عنوان الفتوى : البيع الصوري للاستيلاء على حق بعض الورثة عند موته
نحن ثلاث شقيقات ليس لدينا أولاد ولنا إخوة ذكور وأخت متزوجة نقيم في منزل لا نملك سواه وقد سجلنا لدى الكاتب بالعدل حصة كل واحدة منا للأخرى بيعا (بيع صوري) وكان الهدف من ذلك أن لا يلجأ الورثة في حال وفاة إحدانا لبيع المنزل وإخراج الأختين المتبقيتين منه وقد أعلمنا إخوتنا بذلك مؤخرا وطلبنا منهم المسامحة فيما فعلناه وقد قالوا لنا مسامحينكم إنني أخشى أن يكون هذا الفعل فيه مخالفة كبيرة لشرع الله تستحق غضبه علينا علما أنه في حال وفاة آخر واحدة منا سيؤول المنزل للورثة أرجو أن تفيدوني بما يجب عمله لتفادي سخط الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما قمتم به لا يجوز شرعاً، لأنه ليس بيعاً حقيقياً، إذ إن البيع لا بد فيه من تمليك، قال النووي في المجموع: وأما حقيقة البيع في اللغة، فهو مقابلة المال بالمال، وفي الشرع: مقابلة المال بمال أو نحوه تمليكاً.
وتعاقدكن الذي قمتن به ليس فيه تمليك للمشترية منكن ما اشترته من أختها، وإنما هو تحايل على أخذ حق الورثة في حال وفاة إحداكن، وقد قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الكبرى عن رجل قسم ماله بين أولاده في حياته: وإن كان ذلك بطريق أنه قسم بينهم من غير تمليك شرعي، فتلك القسمة باطلة، فإذا مات كان جميع ما يملكه إرثاً لأولاده.
ومصلحتكن في الاستمرار والبقاء في هذا البيت لو توفيت واحدة منكن لا تبرر التحايل على حق الغير، فالواجب عليكن هو إلغاء هذه العقود الصورية، وأما مسامحة الإخوة لكن فلا تجيز هذه الصورة ولا تبررها، لأنهم لا يملكون ذلك، بل الشريعة هي المرجع في معرفة ما يجوز من العقود وما لا يجوز، إلا أن لإخوانكن الحق في التنازل عن نصيبهم من البيت لكن إن كان لهم نصيب، أو التعهد بجعل البيت من نصيبكن حال قسمة التركة، فحاولن التفاهم معهم على ذلك، لاسيما وأنهم قد سامحوكن على تصرفكن، وهذا يدل على تفهمهم لحاجتكن للبيت.
والله أعلم.