عنوان الفتوى : شرح حديث(لو كنت آمرأ أحدا أن يسجد لأحد..)
هل حديث النبي صلى الله عليه وسلم " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " مؤكد وهل إذا كان مؤكدا هل هو ينطبق على أي زوج أم أن الحديث الشريف قد ينطبق على خصوصية من الناس فليس من المعقول أن يكون الزوج الذي لا يرعى الأسرة ويجلس على المقاهي ويترك الأبناء ويترك زوجته تؤدي جميع طلبات الأسرة بمفردها وماله حرام ويشرب السجائر ويغضب إذا تكلمت زوجته وراجعته ويأخذها في أوقات التي حرم الله فيها المعاشرة كل هذا والزوجة تسجد لزوجها ؟؟؟؟ ولي شواهد في ذلك فعندما غضبت السيدة فاطمة رضي الله عنها من سيدنا علي بن أبي طالب بسبب علمها بأنه خطب ابنة أبي جهل قد تركت حجرته وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فغضب من سيدنا علي ولم نجده أخذها وأرجعها إلى حجرتها علشان لا يغضب منها زوجها والملائكة تلعنها بل أصر أن يخاطب سيدنا عليا وعنفه أن لا يغضب السيدة فاطمة وقصة أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الإفك عن السيدة عائشة رضي الله عنها فكان النبي صلى الله عليه وسلم غاضبا منها ولكن لم يذكر أن الملائكة كانت تلعنها كل يوم لأنها كانت مظلومة برغم طول المدة وكان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يراجعونه ولم يغضب منهم كما في سورة التحريم وخلاصة قولي أقول إن هذا الحديث له شروط وليس عاما وهو أن يكون الزوج يتقي الله في أسرته ويطعمهم الحلال ويرعاهم ويلبي طلباتهم ولا يبخل عليهم ولا يكون متجنيا على زوجته في شيء ولا يتخذ هذا الحديث في أن يفعل ما يشاء حتى ولو كان يغضب زوجته خوفا من إغضابه والحديث الآخر أيضا " عن أم سلمة رضي الله عنها قال الرسول عليه الصلاة والسلام أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة " وهذا أيضا ينطبق على ما أقول والله المستعان وأرجو من فضيلتكم التعليق على هذا لأنني في حيرة كبيرة ولا أريد أن أغضب الله ولا أستطيع أن أسير في حياتي الأسرية بهذا المنطلق وجزاكم الله كل خير وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحديث: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد ..الخ رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وهو حديث صححه أهل الحديث. ولا يدل هذا الحديث على أن المرأة تسجد لزوجها؛ بل ذلك حرام عليها إن فعلته على وجه الاحترام، وكفر إن فعلته بقصد التعظيم كتعظيم الله، وإنما يفيد الحديث وجوب طاعة المرأة لزوجها واحترامها له .
وأما سؤلك هل هذا الحديث على عمومه أم لا ؟
فالجواب: هو على عمومه في كل زوج فعل ما عليه من الحقوق تجاه زوجته من نفقة وسكنى ومعاشرة بالمعروف، أما إن كان الزوج قد فرط في ذلك أو في بعضه فإنه لا يستحق تلك الطاعة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل لها أن تخرج من بيته لبيت أهلها أو المحكمة للمطالبة بحقها والمطالبة بإنصافها، ولكن إذا تنازلت المرأة عن حق النفقة أو السكنى أو المبيت فليس لها أن تمتنع عن طاعته بحجة عدم قيامه بما عليه من واجبات؛ إذ من حقها أن تطالبه بحقها، فإذا أسقطت حقها أو سكتت عنه لم يكن لها أن تفرط في حقه عليها .
ومراجعة المرأة لزوجها في أمر من أمور حياتهم ليست ذنبا تستحق المرأة عليه العقاب، وما ذكرته الأخت السائلة من مراجعة نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لرسول الله من ذلك، بل قد يكون في مراجعة المرأة لزوجها خير ورأي سديد .
وأما بشأن نكاح الزوج لزوجة ثانية وثالثة ورابعة فهو حق له من الله تعالى، وليس للمرأة أن تفرط في الحق الذي أوجبه الله عليها لزوجها بسبب فعله لما أباح الله له.
وأما بشأن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو أمر خاص.قال الإمام النووي في شرح مسلم حيث قال رحمه الله تعالى: قال العلماء: في هذا الحديث تحريم ايذاء النبي صلى الله عليه وسلم بكل حال وعلى كل وجه وإن تولد ذلك الإيذاء مما كان أصله مباحا وهو حي، وهذا بخلاف غيره. قالوا: وقد أعلم صلى الله عليه وسلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعلي بقوله صلى الله عليه وسلم: لست أحرم حلالا. ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين:
إحداهما: أن ذلك يؤدي إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم فيهلك من آذاه، فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي وعلى فاطمة.
والثانية: خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة.
وقيل: ليس المراد به النهي عن جمعهما بل معناه: أعلم من فضل الله أنهما لا تجتمعان، كما قال أنس بن النضر: والله لا تكسر ثنية الربيع.
ويحتمل أن المراد تحريم جمعهما، ويكون معنى لا أحرم حلالا، أي لا أقول شيئا يخالف حكم الله فإذا أحل شيئا لم أحرمه، وإذا حرمه لم أحلله ولم أسكت عن تحريمه لأن سكوتي تحليل له، ويكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنت نبي الله وبنت عدو الله .اهـ
والله أعلم .