عنوان الفتوى : تعلم أمور الدنيا لا يتنافى مع تعلم الدين
أنا طالب تونسي في حيرة من أمري عندي الكثير من الأمور عجزت عن ترتيبها والحيرة تتمثل في الرغبة في طاعة الله، لكن لا أدري كيف ذلك، طبيعة الدراسة عندنا (فتيان، وفتيات) تكوين دنيوي بحت (رياضيات، فيزياء...) كثرة ساعات الدراسة إضافة إلى ما تستحقه من وقت لمراجعتها، أوقات الدراسة لا تراعي أوقات الصلاة (بل أحياناً لا نستطيع أن نأتي بصلاة الجمعة) حيرتي تتمثل في الرغبة في مزاولة العلوم الدينية (يتطلب الخروج إلى إحدى الدول العربية)، تعلم العلوم الدنيوية للمساهمة في رقي الأمة الإسلامية (مع ما وضحته من كيفية الدراسة)، فأرجو أن ترتبوا لي ما يجب علي أن أفعله حسب الأولوية الشرعية مع توضيح حكم كل واحدة منها (علما بأنني شاب في 20 طالبا في تونس؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يعينك على طاعته ويعرفك ما يجب عليك من أمور دينك، وييسر لك الخير.
وأعلم أن حفظ المرء لدينه مقدم على جميع المصالح، لأنه وسيلته الوحيدة للنجاة يوم القيامة، والصلاة هي الركيزة الثانية من الركائز التي بني عليها الإسلام، وتأخيرها عن وقتها من أعظم المحرمات، قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، وقال تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء:103}.
والتخلف عن صلاة الجمعة من أسباب الختم على القلوب والعياذ بالله، ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين.
وإذا تخلف المرء عن ثلاث جمع كان ذلك أشد، روى أصحاب السنن وأحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه.
ثم إن فتنة الفتيان بالفتيات من أخطر الفنن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. متفق عليه.
وعليه فما ذكرته من أحوال المؤسسة التي أنت فيها يبين أن أولى أولوياتك هو الانتقال إلى بلد تحفظ فيه دينك وتتعلم أحكام شرعك، وليس يلزم أن يكون هذا البلد عربيا، بل كل البلاد الإسلامية تصلح لذلك، وإذا تعلمت أمور دينك أمكنك أن تخدم نفسك وتخدم الأمة الإسلامية، وتعلم أمور الدنيا لا يتنافى مع تعلم الدين.
والله أعلم.