله أعلم.