عنوان الفتوى : الفصل الطويل في جمع التقديم
ما حكم جمع وقصر صلاتي المغرب والعشاء للمسافر وتكون الصلاة بعد صلاة المغرب بنصف ساعة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز للمسافر الجمع بين المغرب والعشاء في وقت إحداهما وقصر الرباعية إلى ركعتين، وأما المغرب فلا تقصر بل تصلى ثلاثاً ويشترط في الجمع في وقت الأولى الموالاة بين الصلاتين فلو صلى المغرب ثم بعد نصف ساعة أراد أن يجمع معها العشاء فلا يصح، قال ابن قدامة رحمه الله: فإن جمع في وقت الأولى اعتبرت المواصلة بينهما، وهو أن لا يفرق بينهما إلا تفريقاً يسيراً.
فإن أطال الفصل بينهما بطل الجمع، لأن معنى الجمع المتابعة أو المقارنة، ولم تكن المتابعة فلم يبق إلا المقارنة، فإن فرق بينهما تفريقاً كثيرا، بطل الجمع سواء فرق بينهما لنوم أو سهو أو شغل أو قصد أو غير ذلك، لأن الشرط لا يثبت المشروط بدونه، وإن كان يسيرا لم يمنع، لأنه لا يمكن التحرز منه، والمرجع في اليسير والكثير إلى العرف والعادة، لا حد له سوى ذلك، وقدره بعض أصحابنا بقدر الإقامة والوضوء، والصحيح: أنه لا حد له، لأن ما لم يرد الشرع بتقديره لا سبيل إلى تقديره، والمرجع فيه إلى العرف، كالإحراز والقبض، ومتى احتاج إلى الوضوء والتيمم، فعله إذا لم يطل الفصل، وإن تكلم بكلام يسير، لم يبطل الجمع، وإن صلى بينهما السنة، بطل الجمع، لأنه فرق بينهما بصلاة فبطل الجمع، كما لو صلى بينهما غيرها، وعنه: لا يبطل، لأنه تفريق يسير، أشبه ما لو توضأ، وإن جمع في وقت الثانية، جاز التفريق، لأنه متى صلى الأولى فالثانية في وقتها، لا تخرج بتأخيرها عن كونها مؤداة، وفي وجه آخر، أن المتابعة مشترطة، لأن الجمع حقيقته ضم الشيء إلى الشيء، ولا يحصل مع التفريق، والأول أصح، لأن الأولى بعد وقوعها صحيحة لا تبطل بشيء يوجد بعدها، والثانية لا تقع إلا في وقتها.
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى وهو يعدد شروط جمع التقديم: الموالاة بأن لا يطول بينهما فصل، لأنه المأثور ولهذا تركت الرواتب بينهما.
والله أعلم.