عنوان الفتوى : حكم الوصية للبنت المعاقة لرعايتها
أرجو أن تتفضلوا ببيان حكم الشرع في المسألة التالية: توفي رجل عن زوجة وولدين و10 بنات أصغرهن عمرها حوالي 30 سنة، وكانت قد ولدت معاقة عقلياً مما يستوجب توفير رعاية طبية دائمة لها وشراء علاجات مدى الحياة، تتضمن تركة المتوفى أموالا على هيئة أسهم كان قد اشتراها الرجل كاستثمار بعدة شركات ومصانع مساهمة، ولما كانت أنظمة العديد منها تحدد سقفاً لعدد الأسهم التي يمكن أن يمتلكها المساهم الواحد فقد قام ذلك الرجل بتسجيل جزء من تلك الأسهم بأسماء بعض أولاده وبناته، وأبلغ من سجل الأسهم بأسمائهم وبأسمائهن بأنه في حال وفاته تخصص تلك الأسهم لتغطية مصاريف علاج ورعاية أختهم المعاقة، وكان التبليغ في جلسات عادية في منزله دون أن يكتب وصية خطية بذلك كما أن بعض الورثة لم يسمعوا منه ذلك مباشرة، عند المباشرة بتوزيع التركة طالب الورثة ممن لم تسجل بأسمائهن أية أسهم بأن توزع قيمتها بين جميع الورثة، بينما رغبت الوارثات ممن سجلت الأسهم لهن بإنفاذ وصية والدهن ونقل الأسهم للأخت المعاقة والتي تولى الوصاية عليها رسمياً أخوها الأصغر وعمره حوالي 40 سنة لكون الأخ الأكبر مغتربا خارج الوطن، فما العمل في هذا الحال، هل تعتبر الوصية الشفهية ملزمة، وهل تعتبر الوصية للورثة بالصورة المذكورة شرعية، وما حكم عدم الإيفاء بها، وهل يعتبر عقوقاً وأكلاً للسحت، وهل يكون تخصيص الأسهم للبنت المعاقة بالكامل، أي قيمة الأسهم وعوائدها السنوية أم فقط العوائد دون بيع الأسهم نفسها باعتبارها مدرة للربح، أفتونا بحكم الشرع؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلو ثبتت هذه الوصية فإنها لا تصح لأن البنت الموصى لها وارثة، والوصية للوارث لا تصح ولو كان معاقا إلا أن يجيزها الورثة بشرط أن يكونوا رشداء بالغين أهلاً للتصرف، لما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية لوارث. وفي رواية الدارقطني: إلا أن يشاء الورثة.
وعلى ذلك؛ فإذا أمضى الإخوة الوصية جازت، وإلا فلا تجوز، وليس في ذلك عقوق، ومن أجاز منهم الوصية مضى ذلك في نصيبه دون غيره، وإذا تنازل الإخوة برضاهم لأختهم فلوكيلها التصرف في مالها بما هو أصلح من الاحتفاظ بالأسهم وأخذ ربحها ليصرف منه عليها... أو بيعها.
وهذه التركة تقسم حسب الآتي: للزوجة الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث، لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم {النساء:12}، وما بقي بعد فرض الزوجة يقسم على الأبناء للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11}.
وأخيراً نوصيكم جميعاً بالتفاهم والتصالح في هذه القضية، واحذروا أن تكون سبيلاً للشيطان ليوقع بينكم العداوة والبغضاء، وإن أمكنكم حلها بأنفسكم أو بمساعدة الصلحاء الرشداء من ذويكم فذلك الأفضل، وإن لم يمكن ذلك فارفعوا الأمر إلى المحاكم الشرعية فهي صاحبة الاختصاص في هذا الأمر.
والله أعلم.