عنوان الفتوى : الكهانة ليست نعمة ولا يثبت بها حكم شرعي
جزاكم الله كل خير على المجهودات التي تقومون بها، أنا فتاة أبلغ من العمر 30 سنة قبل 3 سنوات تعرفت على فتاة فأصبحت صديقتي، أختي الكبيرة كانت تعرف أختها وعائلتها، لم نر منهم إلا كل خير، المهم جاؤوا ليزورونا يوم العيد هي وأختها لم أكن أعرفها آنذاك وبدأنا نتحدت فوجدت ارتياحا اتجاهها، بعدها قالت لي أنها تريد أن ترى لي الكف كنت أظن أنها تضحك لكن أختها قالت بأنها تتنبأ بوقوع الأشياء وأنهم لا يريدون أن يعرف أحد بهذا، فعلا فلقد تفاجأنا بالأمر، المهم قالت لي بأنها تريد أن تراني لوحدي لأن هناك أموراً لا تريد أن تذكرها أمام أختي فنحن عائلة محافظة، فعلا دفعني الفضول إلى رؤيتها ثم قرأت لي الكف وقالت لي بأنني على علاقة مع شخص ومواصفاته وكل التفاصيل المتعلقة به وبعائلته وقد اندهشت وعن أموري، المهم أخذت الأمور بجدية فهي قالت بأنه يجب أن أتداوى بالدواء الذى سيقوله لها الملوك فهي ترى أحلاما تتحقق فهي يمكن أن تنظر في عينيك لتعرف ما يدور في بالك، ولقد وقعت معي مرات عديدة وأنا معها والملوك الذين يسكنونها قالت إنهم مؤمنون ويذهبون إلى الحج فهي ترسلهم لقضاء ما تريده، وأنهم لا يحبون الكفار، ولقد أمروها بالحجاب، قالت حتى أتزوج فهي تكبرني بـ 3 سنوات وتعمل المساج في الفنادق، نصحتها أن تتركه لأنه حرام، لكنها تقول إن نيتها هي إعالة عائلتها ومساعدتهم، فهي دائما تنصحني بالصلاة وقت الشدة وهي خدومة مع الكل…. أنا مؤمنة بأنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى فأنا أسرد لكم التفاصيل لكي تفهموا كل شيء.قالت لي يجب أن أتداوى لمدة 3 أيام بعدها إن كان الشخص الذي أريده معقولا سيأتي ويطلب يدي للزواج مباشرة، فعلت كل شيء كما أمرتني –الدواء عبارة عن غسل بالأعشاب كالورد والخزامى وإضاءة الشمعة كل ليلة… فعلا بإذن الله أتى وطلب مني الزواج، وقال بأنه مشتاق لي لحد الجنون وأنه يريد الارتباط بي اليوم قبل الغد طرت من الفرحة وأحسست بأن الله يحبني بأنه أرسل لي صديقتي لكي تساعدني رغم أنه لم تكن علاقتنا متعمقة جدا أو خارجة عن الحدود فهو كان يأتي عندي إلى العمل لم أخرج معه، لكن الفرحة لم تكمل فقد استشار إحدى البنات كانت لا تحبني فهي قالت له إني كنت على علاقة مع شخص آخر لأن هناك مشاكل مع عائلتها وعائلتي، المهم قبل أن يأتي ليخبرني بالأمر هاتفتني صديقتي وقالت إنها رأت حلما مزعجا وأنه يجب أن افترق مع ذلك الشخص لأنه قد تغير ويريد أن ينتقم مني، تعجبت من هذا الكلام لأنني لم أرد أن أتقبله، فعلا جاء ذلك الشخص وقال إن الفتاة حكت له أشياء انصدم من سماعها ثم ابتعد عني دخلت في كل أنواع الحزن والكل لاحظ ذلك المهم طلبت من صديقتي أن تساعدني فقالت بأنها تحبني ولو كان يصلح لي لعملت المستحيل، وقالت لي بأن الناس يحسدونني، فعلا فكل البنات تتمناه فهو من عائلة معروفة ووسيم جدا كلها عوامل تجعلني أتشبث به أكثر من قبل، وبعد أن رأت صديقتي حالتي التي تسوء يوما بعد يوم اقترحت علي أن أذهب إلى فقيه ربما يفعل لي شيئاً ذهبت عنده ولم أعد أكترث بشيء، المهم عندي هو أن يعود لي ويتزوجني، أعطاني شموعا لإضاءتها كل يوم فقد قال إنه كلما احترقت الشموع احترق قلبه، فعلا كان دائما يمر قرب المنزل ويتبعني ليراني من بعيد كأنه يحبني في صمت أو مرغوما عنه، عشت أياما من العذاب وفي دوامة مغلقة، في يوم جلست مع نفسي وقلت لماذا أتشبث بإنسان لا يريدني، هل فعلا يستحق كل هذا فقررت أن أنزع كل الأحجبة التي أعطاها لي الفقيه وكل ما يتعلق به لقد أحسست بارتياح بعدها فقررت أن أنساه، كان الأمر صعبا في البداية كنت أبكي كثيراً، لكني أضغط على نفسي، وفي يوم زارتني صديقتي وقالت بأنها ترى أحلاما مبشرة وأنه سيعود لم أعط الأمر أهمية، وفعلا لقد جاءت عندي صديقة أخرى تقول بأنها رأته ويطلب السماح لم أكترث للأمر، جاء رمضان فأحسست بقرب شديد من الله لم أحس به من قبل فلقد كنت أتابع حلقات عمرو خالد عن الحجاب تأثرت كثيراً فقررت من بعد رمضان أن أرتدي الحجاب، فصديقتي كالعادة تنبأت بالأمر قبل وقوعه وقالت بأن الشخص الذي أعرفه قد التزم يصلي ولا يفوته فرض فعلاً هذا صحيح ثم ارتديت الحجاب والحمد لله أعترف أنه كان سببا في حجابي، لكني بعد أن غطيت رأسي أنزل علي سبحانه وتعالى الرحمة فلقد قرأت كتب الإسلام ولحسن الحظ أعمل في شركة وعندي الإنترنت كلما انتهيت من العمل أدخل المواقع الإسلامية وأنعم الله علي بصحبة صالحة والحمد لله والآن والحمد لله أنا أحفظ القرآن، فعلا لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى أحبه كثيراً لأنني أحسست بحبه وأنه لا يظلم أحدا ورحمته واسعة جل جلاله، أنا مازلت على علاقة مع صديقتي لكنني أعلمتها بأن ما وهبها الله من هذه النعمة أن تستخدمها في الخير بأن تنبه أي واحد سيقع فيما يغضب الله وأن تعدني بأن لا تتنبأ لي بأي شيء حتى ولو كان صحيحا لأنه لا يعلم الغيب إلا الله وأنا لا أريد أن أفعل أي شيء يغضبه، فأنا أعمل ما بوسعي على مجاهدة النفس والابتعاد عن كل ما يوسوس النفس ويجعلها في حزن، وأنا دائما أحكي لها عن كل شيء لأنه تعجبني نصائحها طبعا أفعل هذا بعد أن صليت الاستخارة أولا، وفي بعض الأحيان أندم على ما حكيته لها لأنها تحبني جدا وأخاف أن تفعل شيئا دون علمي، مؤخرا تقدم لي شخص ثم لم يعد وقتها فتألمت ولم أرد أن أقول لها شيئا لأنني أستعين بالله وأتوكل عليه وأعرف أنه عسى أن نكره شيئا وهو خير لنا، فهي تتنبأ بهذا وتهاتفني لتقول لي بأنني بكيت.. وفعلا سبحان الله، كما أنني منذ أن عرفتها وأنا أرى أحلاما وفي بعض الأحيان تتحقق، ما رأي الشرع في كل هذا؟ جزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي أنعم عليك بالتوبة إليه فهي أعظم نعمة عليك، ونسأل الله أن ينور قلبك ويشرح للحق صدرك ويثبتك عليه، أما ما ذكر في السؤال عن تلك المرأة التي تتنبأ فهو نوع من الكهانة، وقد بينا حكمه في الفتاوى ذات الأرقام التالية فليرجع إليها: 28668، 58734، 55364، 57098، 59528.
وأيضا قراءة الكف نوع من الكهانة، كما بيناه في الفتوى رقم: 4311.
وأما ما ذكر في من كونها تعمل المساج في الفنادق فلا يجوز لما في ذلك من محاذير شرعية من كشف العورات ومس ما لا يحل، وراجعي الفتوى رقم: 18716، والفتوى رقم: 52595.
أما الشخص الذي ذهبت إليه فالذي يظهر من حاله أنه ساحر وما أعطاك إياه من شموع وأحجبة يدل على ذلك، واعلمي رحمك الله أنه لا يجوز الذهاب للكهان ولا سؤالهم، ومن فعل ذلك فقد وقع في كبيرة من الكبائر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد وأبو داود.
وأيضاً فإن ما يصدر عنهم من أقوال أو أخبار لا يثبت بها حكم شرعي أبداً، ولا يجوز أن يتعلق المرء بها أو يركن إليها، بل الواجب تكذيبهم وعدم تصديقهم، ومن تعلق بقولهم وكله الله إليهم وحرمه توفيقه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من تعلق شيئا وكل إليه. رواه أحمد والترمذي، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 59672، 18831، 6347، 3107.
أما وصفك كهانة تلك المرأة بأنه نعمة فلا يجوز، لأن الكهانة كبيرة من الكبائر توجب غضب الرب تعالى، بل قد تكون كفرا بحسب فاعلها، وعليه؛ فيجب عليك أن لا تصدقي من هذه المرأة شيئاً من الكهانة، وأن تنصحيها بترك الكهانة والتوبة إلى الله والإنابة إليه من كل ما صدر منها من محاذير شرعية، فإن أصرت على ما هي عليه وجب عليك هجرها في الله حتى تتوب، وراجعي للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 49348.
والله أعلم.