عنوان الفتوى : دراسة الموسيقى وخضوع النساء بالقول
أنا فتاة ملتزمة والحمد لله. أعمل في الحقل الدعوي بكافة مجالاته منذ نعومة أظافري. لاحظت خصاصا كبيرا في المجال الفني, بحيث يندر البديل الحقيقي. ارتأيت أن أتخصص في هذا المجال لكن هذا يتطلب علما بأصول وقواعد الفنون. غير أن كل المعاهد الموسيقية عندنا مختلطة. وقد سألت أحد الإخوان ممن يدرس بها عن طبيعة المناهج المتبعة. وتحديدا, إن كنت سأضطر للغناء أمام الأجانب. فأخبرني أني سأحتاج إلى ترديد النوتات الموسيقية. حاولت البحث في الفتاوى حول ما يتعلق بصوت المرأة, فلم أجد ما يوضح لي إن كان الخضوع بالقول هو الكلام أو الغناء المتكسر الماجن فحسب, أم أنه كل ما هو غير كلام جاد ومحدود. وبالتالي هل يجوز لي دخول هذا المعهد وتعلم الموسيقى بترديد المقاطع الموسيقية أمام الأستاذ والطلبة أم لا. ثم إن تساؤلا قد عرض لي أثناء بحثي في الموضوع, فالآية التي نهت عن الخضوع بالقول جاءت في سياق الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم.فكيف نميز بين الأحكام التي تختص بأمهات المؤمنين, وتلك الموجهة إلى كافة المؤمنات في شخص أمهاتهن
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على الأمور التالية:
_ التخصص في علم الموسيقى
_ الاختلاط بالأجانب في المعاهد
_ معنى الخضوع بالقول
_ كون الآية التي نهت عن الخضوع بالقول جاءت في سياق الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم
_ كيف نميز بين الأحكام التي تختص بأمهات المؤمنين, وتلك الموجهة إلى كافة المؤمنات في شخص أمهاتهن
فأما عن النقطة الأولى فإن الموسيقى يحرم فعلها والاستماع إليها بالإجماع. وقد حكى الإجماع على تحريم استماع آلات العزف ـ سوى الدف ـ جماعة من العلماء. ولك أن تراجعي فيها وفي أدلة تحريمها فتوانا رقم: 5282.
وقد بينا من قبل أن الدراسة في المؤسسات التعليمية المختلطة شر كبير، وخطر عظيم، ولا تجوز إلا في حالة الاضطرار أو الحاجة الشديدة. وراجعي في هذا فتوانا رقم: 2523.
وإذا كان أمرها كذلك في الحالة التي يراد منها تعلم أمور مباحة، فكيف يكون حكمها إذا كان موضوع الدراسة أمرا محرما؟
والخضوع بالقول هو ترخيم الصوت وترقيقه وإلانة الكلام للرجال بما يرغب الرجل في المرأة عادة.
وكون الآية التي نهت عن الخضوع بالقول وهي قوله سبحانه: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب:32} جاءت في سياق الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك لا يعني أن الحكم الذي أمرت به مقصور عليهن دون غيرهن من النساء، وإنما هو شامل لعامة النساء، بل عامة النساء أولى به منهن، لطهارة قلوب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعفتهن، واستقامة أصحابه وبلوغهم الدرجة العليا في الطهر والعفة.
وأما الكيفية التي يمكن أن نميز بها بين الأحكام التي تختص بأمهات المؤمنين, وتلك الموجهة إلى كافة المؤمنات من خلال شخص أمهاتهن، فنقول إن من القواعد الفقهية أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. أي أن كل أمر أو نهي صدر إلى إحدى أمهات المؤمنين أو غيرهن من الصحابة، فإنه موجه إلى كافة الأمة إلا أن يدل الدليل على الخصوص، وذلك باب واسع لا يمكن تفصيله في فتوى كهذه. وعلى الأخت الكريمة إذا كانت تريد التدقيق في معرفته أن تراجع كتب أصول الفقه، وهو لعمري تخصص أولى بها ـ وهي تعمل في حقل الدعوة ـ من التخصص في علم الموسيقى.
والله أعلم.