عنوان الفتوى : هل يُقبل زوجاً من يعمل بمهنة تستلزم منه الحكم بقوانين وضعية

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

تقدم رجل يعمل وكيل نيابة في مصر منذ فترة لخطبة أختي ( صيدلانية) وأنا أعرف جيدا مسألة الحكم بغير ما أنزل الله بشأن ( القاضي – التشريع العام – القضية المعينة- وضوابط وشروط تعيين الكفر وهكذا) فلما عرفت أنه يعمل في النيابة الإدارية وليست العامة عرضت الأمر علي أمي فرحبت فحددت معه موعدا للزيارة فجاء بصحبة أمه لزيارتنا في البيت وفي الحقيقة كانت أسرة طيبة وهو رجل طيب ويستحي ويصلي ويصوم كل اثنين وخميس وله أختان إحداهن تعمل في وزارة الخارجية والأخرى صحفية لا تعمل ولكنها قد تكتب أحيانا في مجال السياحة. فلما تحدثنا وتطرق الموضوع إلى وظيفته والعمل فيها أخبرني بأنه مختص بالتحقيق في الأعمال الإدارية الخاصة وكذلك في مجال التعليم والري والزراعة والصحة والتلفزيون والمحليات وأيضا قال لي إن هناك بعض القضايا الإدارية لا يستطيع فتحها لأنها تخص (ناس كبار) أو قد تسحب من تحت يديه من قبل رؤسائه ويقول لي (وأنا مالي) وقال لي أيضا إنه قد ينتقل إلى النيابة العامة للعمل فيها فلما تطرق الكلام عن التحاكم إلي القوانين الوضعية قال لي إنه ليس عنده مانع لفعل ذلك طاعة لولي الأمر. فلما انتهت الزيارة أخبرتني أمي وأختي بأنهما موافقتان وكذلك عرفت من رجل آخر صديق لوالدي رحمه الله يعد حلقة الوصل بيننا أنهم أيضا موافقون ومسرورون جدا فعندما كانت تستفسر أمي عن ردهم كنت أماطل في الرد وأقول أنهم يفكرون وعندما كان يسألني الرجل الذي هو حلقة وصل بيني وبينهم كنت أقول بأنهم يفكرون أيضا حتى أكون قد كونت رأيا مستشيرا في ذلك أهل العلم مع أنني كنت رافضا في نفسي ثم حيدت نفسي وصليت صلاة الاستخارة فلما رجعت إلي البيت وجدت أن الرجل الذي يعد حلقة الوصل بيننا قد اتصل بي في البيت فلم يجدني وتحدث إلى أمي وأخبرها بأن الناس موافقون ومسرورون وأخبرته أمي بأنها وأختي موافقتان مبدئيا فلما عرفت ذلك حسمت الأمر واتصلت بالرجل المتقدم وأخبرته بأنني رافض فلما علمت أمي بذلك حدث صدام بيني وبين جميع إخوتي في البيت وكذلك أمي وقالت لي إنني غير راضية عنك لأنك كذبت علينا، وقلت إنهم كانوا يفكرون وهم كانوا موافقين وكذلك قالت لي بأنك لا تحترمني وتتصرف من نفسك بدون التحدث معي وهكذا. فأصابها هم وغم شديد لأنني لي أربعة من الأخوات غير متزوجات وتقول لي بأنني أطفش العرسان وهذه الأيام لا يجد أحد العرسان وهكذا وطالما أنه طيب ويصلي إذن نوافق فقلت لها يا أمي إن الرجل الذي يعمل في مثل هذا العمل يكون واحدا من اثنين إما أنه يريد أن يغير إلى الحق كلما استطاع أو أنه يريد أن يعمل بوظيفة مرموقة ومرتب جيد ووضع اجتماعي مميز وهكذا وأظنه من النوع الثاني أما بشأن قولك بأنني كذبت عليكم فإنني لم أكذب ولكنني كنت أماطل لأني كنت أخشى أن يقع بيني وبينكم صدام أما قولك بأنني متعسف في اختيار العرسان أقول لها بأنني غير متزوج ومن مصلحتي أن أسرع بزواج أخواتي ولكنها الأمانة التي كلفني الله بها بعد موت والدي رحمه الله كما أقول لها إنني لست متشددا في اختيار العرسان إذ إنني لم أطلب بأن يكون المتقدم ذا لحية أو يكون غير مسبل أو شيئا من هذا بل إنني أشترط في المتقدم ( يصلي – يبر والديه- طيب- غير متكبر- يعمل عملا حلالا) فبماذا تشيرون علي وجزاكم الله خيرا مع العلم بأن أختي هذه غير ملتزمة ولكنها تصلي فقط

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الأولى والأفضل أن الذي تقبله المرأة أو وليها زوجا لها هو صاحب الدين والخلق الذي إذا أحب زوجته أمسكها بمعروف، وإذا لم تكن له رغبة فيها سرحها بإحسان. قال صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. أخرجه الترمذي. ولا يخفى ما في تزويج المرأة من الفاسق أو عادم الخلق من تعريضها للفساد في دنياها وأخراها.

فإذا تقرر هذا فإنا نقول للسائل: جزاك الله خيرا على حرصك على القيام بمسؤوليتك وعلى انتباهك على خطورة تزويج البنات من غير أكفائهن دينا وخلقا، ثم نقول: لا ريب أن هذا الرجل المذكور إن كان -كما ذكرت- يؤدي فرائضه وموصوف بالطيب أيضا إلا أن تلك المهنة التي يعمل فيها ويأتيه كسبه أو بعض كسبه منها لا شك أنها محرمة، حيث إنها تستلزم منه الحكم بالقوانين الوضعية والأمر بالحكم بها، وأقل أحوال ذلك إذا لم يكن مستحلا للحكم المخالف لشرع الله تعالى أو مفضلا له على حكم الله تعالى أنه معصية عظيمة، وتراجع للأهمية الفتوى رقم: 17605 والفتوى رقم: 48584

ولذا، فإننا ننصح السائل بالإعراض عن هذا الخاطب والله يعوضها خيرا منه ولن تعدم هي وأخواتك ـ إن شاء الله ـ أزواجا أكفاء تتوفر فيهم الصفات التي ذكرتها في السؤال. قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2-3} وقال صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه. رواه أحمد.

والله أعلم.