عنوان الفتوى : تهافت دعوى أن الأحاديث الصحيحة تعارض العلم
ما هي العلل في الأحاديث النبوية؟ وهل يجوز إسقاط الأحاديث الصحيحة لأن العلم يعارضها بحجة أنها صارت معلولة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعلة عبارة عن سبب غامض خفي قادح مع أن الظاهر السلامة منه، ويتطرق إلى الإسناد الجامع شروط الصحة، وتدرك بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له مع قرائن تنبه العارف على وهم الراوي بإرسال أو وقف أو دخول حديث في حديث أو غير ذلك . قال السيوطي: ولم يتكلم فيه إلا القليل كابن دقيق العيد وأحمد والبخاري ويعقوب بن شيبة وأبي حاتم وأبي زرعة والدراقطني، قال الحاكم: والحجة عندنا بالحفظ والفهم والمعرفة لا غير.اهـ. من تدريب الراوي.
وتعرف العلل بجمع الطرق والنظر فيها، فإن تبين أن أحد الرواة رفع موقوفا، أو وصل مرسلا، أو أخطأ في راو، أو له أوهام، أو يخالف الثقات رُدّ حديثه واعتبرت علة قادحة. فالحديث إذا اتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه وسلم من الشذوذ والعلة القادحة صح وإلا فلا.
أما دعوى أن الأحاديث الصحيحة تعارض العلم فمحال أن يتعارض حديث صحيح مع علم، ولكن قد تتعارض السنة الصحيحة مع النظريات التي لم تصل لحد الحقائق العلمية. وعليه، فلا يجوز ردّ الأحاديث الصحيحة بدعوى معارضتها العلم لأن الواقع ليس كذلك، بل لا زال العلم يشهد للقرآن والسنة بالصحة، قال ابن تيمية: ما علم بصريح العقل لا يتصور أن يعارضه الشرع البتة، بل المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح. وقال: ووجدت ما يعلم بصريح العقل لم يخالفه سمع قط، بل السمع الذي يقال إنه يخالفه، إما حديث موضوع أو دلالة ضعيفة. اهـ. وقال ابن الجوزي: إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول أويناقض الأصول فاعلم أنه موضوع. وقال السيوطي: ومعنى مناقضته للأصول أن يكون خارجاً عن دواوين الإسلام من المسانيد والكتب المشهورة. اهـ.
والله أعلم.