عنوان الفتوى : حليف القوم منهم
بسم الله الرحمن الرحيمرداً على موضوع الانتماء إلي قيبلة أخرى .الفتوى رقم 46945 بتاريخ 23 صفر 1425 . فهل تطلبون منا وفقاً للفتوى الصادرة منكم والتي يوزعها ابن عمنا على كل من هب ودب وكأننا كفرنا بالله وبالرسول هل تطلبون منا نحن الآمنون في أوطاننا المندمجون كبوتقة واحدة مع قبيلة وفية ارتضاها لنا أجدادنا منذ ثلاثة قرون مقرة لنا بأصلنا الذي لم ننكره يوماً ولم ينكره علينا أحد أن نفك انصهاراً قوياً وارتباطاً وثيقاً ونوقظ فتناً نائمة مراضاة لسائل لا يفقه شيئاً كان حرياً به أن يسأل أهل المشايخ والعلم في بلده و للأعراف السائدة كما هو موضوع ردكم الأول عليه والذي لم يشف صدره المملوء حتى عاود الكرة عليكم ووضع لكم مقدماته الخاطئة لتعطونه الإجابات الخاطئة، وهذا هو الرد على ما يقوله ابن عمنا. المجتمع الليبي مجتمع قبلي تحكمه الأعراف الاجتماعية يتكون من مجموعة من القبائل العربية التي قدمت من شبه الجزيرة العربية في الألف الميلادي الأول وفي العصر الفاطمي تحديداً ولقد تداخلت بعض بطون هذه القبائل في بعضها البعض نتيجة للصراعات والتدافع ونتيجة لذلك للتحالفات والمصاهرة والبحث عن المواطن الآمنة ............. نحن عائلة اسمها ( القريد وإسعيد ) نسكن منطقة الواحات جالو ننتمي بالأصالة إلي قبيلة عريقة إسمها ( الجوازي ) تعود في أصلها إلي بطن من بطون قبائل بن سليم نزح معظمها من ليبيا إلي مصر في عصر يوسف باشا القرمنلي (العصر التركي) منذ حوالي ثلاثمائة سنة بسبب صراع هذه القبيلة مع إخواتهم من القبائل الأخرى على المراعي وبسبب صراعهم مع يوسف باشا على النفوذ فيما بقي من هذه القبيلة عائلات نشأت لم ترحل إلي مصر رغم ضغط مطرقة يوسف باشا والقبائل المتحالفة عليهم من هؤلاء الكثر رجلان هما ( القريد وإسعيد ) أصل عائلتنا التي تتكون من ثلاثمائة رجل حالياً فضلا عدم النزوح إلي مصر وانضموا تحت جناح قبيلة شقيقة وحليفة لقبيلة الجوازي واسمها المجابرة تلتقي هاتان القبيلتان في جد مشترك اسمه جبريل يعود إلي بطون قبائل بني سليم ... ولقد عاملت تلك القبيلة أجدادنا منذ ذلك الزمن البعيد عاملتنا وأولادنا وأحفادنا بكل ود واحترام ولأجدادنا من الأملاك والأراضي ما يفوقون به الكثيرين ولنا من الوجاهة والإكبار ما لا يخفى ولم نشعر يوماً بأية مضايقة أو إهانة إطلاقاً بل انصهرنا معاً مع تلك القبيلة وصرنا لحمة واحدة وتعاضدنا في كل أوقات الشدة والرخاء ولم يعاملنا أحد يوماً كأغراب كما يدعي السائل السابق زوراً وبهتاناً علماً بأن قبيلة المجابرة التي انضوى أجدادنا تحت جناحها تحتوي بطونها على عائلات مثلنا من قبائل شتى انتمت إليها في فترات تدافع القبائل وبحث الإنسان عن الوطن الآمن آنذاك ولما يتحلى به أهلها من تدين ومن خلق وكرم وشهامة هي حديث لسان كل الليبيين والزائرين والوافدين ... ... علماً أننا نحن عائلة ( القريد وإسعيد ) مازلنا نحتفظ ونعتز بإسم قبيلة الجوازي التي ننتمي لها بالأصالة رغم انضوائنا تحت جناح قبيلة المجابرة ولم ينكر علينا طوال هذه العقود أحد ذلك ... ... فهل تطلبون منا وفقاً للفتوى الصادرة منكم والتي يوزعها ابن عمنا على كل من هب ودب وكأننا كفرنا بالله وبالرسول هل تطلبون منا نحن الآمنون في أوطاننا المندمجون كبوتقة واحدة مع قبيلة وفية ارتضاها لنا أجدادنا منذ ثلاثة قرون مقرة لنا بأصلنا الذي لم ننكره يوماً ولم ينكره علينا أحد أن نفك انصهاراً قوياً وارتباطاً وثيقاً ونوقظ فتناً نائمة مراضاة لسائل لا يفقه كان حرياً به أن يسأل أهل المشايخ والعلم في بلده و للأعراف السائدة كما هو موضوع ردكم الأول عليه والذي لم يشف صدره المملوء حتى عاود الكره عليكم ووضع لكم مقدماته الخاطئة لتعطوه الإجابات الخاطئة كما يقول أهل المنطق وهو ما تحقق له وللأسف عبر فتواكم الأخيرة والتي ها نحن أيها الأستاذة الأجلاء نرد عليها راجين تصحيحها بعد أن سببت من الحرج والمشاكل ما لم تتوقعوا علماً أننا لم ولن نذهب نحن الثلاثمائة رجل رشيد خلف عقل ابن عمنا مادام لنا عقل يفهم ويعي الحياة ولو أشعل بكل حطب الدنيا فتنا ." فتبينوا "
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبت نهي الشارع عن ادعاء الإنسان نسباً غير نسبه الأصلي فقد روى البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى إلى غير أبيه -وهو يعلم أنه غير أبيه- فالجنة عليه حرام. وقد روى البخاري ومسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر.
وقد روى مسلم أيضاً من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.
وروى البخاري ومسلم أيضاً من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار.
قال ابن دقيق العيد في كتابه إحكام الأحكام في شرح حديث أبي ذر رضي الله عنه: ليس من رجل ادعى لغير أبيه.... الحديث: يدل على تحريم الانتفاء من النسب المعروف، والاعتزاء إلى نسب غيره، ولا شك أن ذلك كبيرة لما يتعلق به من المفاسد العظيمة.
وقد وضح أهل العلم معنى الكفر المذكور في الحديث فقد قال النووي: فيه تأويلان: أحدهما: أنه في حق المستحل -أي من استحل فعل هذا مع علمه فقد كفر-، الثاني: أنه كفر النعمة والإحسان وحق الله تعالى وحق أبيه. انتهى.
وقد رجح ابن حجر في الفتح أن المراد كفر النعمة وأن ظاهر اللفظ غير مراد وإنما ورد على سبيل التغليظ والزجر لفاعل ذلك ، أو المراد بإطلاق الكفر أن فاعله فعل فعلا شبيها بفعل أهل الكفر، وقال رحمه الله: وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف والادعاء إلى غيره وقيد في الحديث بالعلم ولا بد منه في الحالتين إثباتاً ونفياً لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمد له.
وعلى هذه الأدلة بنينا فتوانا السابقة في تحريم الانتساب لغير الأب، ولم نبن فتوانا على ما قلت إنها مقدمات خاطئة في سؤال ابن عمكم، فالانتساب إلى غير النسب الأصلي لا يجوز سواء كانت القبيلة التي تنتسبون إليها تحترمكم أو تهينكم، وأما من كانت بينه مع قبيلة علاقة خؤولة أو حلف مع احتفاظه بنسبه الأصلي فلا حرج عليه في هذا الحلف ولا في الاحتفاظ باتصاله وعلاقته مع تلك القبيلة مع احتفاظه بنسبه الأصلي، ويدل لهذا ما في حديث الصحيحين: إن بنت أخت القوم منهم.
وفي صحيح البخاري: أن حاطباً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني كنت امرأ من قريش ولم أكن من أنفسهم. قال ابن حجر في شرحه: قوله كنت امرأ من قريش أي بالحلف لقوله بعد ذلك ولم أكن من أنفسهم قوله كنت امرأ من قريش ولم أكن من أنفسهم ليس هذا تناقضاً بل أراد أنه منهم بمعنى أنه حليفهم وقد ثبت حديث حليف القوم منهم. انتهى كلام ابن حجر.
ولا يعارض هذا حديث مسلم لا حلف في الإسلام فالمراد به حلف التوارث والحلف على ما منع الشرع منه، وأما التحالف على طاعة الله ونصر المظلوم والمؤاخاة في الله تعالى فهو أمر مرغب فيه، كما قال النووي وابن حجر.
فالحاصل أنا بينا في الفتوى السابقة تحريم ترك الإنسان نسبه الأصلي وادعاءه نسبا غيره ولم ندع لفك علاقات الحلف والصداقة مع قبيلة أخرى ما لم تكن فيما لا يرضي الله تعالى، هذا وننصحكم بالحرص على حل مشاكلكم بالتي هي أحسن والحرص على البعد عن الوقوع فيما يجر للوقوع في تباغض الأرحام.
والله أعلم.