عنوان الفتوى : ادعاء علم الغيب قد يخرج صاحبه من الملة
بسم الله الرحمن الرحيم أختنا الوحيدة الحبيبة ندى ... سيكون لها في حياتها زواج لمرتين, الأول نتيجته الطلاق أبغض الحلال, وأما الثاني فسوف تعيش معه وتصبح أرملة, ومع كل الحزن والأسى والأسف الشديد أنَّ (***) سوف تشهد في حياتها جنازات جميع أفراد أسرتها وتبقى وحيدة حتى وفاتها. أقول قولي وأكتب لكم وأستغفر الله عز وجل لي ولكم, ومع الدعاء الجزيل لله بأن يتلطف بأختنا الوحيدة ويلهمها الصبر والثبات ويعزز من إيمانها دائما. في أمان الله ..أستودعكم السلامة "الحاج/ (**** ** *******) ____________________________________ شيخنا الفاضل.. ما هو التصرف المناسب لهذا الأمر خصوصا أنني المعنية في هذه الرسالة؟ أثق تماما بأن في الرسالة هو مجرد توقعات لا برهان لها ... وإن كان لديه برهان فهذا ما قدر الله وما علي سوى الرضا بقضائه خيره وشره ويجب علي أن أحتسب أجري عند الله وأسأله أن أكون من الصابرين وأن أكون ممن ذكرهم الله في كتابه الحكيم "الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ". لكن شيخنا الفاضل.. إنني أخشى على أخي أن ينال من الإثم لقوله هذا لأنه من علم الغيب.. فكيف يجب علي أن أتصرف عندما يقول لي هذا الكلام وما هي الطريقة المناسبة لإصلاح ما لديه من سوء فهم في أمر التوقع ؟ أيضا ... عندما أسأله كيف علمت ذلك ...يكون رده "علم الإنسان ما لم يعلم" ...أرجو الإفادة والرد على
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أن علم الغيب مما استأثر الله به، ولا سبيل للخلق للاطلاع عليه. قال تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل: 65}. وقال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ {الأنعام: 59}. وقال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ {الجن: 25-26}. وقال تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ {الأعراف: 188}. وروى الإمام مسلم عن عائشة قالت: ومن زعم أنه صلى الله عليه وسلم يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ. وما ذكره أخوك في رسالته هو نوع من أنواع الكهانة وادعاء علم الغيب الذي قد يخرج صاحبه من الملة، كما سبق بيانه في الفتاوى: 15284، 55364، 39659، فعليك بعدم الاكتراث بهذه المزاعم لأنها قائمة على التخرص والحدس ولا برهان عليها، بل ما سبق من أدلة يدحضها. كما يجب عليك نصحه بالتوبة من الكهانة وبيني له خطورة ما يقوم به وحذريه من التمادي في ذلك، فإن لم يرجع وجب عليك هجره في الله إن كان في هجره المصلحة حتى يتوب إلى الله ويرجع عما يفعل، ولمعرفة ضوابط الهجر في الله راجعي الفتوى رقم: 53017.
أما استدلاله بقوله تعالى: عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ {العلق: 5}. فاستدلال فاسد، لأن المقصود بالآية كما يقول المفسرون: علمه ما لا يعلم من الصنائع والخط وغير ذلك، أي من العلوم التي تكتسب، أما علم الغيب فلم يطلع الله عليه أحدا إلا من ارتضاه الله للرسالة أطلعه على ما شاء من غيبه. قال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ {الجن: 25-26}. وأما غيرهم فكل من ادعى علم الغيب فهو كذاب.
والله أعلم.