عنوان الفتوى : هل يسأل العبد ربه الغنى وسائر أمور الحياة
أجد دائما صعوبة في الدعاء وخاصة ما يتعلق بالجوانب المادية بالحياة, وسؤالي هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بأشياء من الحياة, يعني هل سبق له بأن دعى الله أن يرزقه الغنى مثلا, وهل دعا أن يرزقه الله تعالى بشيء من الكماليات, أي غير الصحة والعافية والنصر على الأعداء..... وهناك حديت نبوي مفاده أنه من ترك الدعاء لنفسه أعطاه الله من أحسن ما يعطي خلقه, ما مغزى هذا الحديت؟؟ وما هو خير الدعاء, اي الدعاء الدي يرضي الله ويشتمل على القناعة والرضا جزاكم الله كل خير عن مجهودكم وأرجو منكم الرد الواضح, لأني و الله أستحي جدا جدا من أن أطلب شيء لنفسي من هذه الدنيا وفي نفس الوقت أجد " اسألوا الله حوائجكم" و أجد "ادعوني أستجب لكم" ثم ما هي مشروعية أن تطلب مثلا الشيء الفلاني أو الشخص الفلاني ثم مع الوقت تغير الدعاء وتطلب شيئا آخر لأن الأول لم يحصل وربما يجب فقط الصبر و الإلحاح في الدعاء, أرجوكم أفيدوني أحس بحيرة تمنعني من الدعاء وتخلق لدي استحياء حتى أجد أنني أدعو للكل إلا نفسي. أفيدوني آجركم الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله سبحانه وتعالى أمر عباده بدعائه ووعدهم بالإجابة فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60}. وقال: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا {النساء: 32}.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء، وكان يعلم الناس كيف يدعون، والدعاء هو رأس العبادة، وأما هل كان صلى الله عليه وسلم يدعو بأشياء مما يتعلق بأمور الحياة أي أمور الدنيا فالجواب نعم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الفقر والفاقة ومن الذلة ويستعيذ به من المأثم والمغرم ومن غلبة الدين وقهر الرجال، وهذا كله ثابت في الأحاديث، وكان يدعو اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. قال:النووي وغيره والغنى عنده صلى الله عليه وسلم غنى النفس، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدعو الله الغنى بمغنى كثرة المال، بل إنه كان يدعو ويقول: اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا، كما في الصحيحين، فلم يكن صلى الله عليه وسلم يريد من الدنيا إلا الكفاف له ولأهله، لكن هذا لا يعني عدم جواز سؤال العبد لله تعالى أن يوسع له في رزقه مثلا أو يعطيه كثيرا من المال الحلال أو الأولاد أو الزوجة الصالحة مثلا أو نحو ذلك من المباحات، فمن كان يريد أن يدعو الله ذلك فهو جائز ومن كان يحب التقلل من الدنيا فله ذلك، والأمر في هذا واسع، والحديث الذي أشار إليه السائل لعله يريد به ما رواه الترمذي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الرب عز وجل: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين إلى آخر الحديث، وهذا إنما فيه اشتغال عن المسألة بالذكر، ومن ذكر الله عز وجل دعاؤه، وفي الذكر حمد وثناء على الله تعالى، وفي حمده سبحانه طلب للمزيد من نعمه، فليس في هذا الحديث ما يمنع من سؤال الله عز وجل حاجات الدنيا، ولكن فيه تنبيه إلى فضيلة الاشتغال بالذكر وأن ذلك يحقق للعبد مراده ومطلوبه.
وخلاصة القول أن للسائل أن يسأل الله تعالى ما شاء من الأمور المباحة ولبيان بعض الأدعية المأثورة الجامعة بين خيري الدنيا والآخرة طالع الفتوى رقم: 3570 والفتوى رقم 1061.
واعلم أن الحياء من الله ليس معناه الإعراض عن دعائه ولكنه أن تستحي منه أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك، وللفائدة طالع الفتو رقم: 19525.
ثم إن الانتقال من طلب إلى طلب آخر مثل ما ذكرت لا شيء فيه، والأولى للعبد أن يسأل الله عز وجل الخير حيث كان ويسأله أن يرضيه به.
ولمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع طالع الفتاوى التالية: 32562، 30668، 23425.
والله أعلم.