عنوان الفتوى : مسائل في الوصية والميراث
توفي والدي عام 1992م وقد أوصى بثلث ماله في بناء مسجد وإعطاء ابنتيه من ثلث المال، علماً بأننا قمنا بإخراج جزء من ثلث المال وقمنا ببناء مسجد والجزء المتبقي هو عبارة عن محلات تجارية وقدرت هذه المحلات حين وفاة الوالد بمبلغ قدره أربعمائة ألف ريال، وحالياً قدرت هذه المحلات بمليون ريال وقد قامت المحكمة الشرعية حين ذاك الوقت بإخراج مبلغ قدره ألف وسبعمائة ريال حقه من الإيجار الشهري لكونه عبارة عن جزء من ثلث ماله، وإيضاً عنده أنعام عبارة عن إبل وقدرها 25 ناقة، ونرجو من سيادتكم الإفتاء والتوضيح على الأسئلة التالية: 1- هل تخرج ثلث ماله من المحلات التجارية بالقيمة حتى وفاته أو بالقيمة الحالية؟2- هل تخرج من الإبل الموجودة في عصره أم من الإنتاج الذي أتى بعد وفاته وكم يخرج لبناته من ثلث ماله؟3- علماً بأننا قد قمنا ببناء مسجد على توصية الوالد بجزء من ثلث المال، وهل من الممكن التصرف في الجزء المتبقي نجعله في فعل خير آخر؟ 4- لدينا قطعة أرض زراعية هل من الممكن حفر بئر من ثلث ماله لنجعله صدقة جارية للجميع (الناس والحيوانات)؟5- هل نسترجع المبلغ الذي خصص من المحكمة الشرعية حين ذاك مبلغ ألف وسبعمائة وخمسين ريالاً أم نخرج حقه الكلي من المحلات التجارية أو استرجاع المبلغ 1750 ريال زائداً قيمة المحلات التجارية، علماً بأننا لم نخرج المبلغ المخصص من المحكمة الشرعية لحاجتنا لها، وليس لدينا مصدر رزق إلا هذه المحلات وراتب الوالد في ذلك الوقت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان أبوكم أوصى بثلث ماله وأن يبنى منه مسجد وما بقي من الثلث بعد المسجد يكون لبنتيه. فإن الوصية ببناء المسجد يجب تنفيذها ـ كما فعلتم جزاكم الله خيرا ـ وما بقي بعد بناء المسجد يرجع إلى عموم التركة ليقسم على الورثة جميعا كل حسب نصيبه لأن الوصية للبنتين لا تصح لأنهما من الورثة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني. وفي رواية الدار قطني: إلا أن يجيز الورثة. ولذلك فإذا أجاز الورثة أن يكون ما بقي من الثلث بعد بناء المسجد للبنتين صح ذلك إذا كان بقية الورثة رشداء بالغين. وأما ما ذكرت من تغير قيمة المحلات. ومن إنتاج الإبل فلا تأثير له على القسمة، فإن الزيادة في الثمن ونتاج الإبل تابعة للأصل. والوصية تجري في ثلث الجميع عند القسم، وكذلك إذا كان التغير بالنقصان فإن الوصية تجري في ثلث ما بقي بعد النقص.
وأما التصرف فيما بقي من الثلث بعد بناء المسجد فراجع إلى الورثة إن كان الوالد أوصى ببناء المسجد فقط والبقية للبنات. فللورثة أن يعملوا بما بقي أعمالا خيرية أخرى من حفر بئر في قطعة أرض أو غيرها ولهم أن يمضوه للبنات ولكن ذلك كله بشرط أن يكونوا بالغين رشداء كما أشرنا، ومن أمضاه من المؤهلين للتصرف كان ذلك في حصته دون غيره ممن لم يمضه. هذا إذا كان الوالد أوصى ببناء المسجد من الثلث وما بقي منه يعطى للبنتين. أما إذا كان عين جزءا من الثلث كالنصف مثلا للمسجد والباقي للبنتين، فإن الجزء المعين للمسجد يعتبر وصية كله فيبنى به مسجد يتناسب مع المبلغ، فإذا بقي منه شيء صرف في شؤون المسجد ولا يرد إلى التركة؛ كما ذكرنا في الوصية للبنات. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى التالية أرقامها: 16014، 64284، 26022 ، 31284.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.